ما هو البيع على المكشوف؟ و ما هي فوائده و أضراره؟
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> اقتصاد
البيع على المكشوف هو اسم يطلق على عملية بيع أحد الأصول دون امتلاكها في الواقع، حيث يتوقع المستثمر أن سعر هذا الأصل سينخفض فيصبح بإمكانه إعادة شرائه بسعر أدنى، وبذلك يكون قد حقق ربحاً من الفرق بين السعر الذي بِيع الأصل عليه والسعر الذي دُفع لشرائه مجدداً.
و مثال على ذلك هو استخدام سياسة البيع على المكشوف في الأسهم، حيث تُقترض الأسهم من طرف ثالث الذي هو عادة ما يكون وسيطاً، ومن ثم يتم بيعها.
لنلقِ نظرة على المثالين التاليين لشرح عملية البيع على المكشوف، ففي أحدهما يتم تحقيق ربح و في الآخر خسارة.
بيع على المكشوف مع تحقيق ربح
لنفترض أن سعر سهم شركة ماكواري Macquarie الآن يبلغ 21.24 دولار استرالي، و قد قرر المستثمر أن يبيع 1،000 سهم على المكشوف فقام باقتراض الأسهم ومن ثم بيعها بإجمالي 21،240 دولار استرالي.
بعد فترة قصيرة وبسبب صدور أخبار مخيبة عن النتائج النصف سنوية لأعمال الشركة، انخفض سعر السهم إلى 20.74 دولار استرالي. فأصبح بإمكانه شراؤها بمبلغ 20،740 دولار استرالي لإعادتها إلى المُقرض الذي يطلب إعادة نفس العدد من الأسهم بغض النظر عن انخفاض القيمة السوقية للسهم.
وبهذا حقق المستثمر ربح قدره 500 دولار استرالي، وهو الفرق بين السعر الذي بيعت به الأسهم المقترضة والسعر الذي اشتُريت به لاحقاً (مع الأخذ بعين الاعتبار عمولات الاقتراض والعمولات الأخرى).
بيع على المكشوف مع تحقيق خسارة
قرر المستثمر أن يتداول على المكشوف بأسهم شركة فودافون Vodafone والتي يبلغ سعرها 1.50 جنيه استرليني. فاقترض 2،000 سهم وباعها على المكشوف بمبلغ 3،000 جنيه استرليني.
ارتفع سعر فودافون Vodafone بعد فترة قصيرة إلى 1.65 جنيه استرليني، وبسبب التزام المستثمر بإعادة الأسهم التي اقترضها، كان عليه إعادة شراءها بهذا السعر لكي يعيد إلى المُقرض نفس العدد من الأسهم. وبالتالي دفع مبلغ 3،300 جنيه استرليني لقاء إعادة شراء 2،000 سهم.
وبهذا يكون قد خسر 300 جنيه استرليني وهو الفرق بين السعر الذي بِيعت فيه الأسهم و السعر الذي تم به إعادة شرائها (إضافة إلى عمولات الإقتراض وعمولات أخرى).
لماذا يتداول المستثمرون على المكشوف
يتوقع بعض المستثمرين ارتفاع أسعار الأسهم و الأوراق المالية و يتوقع البعض الآخر انخفاضها. إن عملية البيع على المكشوف تسمح للمستثمرين بالتداول بأي سوق بغض النظر عن اتجاهه. و من أهداف البيع على المكشوف ما يلي:
* تحقيق الربح في سوق يتجه للانخفاض في الأسعار Bearish Market
يسمح البيع على المكشوف للمستثمر بالمضاربة إذا كان يتوقع أن يتجه السوق للانخفاض، ويضيف بذلك قيمة إلى محفظته، حيث أنه من الصعب جداً تحقيق الأرباح في الأسواق المتجهة للانخفاض دون البيع على المكشوف.
يبحث المستثمرون في البيع على المكشوف عن تقلبات في السوق على أمل تحقيق الربح الناجم عن الانخفاض في القيم السوقية للشركات و الذي يمكن أن ينتج عن الأحداث الاقتصادية أو النتائج المالية لهذه الشركات.
* حماية محفظة أخرى وما يعرف بالتحوط Hedging
يقوم المستثمر بالبيع على المكشوف إذا كان يملك عدد من الأسهم (مركز دائن Long Position: وهو شراء ورقة مالية مع التوقع بأن قيمتها سوف ترتفع) ويرغب بالتحوط من المخاطر الناجمة عن الانخفاض بالأسعار.
