الاكتئاب: إضاءة زواياه المظلمة، (الأفكار التلقائية، لا تصدِّق كلَّ ما يجول في خلدك)
علم النفس >>>> الصحة النفسية
للوظائف المعرفية تأثيرٌ خاصٌّ في كلٍّ من الصحة النفسية الاجتماعية والصحة عامةً.
تمتلك الأفكار التلقائية تأثيراً كبيراً في تفكيرنا وشعورنا وحياتنا بكاملها، وهذا التأثير قد يكون أكبر مما نعتقد.
ما الأفكار التلقائية automatic thoughts؟
هي الأفكار الفورية (اللحظية)، والاعتيادية، واللاواعية.
ليست الأفكار التلقائية دائماً أفكاراً واعيةً نعالجها، فعلى سبيل المثال: لسنا واعين عادةً بكلِّ حركةٍ صغيرةٍ في ساقينا عند المشي، والقيادة تغدو عملاً "أوتوماتيكياً" لدى المتمرِّسين في قيادة السيارة، وهذا العمل "الأوتوماتيكي" لا نعي كلَّ تفاصيله، وهذه الأفكار "الأوتوماتيكية" هي ما ندعوه الأفكار التلقائية.
وعلى الرغم من عدم وعينا لهذه الأفكار؛ فهذه العمليات "الخفية" قد تُسهم في تحديد صحتنا العاطفية وبالنتيجة النفسية.
ما أنواع الأفكار التلقائية؟
للأفكارِ التلقائية ثلاثة أنواع؛ وهي:
من الواضح أن الأفكار التلقائية السلبية تُسبِّب لنا الضيق العاطفي؛ إذ يميل الأشخاص المصابون بالاكتئاب إلى الاعتقاد بأفكارٍ سلبيةٍ حيال أنفسهم، والعالم من حولهم، ومستقبلهم. وقد تؤدّي الأفكار التلقائية السلبية إلى إطلاق أعراض الاكتئاب كالحالة المزاجية المنخفضة، وتقييم الذات المتدني، وضعف الاهتمام بالأنشطة الممتعة.
ولكن بالإمكان تغيير هذه الأفكار السلبية لتحقيق سهولةٍ أكبر في التعافي من الاكتئاب.
حُدِّدت الأفكار التلقائية لدى عيِّنةٍ من مرضى الاكتئاب، وأُجري تقييمٌ لمقارنة التغييرات التي تحدث بعد العلاج (العلاج النفسي، العلاج الدوائي). أشارت الدراسة إلى ارتباط الأفكار التلقائية السلبية مع الاكتئاب، ووُجِد أن مزيجاً من العلاج السلوكي المعرفي CBT والعلاج الدوائي، أو الاقتصار على العلاج السلوكي المعرفي وحده، سيؤديان دوراً أفضل في تغيير الأفكار التلقائية السلبية من الالتزام بالعلاج الدوائي بمفرده، إذ إنه يقلّل بشدةٍ من أعراض الاكتئاب.
أما الأفكار التي تُعلّم جيداً وتُكرّر على نحوٍ ثابتٍ إلى أن يغدو حدوثها تلقائياً لا يحتاج جهداً إدراكياً فتُعدى: "الأفكار المنمّطة routinized) thoughts)".
تُعدُّ مساعدة الأشخاص على إدراك وجود الأفكار التلقائية السلبية وتأثيرها، ومن ثم اختبار صحتها مَهمَّةً جوهريةً في العلاج المعرفي الذي سنتطرّق إلى شرح كيفية تطبيقه بالتفصيل في أجزاءٍ قادمةٍ من سلسلتنا هذه.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا