Image: wikimedia.org
يعد التضخم المفرط من أخطر أنواع التضخم، ويحدث عندما يزيد معدل ارتفاع الأسعار عن 50% شهريًّا، إذ يرافقه عرضٌ نقديٌّ مفرط، وخصوصًا في حالات فقدان الثقة بعملة البلد وعدم قدرة البنك المركزي على الحفاظ على قيمة عملته.


Image: mondrian.mashable.com
كانت ألمانيا من أبرز الدول التي حدث فيها التضخم المفرط، وذلك بعد الحرب العالمية الأولى بين عامَي 1922-1923؛ نتيجة اقتراضها مبالغ ضخمة لتمويل الحرب، واثقةً أنها ستربح الحرب. ولكنَّ ألمانيا لم تخسر الحرب فحسب، بل طُلب منها دفع مليارات الدولارات بوصفها تعويضات.


Image: mondrian.mashable.com
زادَ الأمرَ سوءًا قرارُ ألمانيا بتعليق المعيار الذهبي في بداية الحرب، الذي يحرر كمية الأموال المتداولة من قيمة الذهب الذي تملكه الدولة. وأدَّت هذه الخطوة المثيرة للجدل إلى تخفيض قيمة العملة، واضطرت الحكومة إلى طباعة مزيد من الأموال لدفع التعويضات للحلفاء ودفع الرواتب.


Image: mondrian.mashable.com
ومع عجز الحكومة الألمانية عن إيجاد طريقة بديلة لمعالجة الأزمة واصلت ضخ المزيد من النقود مما قاد إلى تضخم مفرط كان له أثار مدمرة على المجتمع الألماني. حيث انخفضت القوة الشرائية للعملة، وزاد حجم الأوراق النقدية الصادرة ليصل إلى 100،000،000،000،000 ℛeichsmarks وارتفعت الأسعار بشكل خرافي.


Image: mondrian.mashable.com
أثار الانخفاض السريع في قيمة العملة السخرية؛ إذ أبلغ رجلٌ عن طلبه القهوة لكنه علم أنَّ سعره قد تضاعف بحلول الوقت الذي وصلت فيه إلى مائدته، وانتظرت الزوجات في مصانع أزواجهنّ يوم تسليم الرواتب للتعجيل بصرفها.


Image: mondrian.mashable.com
أحضر العمال عرباتِ اليد وأكياسًا وحقائبَ للعمل لجمع أجورهم، واستخدم الأطفال الأوراق النقدية التي لا قيمة لها ألعابًا، واعتادت أمهاتهم على استعمالها لتشغيل المواقد والغلايات ولفِّ الكعك، حتى إنّها استُخدمت ورقَ جدران.


Image: mondrian.mashable.com
كان للتضخم الجامح آثارٌ أوسع على الاقتصاد، مما جعل صرف العملات الأجنبية شبه مستحيل. ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي من 4 ℛℳ في عام 1914 إلى أربعة تريليونات في نوفمبر 1923، ومع عدم وجود الذهب وجدت الشركات الألمانية أنه من المستحيل ممارسة الأنشطة التجارية مع الخارج.


Image: mondrian.mashable.com
أدى التضخم الجامح إلى تآكل المدخرات النقدية للطبقة المتوسطة المعتمدة على الاستثمارات والمدخرات والدخل من المعاشات أو الإيجارات إذ كانت الأكثر تضرُّرًا، وتضرر الموظفون في القطاع العام إذ إن الزيادة في أجورهم فشلت في مواكبة القطاع الخاص.


Image: mondrian.mashable.com
بالمقابل كان المزارعون وأصحاب الأعمال الذين صنّعوا وباعوا السلع المهمة الأقلَّ تأثرًا، فعلى الرغم من تقلب قيمة الأموال؛ فإنَّ القيمة الحقيقية لهذه السلع لم تتغير، فمَن يمتلكون السلع يمكنهم البيع أو المقايضة بشروطهم الخاصة. وقد استفاد أصحاب الديون الكبيرة من التضخم المفرط، إذ تمكنوا من سدادها بسهولة.


Image: mondrian.mashable.com
فرضت الأزمة انهيار مجلسَين للوزراء، إذ كان الوزراء يتشاجرون بشأن أفضل طريقة لإنهاء الأزمة. وانتهت الأزمة في نهاية المطاف بتشكيل بنك احتياطي جديد وإصدار عملة وطنية جديدة. وتبنى الجمهور الألماني العملة الجديدة، ممَّا سمح للأسعار والأجور بالعودة إلى المعدلات الطبيعية تدريجيًّا.

المصادر:
1- هنا
2- هنا