يوم الطفلة العالمي، زواج القاصرات؛ إلى متى؟
التوعية الجنسية >>>> أيام عالمية
وبحسب إحصاءات اليونيسيف (UNICEF) لعام 2018 التي شملت السنوات 2010-2017؛ تقدَّر نسبة النساء المتزوجات المتراوحة أعمارهن بين 20 و24 سنة اللواتي كنَّ قد تزوجن قبل سن 18 عامًا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ب 17% مقابل 41% في أفريقيا الغربية والوسطى و35% في أفريقيا الشرقية والجنوبية، أما في سورية فتبلغ هذه النسبة 13%.
لماذا؟
يؤدي الفقر دورًا رئيسًا في استمرار حدوث زواج القاصرات؛ إذ يزوج الآباءُ بناتهم لضمان الأمن المعيشي لهنَّ، والتخلُّص من أعبائهنَّ؛ فتُعدُّ الفتيات في مجتمعاتٍ عدّة عبئًا اقتصاديًّا. يتطلب إطعام الفتيات وتأمين اللباس والتعليم لهنَّ كلفةً عاليةً، ومصيرهنَّ في النهاية مغادرة العائلة. وقد تكون الطريقة الوحيدة للعائلة لاسترداد استثماراتها في بناتها هي تزويجنَّ مقابل المهر الذي ينقص كلما زاد عمر الفتاة.
يدفع القلق إزاء ضمان عذرية البنات وعفَّتهن الآباءَ إلى تزويجهنَّ باكرًا؛ إذ يعدُّون زواجَ القاصرات آليةً وقائيةً ضدَّ النشاط الجنسي قبل الزواج، والحمل غير المقصود، والأمراض المنتقلة عن طريق الجنس التي زادت أهميتها خاصة في حقبة الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسب.
خطر الإصابة بفيروس عوز المناعة المكتسب والأمراض المنقولة بالجنس:
هناك اعتقاد شائع بأن زواج القاصرات يحمي الفتيات من تعدُّد الشركاء الجنسيِّين؛ وبذلك تعدد الأمراض، ولكنَّ الواقعَ مختلفٌ تمامًا؛ فالفتيات المتزوجات أكثر عرضة من الفتيات غير المتزوجات للإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًّا، وخاصة فيروس نقص المناعة البشرية وفيروس الورم الحليمي البشري. إن انتشار إنتانات فيروس عوز المناعة المكتسب بين النساء هو الأعلى في الأعمار بين 15 و24، في حين ترتفع الخطورة عند الرجال بعد 5-10 سنوات من العمر.
أصبح الزواج قبل سن 20 عاملًا خطرًا للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية للفتيات الصغيرات والمراهقات، كما يتضح في العديد من الدراسات التي أجريت على سكان أفريقيا. أظهرت دراسة في كينيا أن الفتيات المتزوجات لديهنَّ احتمال أعلى بنسبة 50٪ من الفتيات غير المتزوجات بأن يُصَبْن بفيروس نقص المناعة البشرية، وأشارت هذه الدراسة إلى أن الفرق في العمر بين الرجال وزوجاتهم يُشكِّل عاملًا مهمًّا في خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.؛ فالفتيات الصغيرات أكثر عرضة من الناحية الفيزيولوجية للإصابة بعدوى فيروس العوز المناعي البشري؛ لأن مهبل الفتاة لم يُدعم بعد بالخلايا الواقية، وقد يتآكل عنق الرحم بسهولة أكبر.
إن تأذي غشاء البكارة أو المهبل أو عنق الرحم يزيد من معدل انتقال العدوى؛ إذ تفقد العديد من هؤلاء الفتيات الصغيرات عذريتهنَّ أمام أزواجهن المصابين بعدوى فيروس العوز المناعي البشري أو بأمراض أخرى منقولة عن طريق الجنس مثل عدوى فيروس الحلأ البسيط من النمط 2، والسيلان، أو الكلاميديا التي تُعزِّز من تعرض الفتيات للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.
بينت دراسةٌ أخرى أن الضغط الاجتماعي الذي تتعرض له الطفلات المتزوجات من أجل الإنجاب يعرضهن لممارسة علاقات جنسية عديدة غير محمية لحدوث الحمل، ثم إن نمطَ الزوج يؤدي دورًا في ذلك؛ إذ لا يكتفي الزوج بشريكةٍ واحدة، فتعدد الزوجات منتشر في تلك المناطق، ثم إن احتمال إصابة الأزواج الأكبر سنًّا بفيروس عوز المناعة المكتسب أكثر من أقران الفتيات الذكور بنسبة 30%.
سرطان عنق الرحم:
يؤدي زواج الأطفال -وما يرافقه من تعدد الزوجات- دورًا مهمًّا في مرض فتاك آخر؛ ألا وهو سرطان عنق الرحم؛ فقد أصبحت الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري مستوطِنة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وعلى الرغم من أن العديد من الدول الأفريقية لا تملك القدرة على الكشف عن سرطان عنق الرحم أو فيروس الورم الحليمي البشري على نحو كافٍ أو فعال؛ إلا أن معدل الإصابة بسرطان عنق الرحم في أفريقيا مرتفع للغاية. وقد أُجريت عدة دراسات في دول أفريقيا تبيَّن فيها أن زواج القاصرات هو عامل خطورة للإصابة بسرطان عنق الرحم إضافة إلى عوامل أخرى كالنظافة الشخصية المنخفضة وتعدد الولادات (أكثر من 10).
الحمل عند الطفلات:
يفرض الحمل العديدَ من التحديات للفتيات الصغيرات لأن الحمل يقمع الجهاز المناعي. تتعرض الفتيات الحوامل لخطر متزايد للإصابة بأمراض مثل الملاريا؛ إذ إن كثافة طفيلي الملاريا أعلى بكثير في الفتيات الحوامل اللاتي لا تتجاوز أعمارهن 19 سنة مقارنة بالحوامل فوق سن 19. وفي حال ترافقت الإصابة بالملاريا مع فيروس نقص المناعة البشرية؛ فهذه الإصابة عند الطفلات المتزوجات مدمرة؛ إذ تزيد الملاريا من الحمل الفيروسي للفيروس في الدم وتزيد من الانتقال العمودي للفيروس من الأم إلى الطفل.
الولادة عند الطفلات:
إن الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن من 10 إلى 14 عامًا أكثر عرضة للوفاة 5 و7 مرات بسبب الولادة، واللواتي تتراوح أعمارهن من 15 إلى 19عامًا أكثرعرضة مرتين مقارنة بالنساء اللائي تزيد أعمارهن على 20 عامًا.
إن أسباب ارتفاع معدلات الوفيات هذه تشمل الانسمام الحملي ونزيف ما بعد الولادة والعدوى بفيروس نقص المناعة البشرية والملاريا والمخاض المعوق. يحدث المخاض المعوق نتيجة حوض الفتاة الصغير جدًّا الذي لا يسمح بخروج الجنين؛ إذ يمرُّ رأس الجنين إلى المهبل ولكن لا يمكن أن تتناسب كتفاه مع عظام الحوض الأم، ودون عملية قيصرية يموت الوليد وتكون الأم محظوظة إذا نجت.
يؤدي المخاض المعاق في كثير من الأحيان إلى نواسير؛ إذ يؤدي ضغط رأس الجنين على الجدار المهبلي إلى نخر الأنسجة وتحدث الإصابة بالناسور بين المهبل والمثانة أو المستقيم بعد زوال الأنسجة الميتة. يقدر أن أكثر من مليوني مراهقة مصابة بالناسور، وتتطور الإصابة بالناسور إلى أكثر من 100،000 كل عام. الفتيات في الفئة العمرية 10-15 سنة معرضات على نحو خاص؛ ذلك لأن عظام الحوض ليست جاهزة للإنجاب والولادة.. وبمجرد تشكل الناسور؛ قد يؤدي سلس البراز أو البول وشلل العصب الشظوي إلى الإذلال والنبذ والاكتئاب الناتج. وإذا لح يُعالج الناسور جراحيًّا؛ فإن هؤلاء الفتيات لديهن فرص محدودة في عيش حياة طبيعية وإنجاب الأطفال.
ماذا عن أطفال الطفلات؟
زواج القاصرات لا يؤثر فقط في الفتيات الصغيرات؛ بل إنه يؤثر في الجيل القادم. فالأمهات الشابات غير سليمات وغير ناضجات ويفتقرن إلى الخدمات الاجتماعية والإنجابية، ويتعرض أطفالهن أيضًا لخطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية في أثناء الولادة وفي أثناء الرضاعة الطبيعية. والأمهات اللاتي أُصبن بالملاريا معرضات لخطر متزايد للولادة المبكرة وفقر الدم والموت. الأمراض المنقولة جنسيًّا غير المعالجة مثل السيلان والكلاميديا والزهري وعدوى فيروس الحلأ البسيط يمكن أن يكون لها آثارٌ ضارةٌ على الأولاد، مثل الولادة المبكرة والإنتانات الخِلقية الوليدية والعمى. حتى معدل وفيات الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات يمكن أن يكون أعلى بنسبة 28٪ للأطفال المولودين لأمهات شابات مقارنة بالأطفال المولودين لأمهات أكبر من 20 عامًا.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا