ترتيبك بين أخوتك لا يؤثر على شخصيتك!
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
خلافاً للاعتقاد السائد، فإن شخصية الفرد تتأثر بشكل محدود جداً بترتيبه بين أخوته، وذلك وفقاً لدراسة نشرت في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم Proceedings of the National Academy of Sciences. هذه النتائج التي خلص إليها فريق علماء نفس من جامعتي مينز ولايبتزيش Mainz and Leipzig في ألمانيا، تتناقض مع كل من المعتقدات الراسخة والنظريات السائدة في علم النفس، وتشير إلى أن تطور الشخصية أقل تأثراً مما كان يعتقد سابقاً بدور الفرد ضمن العائلة التي ينشأ فيها.
إن السؤال عما إذا كان لموضع الفرد في ترتيب الأبناء تأثير ثابت على شخصيته شغل العلماء لأكثر من مئة سنة. فقد شدد ألفرد أدلر في بداية القرن الماضي على الحاجة لفهم الأفراد ضمن سياقهم الاجتماعي، الذي يتضمن حسب قوله ترتيبهم بين الولادات. وقد اختلف أدلر بشكل ملحوظ مع سيغموند فرويد عندما رأى أن الولدين الأول والأخير يعانون من العُصابات الناتجة عن كفاحهم المستمر للنجاح والتفوق، بينما يكون الأطفال بينهم أكثر صحة وهناء وميلاً للتمرد.
إشاعات دون برهان
إن مثل هذه الأفكار تبقى من الأمور الشائعة، ولكنها تنتشر أكثر في هذه الأيام فيما يخص تنافس الأخوة حول الحصول على الاهتمام الأكبر من الوالدين وتطوير استراتيجيات لزيادة انتباههم من خلال لعب أدوار مختلفة ضمن العائلة.
وهكذا، فإن الولد البكر يُفترض أن يشغل الدور الأكثر تقليدية من خلال كونه مسؤولاً ومثالاً وقدوة ومهتماً بإرضاء الوالدين، مما يجعله أكثر انفتاحاً وعُصابيّة وميلاً لاتباع ما يملي عليه الضمير. بينما يشغل الأولاد اللاحقون دور المتمرد من خلال كونهم أكثر إبداعاً وهناءً واجتماعية.
إن المعتقدات السائدة حول دور ترتيب الولادة في العائلة تتضمن افتراض أن يكون الأبناء البكور أكثر سعياً نحو الكمال، بينما يطور الأولاد المتوسطون موهبة في الدبلوماسية، ويتوقع من الأولاد الأخيرين أن يكونوا أكثر تمرداً.
على الرغم من أن الأبحاث التجريبية السابقة على العلاقة بين ترتيب الولادات والذكاء قد أظهرت هبوطاً طفيفاً في الأداء على اختبارات قياس الذكاء بين الولد الأول والأخير، إلا أن الأبحاث حول علاقة ترتيب الولادات على الشخصية لم تصل إلى نتيجة حاسمة.
لا يؤثر ترتيب الولادات على الشخصية
قام الفريق البحثي بتحليل بيانات أكثر من 20 ألف فرد بالغ من كل من ألمانيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ووجدوا أن الخصائص المركزية للشخصية كالانفتاح والاستقرار العاطفي ومدى الملاءمة والميل لاتباع الضمير لا تتأثر بترتيب الفرد بين الولادات.
وقد وجدوا تأثيرات صغيرة فيما يتعلق بالنباهة، حيث كان البكور أكثر ميلاً للحصول على مفردات أغنى وأقل صعوبة في فهم الأفكار المجردة، وهذا ما يؤكد النتائج التي توصلت إليها دراسات سابقة. على الرغم من كون هذا التأثير على الذكاء يتكرر بشكل جيد للغاية في العينات الكبيرة حسب تصريح الباحثين، فإنه صغير جداً لكي يكون ذا معنى على المستوى الفردي. وعلاوة على ذلك، فبغض النظر عن هذا الانخفاض التدريجي في النتائج الوسطية لاختبارات الذكاء، فإن 40% من الأخوة غير البكور كانوا أذكى من أخوتهم الأكبر.
يقول البعض أن بيئة العائلة تؤثر على المتغيرات المتعلقة بالذكاء. حيث عندما يكون هنالك بالغون أكثر وأطفال أقل في المنزل، فإن البيئة الفكرية العامة تكون أغنى، ولكن وصول أطفال أصغر من شأنه أن يخفف منها. ومع اختلاف نسبة البالغين والأطفال، يضاف لها كون الأطفال الذين يولدون فيما بعد يحصلون على اهتمام أقل من قبل والديهم مقارنة مع الأولاد الأوائل.
يعلق البروفسور ستيفان شنوكل من جامعة لايبتزيش على الموضوع قائلاً: "إن الأخبار الحقيقية في دراستنا هي أننا لم نجد أي تأثيرات حقيقية للترتيب بين الولادات على أي من أبعاد الشخصية التي قمنا بفحصها. هذا لا يتناقض فقط مع النظريات السائدة في علم النفس، ولكن أيضاً مع حدس الكثير من الأشخاص".
المصادر:
1-Medical News Today:
2-هنا
3-هنا
4-هنا