فلنفرض مثلاً أن المستثمر يمتلك مجموعة مختارة من الأسهم من مؤشر فاينانشل تايمز 100 (FTSE 100)، قد يستخدم المستثمر عقداً من المشتقات المالية Derivatives ليمكنه من بيع المؤشر ككل في حال انخفاض السوق بحركة مضادة للمحفظة الأصلية.
فالتحوط يسمح للمستثمر بالحد من المخاطر التي قد تتعرض لها محفظته في حال توجه السوق باتجاه مخالف لتوقعاته، تماماً مثل شراء بوليصة تأمين على البيت أو السيارة. وهو بذلك مخالف لمفهوم المضاربة Speculation.
مثال عن التحوط
لنفترض أن المستثمر يمتلك محفظة من أسهم قيادية مختارة من مؤشر فاينانشال تايمز FTSE بقيمة 60،000 جنيه استرليني، وحيث أنه يتوقع أن ترتفع أسعار الأسهم، و يكون في هذه الحالة مضارباً Speculator. وقد قرر المستثمر أن يتحوط ضد مخاطر انخفاض أسعار الأسهم، وذلك بالبيع على المكشوف لمؤشر فاينانشال تايمز المستقبلي Future FTSE و الذي يتداول الآن على 6،000 نقطة. حيث أن حركة كل نقطة من المؤشر تساوي 10 جنيهات استرلينية، وبالتالي يكون قد باع على المكشوف المؤشر الذي يرتبط مباشرة بمحفظته بقيمة تساوي 60،000 جنيه استرليني.
بعد بضعة أيام وبسبب انتشار أخبار سلبية عن القطاع المالي، هبطت أسعار الأسهم بشكل ملحوظ وانخفض مؤشر فاينانشال تايمز FTSE 100 بممقدار 10%، وفقدت معظم الأسهم القيادية جزءاً من قيمتها. لنرَ ما تأثير ذلك على محفظة المستثمر المكونة من مركز دائن ومركز مكشوف.
الجزء الأول: المركز الدائن Long Position
القيمة الأولية للاستثمار في (الأسهم القيادية Blue chips) بقيمة: 60،000 جنيه استرليني
القيمة الحالية: 54،000 جنيه استرليني
النتيجة: خسارة 6،000 جنيه استرليني
الجزء الثاني: المركز المكشوف Short Position
القيمة الأولية للاستثمار في (مؤشر FTSE المستقبلي) بيع على المكشوف بقيمة: 60،000 جنيه استرليني
القيمة الحالية: 54،000 جنيه استرليني
النتيجة: ربح 6،000 جنيه استرليني
عندما انخفض السوق 10%، تحققت خسائر بقيمة 6،000 جنيه استرليني على المركز الدائن، ولكن بنفس القيمة تحققت أرباح من المركز المكشوف. فلولا التحوط، كانت الخسارة ستكون 6،000 جنيه استرليني فقط. وهنا الربح الناجم عن البيع على المكشوف عوّض الخسارة المتحققة من المركز الدائن.
ويجب الأخذ بعين الاعتبار، بأنه في الواقع من غير المحتمل أن تتغير قيمة المحفظة بنسبة مطابقة تماماً لنسبة تغير قيمة مؤشر فاينشال تايمز 100 (FTSE 100).
مخاطر البيع على المكشوف
من الناحية النظرية، ليس هناك حد للخسائر التي يمكن أن يتكبدها المستثمر من البيع على المكشوف، حيث أنه عند عملية شراء لسهم بسعر معين، فإن الحد الأقصى للخسارة هو عندما ينخفض سعر السهم إلى الصفر. أما عند البيع على المكشوف، فلا يوجد حد أقصى للخسارة حيث يمكن نظرياً أن يستمر سعر السهم بالارتفاع دون وجود حد لذلك.
كذلك عندما تقوم الشركات بتوزيع الأرباح على المستثمرين في أسهمها، لا يستفيد من يبيع على المكشوف من هذه الأرباح حيث أنه اقترض هذه الأسهم ولا يملكها. فهذه الأرباح تعود لمُقرض الأسهم. وتؤثر ما تقوم به الشركات من عمليات مثل تقسيم الأسهم Stock Split أو توزيع أسهم المكافآة Stock Bonuses على أسعار الأسهم وبالتالي على نتائج التداول على المكشوف.
الآثار السلبية تاريخياً للبيع على المكشوف
يُعتقد بأن التداول على المكشوف هو المسبب في تقلبات أسعار الأسهم وتحقيق الأرباح من خسائر الشركات و الناتج عن انخفاض أسعار أسهمها. كما أن نابليون سمى المتداولين على المكشوف باسم "أعداء الأمة"، وتاريخياً كان يلقى اللوم عليهم دائماً عند حدوث أي اضطراب في الأسواق. و من ناحية أخرى، فإنه هناك من يدافع عن هذه الاستراتجية في التداول مثل سيث كلارمان Seth Klarman و وارن بوفيت Warren Buffet الذي قال بأن البيع على المكشوف يزيد من سيولة الأسواق المالية ويُعتبر الكفة الموازنة عند ارتفاع أسهم وول ستريت Wall Street.
و فيما يلي بعض الأحداث التاريخية المرتبطة بالبيع على المكشوف:
عام 1609 – قدمت شركة The Dutch East India احتجاجاً لسوق امستردام المالي بعد أن حقق المتداولون بأسهمها على المكشوف أرباح هائلة، وهذا ما أدى إلى صدور أول القوانين الخاصة بالبيع على المكشوف في السنة التالية.
عام 1733 – منعت بريطانيا البيع العاري على المكشوف Naked Short Selling (بيع أصل على المكشوف من غير اقتراضه).
عام 1917 – وضع سوق نيويورك للأوراق المالية New York Stock Exchange قيود على التداول على المكشوف وطلبت قائمة يومية بالمضاربين.
عام 1929 – اعتُبر المتداولون على المكشوف مسؤولين عن انهيار وول ستريتWall Street .
عام 1932 – أدان الرئيس الأمريكي هربرت هوفرHerbert Hoover التداول على المكشوف بغرض المضاربة في سوق نيويورك للأوراق المالية.
عام 1938 – أصدرت هيئة الأوراق المالية و البورصات الأمريكية قانون التنامي “Uptick Rule” و الذي يقتضي بمنع التداول على المكشوف إلا في حالة ارتفاع سعر السهم، و قد تم الغاء هذا القانون في عام 2007.
عام 1940 – تم إصدار قانون شركات الاستثمار Investment Company Act الذي يمنع صناديق الاستثمار Mutual funds من البيع على المكشوف.
عام 1949 – ابتكر ألفريد وينسلو جونز Alfred Winslow Jones، وهو صحفي مالي، أول صندوق استثماري للتحوط Hedge Fund والذي يشتري أسهم ويبيع أخرى على المكشوف للتحوط من مخاطر السوق.
عام 1987 – قيام الكونغرس الأمريكي بالتحقيق في عمليات البيع على المكشوف بعد انهيار السوق.
عام 1997 – قامت ماليزيا بالاتهام مصرف كريدت ليونيه Credit Lyonnais بالبيع على المكشوف مما أدى إلى انهيار عملة البلاد والسوق المالي.
عام 2001 – طلبت شركات وول ستريتWall Street من المستثمرين بأن لا يقوموا بالبيع على المكشوف من أجل استغلال انخفاض أسعار الأسهم بسبب أحداث 11 أيلول.
عام 2001 – في غضون أسبوعين من هجمات 11 أيلول، قامت هيئات الرقابة المالية بالتحقيق عن جماعات مرتبطة بأسامة بن لادن فيما إذا حققت أرباح من خلال البيع على المكشوف على أسهم شركة تأمين تتعرض لمطالبات ناجمة عن هذه الهجمات.
عام 2004 – أصدرت هيئة الأوراق المالية الأمريكية قانون SHO و الذي يهدف إلى التقليل من البيع العاري على المكشوفNaked Short Selling وذلك بطلب نشر قائمة بالأوراق المالية التي لم يتم تسليمها للمشترين في الوقت المحدد وهو ثلاث أيام. وقد تم تفعيل هذا القانون في كانون الثاني/يناير 2005.
2005 – قامت شركة أوفرستوك Overstock بمقاضاة شركة الأبحاث غراديانت اناليتكس Gradient Analytics والصندوق الاستثماري روكر بارتنرز Rocker Partners بتهمة نشرهم لأخبار سيئة عن الشركة لدفع سعر أسهمها إلى الانخفاض.
2006 – شهد كن لاي Ken Lay، وهو المدير التنفيذي لشركة انرون Enron، على المتداولين على المكشوف و الذين قاموا في عام 2001 بالتآمر على شركة انرون Enron لتخفيض سعر أسهمها.
2007 – ألغت هيئة الأوراق المالية و البورصات الأمريكية قانون التنامي Uptick Rule The.
2008 – قام آلان شوارتز Alan Schwartz المدير التنفيذي لبنك بير ستيرنز Bear Stearns بالشهادة أمام الكونغرس الأمريكي على المتداولين على المكشوف و الذين أحدثوا الذعر بين المستثمرين ودفعوا أسعار أسهم الشركة للانخفاض.
2008 – قامت هيئة الأوراق المالية و البورصات الأمريكية بإصدار أمر طارئ لكبح عمليات البيع على المكشوف.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا