العبقري المنسي نيكولا تسلا
منوعات علمية >>>> منوعات
التحق تسلا بالمدرسة الثانوية (The Higher Real Gymnasium)؛ إذ اتُّهم بالغش بسبب ذاكرته التصويرية المتميزة؛ فكان يجري حسابات التفاضل والتكامل باستخدام الحساب الذهني فقط مما أثار شكوك مدرسيه.
والتحق بعدها بـ (Polytechnic School) في غراتس (Graz)، وبرزت مواهبه المتفردة ومثابرته سريعاً، وتابع هناك دراسته في المجال الكهرباء المولع به، ورفض قبول التيار الكهربائي المتواصل DC بصفته الطريقة الوحيدة لتوصيل الطاقة الكهربائية؛ فاتضح له أنَّ التيار المتواصل غير فعال وغير قادر على توصيل التيار الكهربائي إلى مسافات بعيدة، وأنَّ هناك طريقة أفضل، ولاقى اقتراح تسلا للتيار المتناوب AC سخرية كبيرة في قاعات المحاضرات، ولكنه لم يُحبط ولم يترك البحث عن حلِّ هذا اللغز المثير.
صرَّح تسلا بأنَّه كان يعمل بجهد كبير؛ فقد كان يستيقظ في الساعة الثالثة صباحاً وينام في الساعة الحادية عشرة مساءً، وفي أثناء هذا الوقت كان يركز كثيراً على دراسته، ولم يحصل على إجازة أو راحة في العطلة، وعند انتهاء عامه الأول كان قد اجتاز ضِعف الامتحانات المقررة عليه وحصل على أعلى الدرجات الممكنة، ولكن لسوء الحظ توفي والده فاضطر لترك دراسته بعد اجتياز فصل واحد فقط؛ وبذلك لم يحقق أحلامه الأكاديمية، ولكن عندما بلغ الخامسة والعشرين، استطاع العمل في مجاله المفضل بصفته مهندس كهرباء في شركة الهاتف المركزي (Central Telephone Company) في بودابست Budapest، وبعد عام من ذلك اكتشف تسلا حقلاً مغناطيسياً دواراً يُولَّد عن طريق التيارات متعددة الأطوار.
عندما كان يعمل تسلا في أوروبا، افتتح توماس أديسون شركته (Edison Company)، والتي تضم فرعاً في باريس، وحصل تسلا على وظيفة في شركة أديسون القارية (Continental Edison Company)؛ وذلك للمساعدة على تركيب الإضاءة بباريس، وسرعان ما استُغلت قدراته في التصميم واكتشاف الأخطاء وتصويبها، وفي أثناء عامين جُنِّدَ للسفر إلى أمريكا ليعمل مباشرة مع أديسون في نيويورك، وأصبح مساعده آنذاك وهو في عمر 29، وتميز بقدراته واجتهاده، ومع ذلك لم يستطع لفت انتباه أديسون إلى اختراعاته في مجال التيار المتناوب متعدد الأطوار.
لم يكن العمل عند أديسون مثالياً لدى تسلا؛ فاستمر تسلا في شركته فقط مدة 6 أشهر؛ إذ نشب اختلاف بينهما عن قضية التيار المتناوب والمتواصل، وقد كان تسلا يفضل التيار المتناوب وأديسون يفضل المتواصل، واختلفا أيضاً في المنهج العلمي والمهني، فكان أديسون مهتماً بالجانب التسويقي أكثر، بينما ركَّز تسلا على الابتكار والاختراع العلمي بصفته جزءاً أساسياً من العمل.
تحدى مدير شركة أديسون (Edison Company) الموظفين بتصميم عشرين آلة مختلفة، وأخبر أديسون تسلا أنه سوف يعطيه مكافأة قدرها 50،000$ في حال استطاع فعل ذلك، عمل تسلا ليل نهار للحصول على ذلك المبلغ لأن ذلك سيسمح له بإنشاء عمله ومخبره الخاص ليعمل على اختراعاته، وبالفعل نجح تسلا وجاء ب 24 تصميم جديد لتحل مكان تصميمات أديسون القديمة، كان أديسون سعيداً جداً بتلك النتائج ولكن لم يعطه المبلغ المتفق عليه، وعندما سأل تسلا أديسون عن السبب؛ أجابه أديسون: " تسلا، يبدو أنك لا تفهم حس الدعابة الأمريكية"، فغادر بعدها تسلا شركة أديسون، وأصبحا منافسين، وعزم تسلا على إنشاء شركته الخاصة والبحث والعمل في التيار المتناوب، لكن لم يكن من السهل على تسلا البدء من جديد، فكان يكسب قوته من العمل بحفر الخنادق مقابل 2$ في اليوم.
عندما بلغ الثلاثين من العمر التقى برجلين كانا يتطلعان للاستثمار بالاختراعات العلمية، وأنشؤوا مع تسلا مختبراً في نيويورك، وتقاسموا الأرباح، ونشأت شركة تسلا للكهرباء (Tesla Electric Company)، وفي عام واحدٍ فقط استطاع تسلا ابتكار محرك يعمل بالتيار الكهربائي المتناوب، وبعدها بقليل نشر تسلا ورقة بحثية بعنوان: (نظام جديد من محركات ومحولات التيارات المتناوبة)، فأدّى ذلك إلى ملاحظته من العامة، قرأ جورج ويستينغهاوس تلك الورقة البحثية، ونالت إعجابه، فرخص لتسلا محركه الذي يعمل بالتيار المتناوب، ووظفه مستشاراً في مختبر Westinghouse للكهرباء والتصنيع في بيتسبرغPittsburgh، أراد ويستنغهاوس أن يكون هو الشخص الذي سيزود الولايات المتحدة الأمريكية بطاقة تصل إلى مسافات طويلة، وآمن بأن تسلا هو الشخص المناسب لذلك.
استطاع تسلا بعد ذلك بفترة قليلة إنشاء مختبره الخاص؛ إذ أجرى تجارب بالصور الظليلة شبيهة بتلك التي استخدمها وليام روتنجن عندما اكتشف الأشعة السينية، وفي عام 1891 ابتكرت "ملفات تيسلا"
(Coils) التي استخدمت في تصنيع التلفاز والراديو والأجهزة الإلكترونية الأخرى، وحصل نتيجة لذلك في ذلك العام على الجنسية الأمريكية.
وقام تسلا بثورة علمية أخرى؛ إذ ابتكر فكرة الهواتف الذكية في عام 1901، وكان مسؤولاً عن إنتاج العديد من الابتكارات التي أثرت في حياتنا كثيراً.
في كانون الثاني سنة 1943 ، قررت خادمة دخول غرفة فندق تسلا على الرغم من أنه وضع لافتة "عدم الإزعاج"؛ فقد كان مستيقظًا مدة 48 ساعة، وعندما فتحت الخادمة الباب، واجهت مشهد جثة المخترع الشهير.
وتوفي تسلا في مدينة نيويورك إثر إصابته بخثرة قلبية وذلك بعد أن بلغ من العمر 86 عاماً.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا