بولٌ أحمر اللون
الطب >>>> مقالات طبية
بداية ولفهم الأسباب التي قد تؤدي إلى بيلة دموية؛ لا بد من عرض أقسام الجهاز البولي سريعًا:
يبدأ الجهاز البولي باللكليتين اللتان تنقيان الدم الوارد إليهما لتشكيل البول، ثم ينتقل البول من الكلية إلى الحالب (وهو أنبوب ينقل الدم إلى المثانة)، يخرج من كل كلية حالب؛ أي يوجد حالبان يصبان في المثانة، يتجمع البول ضمن المثانة ليخرج في أثناء التبول -عبر أنبوب يسمى الإحليل- إلى خارج الجسم.
وجود الدم في البول دليل على خلل في أحد أجزاء الجهاز البولي؛ مما يسمح بتسريب الدم إلى البول، في بعض الأحيان لا يُشاهد الدم الموجود في البول بالعين المجردة؛ إذ تكون كمية الكريات الحمراء المتسربة ليست بالكافية لتغيير لون البول، وهذا ما يدعى بالبيلة الدموية المجهرية؛ أي لا يمكن كشف الدم إلا تحت المجهر.
وهنا لا بد من التنبيه إلى أن البيلة الدموية ليست مرضًا بحد ذاتها؛ بل هي عرض قد يتظاهر به العديد من الأمراض. ومن هذه الأمراض ما قد يكون سهلَ العلاج كالتهابات السبيل البولي الناتجة عن دخول البكتريا عبر الإحليل أو التهابات الكلية، فقد ترد البكتيريا إليها عبر الدم. تترافق الالتهابات بأعراض أخرى غير البيلة الدموية كإلحاح البول والحرقة في أثناء التبول مع رائحة بول كريهة جدًّا، ويُضاف إلى هذه الأعراض في حال التهاب الكلية ألمُ خاصرة مترافقٌ مع ارتفاع حرارة.
أحد الأسباب الأخرى المهمة هي الحصيات البولية التي قد تسبب تخرُّشات تسمح بتسريب دموي مجهري مع البول، وعادة لا تسبب أي أعراض إلا في حال انسداد المجرى البولي، أو في أثناء تحرُّك الحصيات مع حركة خروج البول.
ومن الحالات الأخرى السليمة التي قد تُسبب بيلة دموية: ضخامة البروستات، التمارين الرياضة القاسية، النشاط الجنسي وانتباذ البطانة الرحمية (أي نمو الطبقة المبطنة للرحم في أماكن خارج الرحم كالمثانة مثلًا).
أما الأسباب الأكثر خطورة؛ فتتضمن السرطانات الكلوية والمثانية التي -لسوء الحظ- لا تبدي أعراضًا إلا في المراحل المتقدمة، وكذلك قد تتظاهر بعض الاضطرابات الموروثة كفقر الدم المنجلي والداء الكلوي المتعدد الكيسات ببيلة دموية، وأخيرًا قد تسبب بعض أمراض الدم والتخثر بيلة دموية.
أما من حيث الأعراض؛ فالبيلة الدموية بحد ذاتها نادرًا ما تسبب أي أعراض باستثناء حالة وحيدة هي وجود كميات كبيرة من الدم في المثانة؛ مما يسبب تجلطه وتشكيل كتل تصبح سادَّة لمجرى البول؛ مما يتظاهر بألم أسفل البطن، ولكن قد تختلف الأعراض المرافقة باختلاف السبب المؤدي إل حدوثها كما ذكرنا في حال وجود الالتهابات.
فور مراجعة الطبيب سيبدأ أولًا بإجراء التحاليل التي قد تساعد على معرفة السبب وراء ظهور الدم. وتتضمن هذه التحاليل -إضافة إلى التحاليل الروتينية- زرعَ البول لمعرفة البكتيريا الموجودة في حال الإنتان والدراسة الخلوية للبول لكشف الخلايا غير الطبيعية التي قد تقترح وجودَ سرطانات.
وكذلك هناك العديد من التقنيات التصويرية المساعدة على الكشف عن السبب كصورة الحويضة داخل الوريدية وهي التي تُحقن فيها مادةٌ ظليلةٌ في وريد في اليد لتصل هذه المادة إلى الكلية، ويظهر مسار هذه المادة في أثناء التصوير بالأشعة السينية لإعطاء صورة واضحة تساعد الأطباء على رؤية التشوهات التشريحية للسبيل البولي. ومن التقنيات أيضًا تنظير المثانة الذي يسمح برؤية مباشرة للمثانة، وكذلك الإيكو والرنين المغناطيسي والمقطعي المحوسب (الطبقي المحوري).
وهنا من الضروري التنبيه لأنه ليس بالإمكان البَدء بعلاج البيلة الدموية قبل معرفة السبب المؤدي إليها؛ إذ يتحدد العلاج تبعًا للسبب. ففي حالة البيلة الدموية غير العرضية والمتقطعة المترافقة مع تحاليل طبيعية؛ تُعدُّ المراقبةُ هنا أفضلَ خيار للتدبير. في حين أن البيلة الصريحة تحتاج إلى تدبير حاسم يبدأ بالتأكد من الاستقرار الهيموديناميكي للدم. فأي خلل في خضاب الدم يجب أن يُصلح عبر نقل عناصر الدم أو الأدوية. وفي حال كان السبب هو التهاب السبيل البولي فالتدبير الأنسب هو إعطاء الصادات الحيوية فمويًّا أو وريديًّا مدة 7-14 يومًا. وفي حالة الحصيات؛ عادة ما يكون التدبير بمسكنات الألم ومراقبة السوائل، أو إذا كانت الحصيات كبيرة نلجأ إلى تفتيت الحصيات أو فغر الكلية.
أما في الحالات الخطيرة كالسرطان؛ فقد يكون الخيار الوحيد هو استئصال الكلية إذا كان السرطان لم ينتشر في الجسم بعد، أما في حال الانتشار؛ فقد يتطلب تدابيرَ متطورة أكثر.
أما البيلة التي تكون بسبب التمارين القاسية؛ فمجرد تعديل البرنامج الرياضي يفي بالغرض العلاجي، وكذلك الأمر لدى البيلة الدموية الناتجة عن تناول بعض الأدوية فإيقافها يساعد على عودة البول لطبيعته.
وفي جميع الأحوال نؤكد على أهمية مراجعة الطبيب دائمًا عندما نرى لون البول ورديًّا أو أحمر أو مائلًا للبني كلون الكولا. لكن لا داع للذعر؛ فقد يكون السبب ببساطة هو تناول قطعة شمندر أو توت مما أدى إلى اصطباغ البول باللون الأحمر، لكن لا بد من الحيطة دائمًا واستشارة الطبيب.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا
5- هنا