إلى النقطة الأعمق في النفس البشرية
كتاب >>>> روايات ومقالات
هو مؤلف وأستاذ موسيقيٌّ مرموق ومبدع، ولكنَّه كان يعاني خللًا واحدًا غير مفهوم، وهو أنَّه لا يميز وجوه طلابه أبدًا، ومع ذلك، كانت لديه قدرة غريبة على تمييزهم من طرائق عزفهم أو إيقاع خطوات أقدامهم ومن أصواتهم عندما يتحدثون طبعًا.
ولم يكتفي بهذا، بل كان يخاطب الجمادات في القاعة؛ إذ ينظر إلى الكرسي -مثلًا- ويحدِّثه على أنَّه شخص، وكان الطلاب يعتقدون أنَّه يمزح.
وقد سُلِّط الضوء في هذا الكتاب على حالات عدَّة مصابة بمرض عقلي؛ فكل خلل في الدماغ يؤدي إلى مرض معين.
ويقول أوليفر في كتابه: "شخصية المريض مؤثرة تأثيرًا أساسيًّا، ولا يمكن الفصل بين المرض والهوية الذاتية".
إضافة إلى أنَّه شرح الفقد بأسمى معانيه، وعرَّفه على أنه الكلمة المنفصلة في علم الإعجاب، وهي تعني" العجز" حرفيًّا.
ولم يعالج إلا تلك الوظائف المتعلقة بالنصف الأيسر من الدماغ؛ إذ أنَّ هذا النصف هو الأكثر تعقيدًا وتخصصًا.
وقد تحدث عن قصص العمه البصري وسوء التقدير البصري؛ إذ يرى القبعةَ أشكالًا مختلفة عمَّا هي، ومن هنا جاءت التسمية.
إضافة إلى أنَّه تحدث عن فقد النطق والعمه الحركي، وكيف توقف الزمن برجل فَقَدَ الجانب العاطفي والملموس الشخصي للأشياء كليًّا عام 1945 في أثناء الحرب، وكيف كانت تأخذ الموسيقا مكان الصورة دائمًا، وأنَّه لم يكن هناك وصفات طبية لحالته، فكان رجلًا ليس لديه أمس، ومع أنَّه لا يعاني أيَّة صعوبة في متابعة الموسيقا، لكنَّه لا يستطيع تذكُّر الأشياء أكثر من بضع ثوان؛ فهو رجل فقد ثلاثين سنة من حياته في ذاكرته.
ولكن، كان لدى المصابين مقدرة خارقة تعوِّضهم دائمًا، وحتى في الحالات الأكثر مأساوية؛ مثل أولئك الذين يعانون من مرض الحُسبة، فهؤلاء الناس حساسون تجاه الزيف، ويملكون أُذنًا لا تُخطئ، والمرء لا يستطيع أن يكذب عليهم.
وقد تطرَّق إلى حالات نادرة؛ مثل الشعور بالنقص العام لامرأة؛ وكان سبب هذا الانفصال الجسدي الذي كانت تعانيه أنَّها مثقوبة النخاع.
ومن القصص الغريبة له، كانت قصة طالب عمره 22 سنة، واقع تحت تأثير المخدرات، ولكنَّه يستطيع أن يميِّز كل أصدقائه بواسطة الرائحة، وقد خضع لعلاج واختفت حاسَّته القوية للروائح.
وأمَّا "ألم الخيال"، فهي حالة رجل دخل المستشفى؛ لأنَّه اعتقد أنَّ رجله كسولة، فيما ظنَّ بعد أيام أنَّها منفصلة عن جسده، وقد خاف كثيرًا؛ إذ كان يتكلم على الأطراف الخيالية في جسده.
وعرَّف الكاتب متلازمة "توريت"؛ المتلازمة التي تُشكِّل حلقة مفقودة بين الجسد والعقل؛ فيبدو المصاب فيها وكأنَّه سكران طوال الوقت، والخضوع إلى علاج في هذه الحالة مُمل وطويل على حدِّ قوله.
ويقول في كلتا الحالتين: ليس هناك حرية حقيقية، "الألم العظيم وحده هو المحرِّر النهائي للروح".
وتحدث عن قصة فتاة من الهند أيضًا، اشتملت أحلامها على أُناس هم أفراد عائلتها عادةً، وكان هناك كلام ورقص أحيانًا، فقد كانت مصابة بـ" ذهان الستيرويد"؛ إذ يكون المرء مُثارًا وغير منظم غالبًا، وتكون كل الصور الوهمية في ذاكرتها "ذكريات".
وهكذا، ستتعرف في هذا الكتاب إلى كثير من المصطلحات والأفكار التي لم تعرفها من قبل، وستفهم كثيرًا من المفاهيم التي تُعرِّف النفس البشرية.
إنَّه كتاب يجمع بين الأمراض النفسية وأعماق النفس البشرية بمرافقة الموسيقا.
معلومات الكتاب:
اسم الكتاب: الرجل الذي حسب زوجته قبعة.
اسم الكاتب: أوليفر ساكس.
اسم المترجم: رفيف غدار.
دار النشر: الدار العربية للعلوم ناشرون.
عدد الصفحات: 302 صفحة.