خطر بطارية تسلا العملاقة
الهندسة والآليات >>>> التكنولوجيا
بدأ الأمرُ برهان عن طريق تويتر بين رجلَي الأعمال المليارديريين مايك كانون بروكس و إيلون ماسك؛ إذ عرض الأخير بناءَ بطارية ضخمةٍ في غضون 100 يومٍ فقط، وفي حال تأخره عن الميعاد؛ فإنَّها ستكون مجانية! وقد تمكَّن من تحقيق طموحه العظيم وتشغيل البطارية بيوم واحد قبل الميعاد المحدَّد، ومن ثم بَنت شركة تسلا أكبر بطارية ليثيوم أيون في العالم في ولاية بجنوب أستراليا بقدرة تبلغ مئة ميغاواط، والآن وبعد مرور عام من نقل الطاقة الكهربائية إلى الشبكة الكهربائية العامَّة؛ يُمكننا القول بأنها حقَّقت نجاحًا ملحوظًا مع وجود بعض الملاحظات التي تمكَّنت من الإفلات حتى الآن. 1- هنا 2- هنا 3- هنا
نجحت البطارية العملاقةُ بتسهيل عمليات الشبكة الكهربائية العامة اليومية بجنوب أستراليا، وساعدت بتفادي انقطاعات التيار الكهربائي المتكررة، وحققت مكسبًا ماديًّا كبيرًا يُقدَّر بقرابة 23.8 مليون دولار أسترالي في النصف الأول من سنة 2018 عن طريق بيع الكهرباء المخزَّنة والمساهمة في استقرار الشبكة الكهربائية؛ وحفَّزت هذه النجاحات استثمارات اجترار الطاقة الكهربائية من البطاريات العملاقة في أستراليا، ومن المتوقَّع أن تجذبَ الصناعة العالمية باستثمارات بقيمة 620 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2040. من الواضح أنَّ البطارياتِ الكبيرة ستؤدي دورًا كبيرًا في مستقبل الطاقة، ولكن ليست كلُّ جوانب بطارية تسلا العملاقة إيجابية؛ إذ إنَّ مكونات البطارية العملاقة ليست بالتحديد صديقةً للبيئة، وبجعل الناس يشعرون بالرضا عن الطاقة التي يستهلكونها في أثناء فصل الصيف؛ فهي بذلك تروِّج لسلوك غير صحي لاستهلاك الطاقة.
Image: Photo by Kevork Djansezian/Getty Images
مشكلة بطارية الليثيوم:
تتكوَّن حافظة الطاقة هورنسديل - Hornsdale من المئات من وحدات تخزين تسلا التي تتكون كلٌّ منها من 16 حجرة بطارية تشبه الموجودة بسيارة تسلا S، إذ تحتوي كلُّ حجرةٍ بطارية على آلاف خلايا ليثيوم - أيون الصغيرة؛ ومن ثمَّ فإنَّ الطلب المتزايد على بطاريات الليثيوم أيون ينطوي على مجموعة من التأثيرات البيئية؛ ومنها مسألة إعادة تدوير هذه البطاريات بالطرائق المثلى؛ ممَّا يوفر فرصًا وتحدياتٍ كبيرة، وتدَّعي حافظة الطاقة هورنسديل أنه عندما تتوقف البطاريات عن العمل (في غضون 15 عامًا تقريبًا)؛ ستُعيد تسلا تدويرها جميعًا في مصنعها Gigafactory في نيفادا، إذ تستعيد ما يصل إلى 60٪ من المواد، ومن الضروري أن تُتابَع تسلا في ادعائها السابق؛ إذ وُجِد تقريرٌ من CSIRO أنَّه في عام 2016 جُمِع 2% فقط من بطاريات الليثيوم أيون في أستراليا لإعادة تدويرها في الخارج.
تحتوي البطاريات على عدد من المعادن الثقيلة والمواد الكيميائية السامة، وقد أثار التخلُّص منها -بطريقة التخلص نفسها من القمامة العادية- المخاوف بشأن تلوث التربة وتلوث المياه.
إعادة تدوير بطاريات الليثيوم أيون:
قبل البدء بالصهر؛ يُفصَل البلاستيك عن المكونات المعدنية، ويعاد استخدام القطع الناتجة لصنع المنتجات المادية ذات الصلة ثم تُصهَر البقايا عن طريق عملية استخلاص المعادن عالية الحرارة (HTMR)، إذ تسمح هذه العملية باستعادة المعادن؛ مثل الحديد والمنغنيز والنيكل والكروم، وتُستخرج هذه المعادن عادةً باستخدام عمليات التعدين المائية والحرارية، ثم تُؤخَذ الأجزاء المستردَّة عن طريق مرافق إعادة التدوير لإعادة استخدامها في صنع منتجات جديدة. المصدر(2)
بطاريات الليثيوم أيون ليست هي الخيار الوحيد؛ إذ تقود أستراليا الصدارة في تطوير بطاريات بديلة أكثر استدامة، فهناك طرائقُ أخرى مبتكرة لتخزين الطاقة؛ مثل استثمار طاقة الجاذبية الأرضية لتخزين الطاقة الكهربائية باستخدام أبراج الطوب!
معالجة الأعراض وليس المشاكل:
قُدِّمت بطارية تسلا العملاقة في وقت كان فيه الجدال متمركزًا في "أزمة الطاقة" في جنوب أستراليا والحاجة إلى "أمن الطاقة"، وبعد سلسلة من الأحداث المناخية القاسية وحالات انقطاع التيارِ الكهربائي؛ كانت أجندة الطاقة المتجدِّدة في الولاية تتعرض للكثير من الانتقاد، إضافةً إلى ذلك؛ كان هناك ضغطٌ على الحكومة لاتخاذ إجراء سريع.
في 8 فبراير- شباط 2017؛ ساهمت درجات الحرارة المرتفعة في ازدياد الطلب على الكهرباء وشهدت جنوب أستراليا انقطاعًا كهربائيًّا واسعًا، ولكن هذه المرة كان السبب في ذلك هو الممارسة الشائعة المتمثلة في "فصل الأحمال"؛ إذ قُطِعت الطاقة انقطاعًا متعمِّدًا لمنع المحطات من الإجهاد، ويُشكِّل المزيج من الحرارة الشديدة وارتفاع الطلب على الكهرباء تحديًّا كبيرًا لنظام توزيع الكهرباء. يمكن أن تساعدَ البطاريات العملاقة بلا شك على التخفيف عن الشبكة عند الذروة على الطلب، ولكن هذا حلٌّ لأعراض مشكلة أعمق فقط؛ وهي الطلب المفرط على الكهرباء.
Image: GN35200 Graphic shows how the Tesla battery farm works
المصدر(3)
حلم طفولة الملياردير قد يتحقق في أستراليا
تحدي على تويتر قام به مؤسس شركة تسلا إيلون ماسك لجنوب استراليا، وذلك بدعم الشبكة الكهربائية المتعثرة في الولاية في غضون 100 يوم، أو تقديم حل مجاني، قد يصبح حقيقة قريباً
مزرعة بطاريات تسلا:
يعرض ماسك بناء مزرعة بطاريات هائلة بقدرة 100 ميغاواط ساعي مشابهة للموجودة في كاليفورنيا ذات القدرة 80 ميغاواط ساعي.
المئات من وحدات التخزين التي تشحن خارج أوقات الذروة وتعود لتغذي الشبكة بأوقات الذروة.
محطة فرعية تربط مزرعة البطاريات بالشبكة الكهربائية
استجابة لتحدي التويتر يدّعي ماسك:
@mcannonbrookes تسلا سوف تضمن إنشاء النظام وعمله في غضون 100 يوم من توقيع العقد وإلا فإنه سيكون نظام مجاني. هل هذا جدي بشكل كاف بالنسبة لك؟
ومنذ ذلك الحين، أجرى رئيس الوزراء الأسترالي مالكوم ترنبول محادثات مع ماسك حول العرض.
وحدات التخزين Powerpack
تتضمن مصفوفات من 16 بطارية سيارة تسلا S.
و في كل بطارية 7000 خلية طاقة أكبر بقليل من بطاريات (AA)
انقطاع التيار الكهربائي قسرياً خلال موجة الحر في شباط حيث لم تكن الطاقة كافية لتلبية الطلب
هل حان وقت الحديث عن الطلب المتزايد للطاقة الكهرباء؟
هذه المخاوف غالباً لا يتم التطرق لها في المحادثات الوطنية بسبب الحاجة الملحة إلى الابتعاد عن الوقود الأحفوري والرغبة في الاحتفاظ بالبطاريات العملاقة بالجانب المشرق والإيجابي. لكن بينما نواصل اعتماد تكنولوجيات الطاقة المتجددة نحتاج إلى بناء علاقة جديدة مع الطاقة. وبتجاهل هذه المخاوف نحن نُطيل أمد المشكلات التي أدت بنا للاحتباس الحراري وتجعلنا غير مستعدين لمستقبل الطاقة المتجددة. لكن الخبر السار هو أن صناعة البطاريات العملاقة بدأت للتو، وهذا يعني أنه الآن هو الوقت للحديث عن نوع البطاريات العملاقة التي نريدها في المستقبل، ومراجعة توقعاتنا حول إمدادات الطاقة واحتضان المزيد من الطلب المستدام.
المصادر :