يحاول العلماء البحث عن دواء واحد فعّال في مواجهة نوع من أنواع الألم المزمن وهو ألم الاعتلال العصبي، ويعتقدون أنّه يمكن لأدوية السكري عموماً المساعدة على حل مشكلة الانزعاج والتراجع الذهني المرافقَين لهذا الألم.

ووضّحت Stephanie Shiers طالبة الدكتوراه في علم الأعصاب أنّ الأشخاص الذين يعانون الألم المزمن يعانون مشاكل في التفكير السليم في بعض الأحيان أيضاً، وكلّما طالت مدّة الألم؛ ترسّخ هذا الانحياز عن التفكير السّليم، وهو أمر لا تأخذه العلاجات الحاليّة في عين النظر.

وقد أجرى بعض الباحثين في جامعة تكساس دراسة تبين كيفية استجابة ألم الاعتلال العصبيّ (neuropathic pain) لمسكنات الألم كالغابابنتين (gabapentin) والكلونيدين (clonidine)، ولدواء الميتفورمين (Metformin) الذي يُعد أحد أكثر الأدوية انتشاراً واستهلاكاً في أنحاء العالم .

يحدث الاعتلال العصبي بسبب تلف الخلايا العصبيّة، ومن أمثلته الألم الناتج عن السكتة الدّماغيّة أو الإحساس بالوخز بالإبر عند مرضى السكري أو عند المرضى المصابين بمتلازمة الطرف الشبحي.
وقد شرح الدكتور Sven Kroener أن هذا الألم يؤثر في مناطق واسعة من الدّماغ، إذ ترسل المُدخَلات الحسيّة المسبّبة للألم إشارات كهروكيميائية لكلّ مكان في الدّماغ تقريباً، بما في ذلك القشرة الجبهية، فعندما يحدث ألم اعتلال الأعصاب وتصبح بعض الأعصاب نشطة طوال الوقت، فإنّ قسماً كبيراً من الدماغ يتلقّى هذه المدخلات الحسّيّة الثّابتة ويجب عليه التكيّف معها مما يسبب تلف الخلايا العصبية.

ودرست التجربة التي أجريت على الفئران مدى تنبّه عقليّة الفئران ومرونتها في مجال المساعدة على تحديد الفائدة أو الضرر لكل دواء مُجَرَّب على القدرات المعرفيّة والإدراكية لهم، ويقصد بالمرونة القدرة على التعرّف إلى المحفّزات الجديدة حولنا وإبداء رد فعل تجاهها.
وكانت النتائج كما يأتي، لم يؤثّر دواء الكلونيدين في الأداء العقليّ، إلا أن الغابابنتين أثّرَ سلبيّاً في الأداء أما الميتفورمين فعَكَسَ الاعتلالات السلبيّة العقليّة الحاصلة بسبب الألم.
وأجريت الدراسة على دواء الكلونيدين لما له من تأثير قويّ في الألم في حال حُقن في القناة الشوكيّة، وعلى الغابابنتين لأنّه من أكثر الأدوية الموصوفة كمسكن ألم على الإطلاق.
وقد أكّدت الدراسة أنّ هذا العجز المعرفي يمكنه أن يستمرّ حتّى يُعالَج الألم، الأمر الّذي يشير إلى حصول تغيّر هيكلي طويل الأمد في عمل الدماغ، وبهذا فقد تفوّق الميتفورمين على كل من الكلونيدين والغابابنتين.
ومن الجدير بالملاحظة أن هذا البحث قد أظهر تبايناً في أداء ذكور الفئران عن إناثها.

ويتطلع العلماء في الخطوة الآتية إلى فهم آليّة فعاليّة الميتفورمين في هذه الحالات، فقد أوضح الدكتور Kroener أنّه من الرائع أن يؤثّر الدواء تأثيراً فعالاً لكن من الأفضل أن نعرف آليّة تأثيره، لأن ذلك يساعدنا في تحديد المسارات الّتي يعمل بها الميتفورمين في تصحيح هذه العيوب وكيفية تأثيره في الفيزيولوجيا الطبيعيّة.

المصادر:
هنا