كيف تكافح الاكتئاب بنفسك؟ (الجزء الأول)
علم النفس >>>> الصحة النفسية
إنَّ الخطوة الأولى دائمًا ما تكون الأصعب، ولكن الذهاب للمشي أو حتى النهوض والرقص على أغنية تحبُّها مثلًا يُعدُّ شيئًا تستطيع فعلَه في الحال وبمقدوره أن يرفع من مزاجك وطاقتك لقدرٍ كافٍ حتى تنفِّذ الخطوةَ الثانية مثل تحضير وجبة محسنة للمزاج أو الاتفاق على لقاء صديق قديم.
من خلال اتخاذ هذه الخطوات الصغيرة الإيجابية يوم تلوَ الآخر؛ ستجد نفسك تغادر ضبابَ الاكتئاب الثقيل لتشعر بالسعادة والأمل مجدَّدًا.
بالتأكيد ما من شخصين يتأثران بالاكتئاب بالطريقة ذاتها، ولذلك لا يوجد نمطٌ علاجي واحد بإمكانه علاج جميع المصابين بالاكتئاب، فما ينفع مع أحدهم قد لا ينفع مع شخص آخر. وحين تصبح على دراية قدر الإمكان؛ سوف تستطيع أن تجد بنفسك الأنماطَ العلاجية التي تساعدك على تحقيق أفضل تحسن.
بالنسبة إلى أيَّة حالة اكتئاب؛ فإنَّ تغيير نمط الحياة يُعدُّ ركنًا أساسيًّا لعلاج الاكتئاب.
نذكر في الجزء الأول من مقالنا هذا بعضًا من التغييرات التي تقود إلى أفضل النتائج:
أولًا: التمرين (ممارسة الرياضة):
عندما تكون مصابًا بالاكتئاب، فإنَّ مجرد النهوض من السرير قد يبدو مهمةً شاقة، هذا ما قد يخطر لك الآن. ولكنَّ التمرين بمثابة محارب قوي ضد الاكتئاب؛ إذ تظهر عديدٌ من الدراسات أنَّ التمرين بانتظام قد يكون فعالًا بنفس مقدار فعالية الأدوية المضادة للاكتئاب.
ولا يقتصر تأثير التمرين على رفع السيروتونين والأندروفين وباقي المواد الكيميائية في الدماغ المسؤولة عن الشعور بالراحة فحسب، وإنَّما يحسِّن أيضًا نموَّ خلايا واتصالات عقلية جديدة كما تفعل الأدوية المضادة للاكتئاب.
للوصول إلى هذا التحسن؛ ليس عليك أن تشترك في الماراثون! مجرد المشي يوميًّا مدة نصف ساعة بإمكانه أن يحقِّق فرقًا كبيرًا، وليس من الضروري أن تؤدي هذا التمرين دفعة واحدة، يمكنك أن تبدأ بفترات أقصر؛ إذ إنَّ المشي مدة 10 دقائق بإمكانه أن يحسِّن مزاجَك مدة ثلاث ساعات.
ما الفوائد التي يمكن تحقيقها من خلال التمرين؟
ثانيًا: الدعم الاجتماعي :
تقلل شبكة التواصل الاجتماعي من خطر الانعزال؛ والذي يُعدُّ أحد عوامل خطورة اضطراب الاكتئاب.
قد تكون طبيعةُ اضطراب الاكتئاب أمرًا يعيق التواصلَ وطلب المساعدة، فحين تكون مكتئبًا تتوجَّه رغبتك نحو الانسحاب والانعزال عن محيطك، حتى التواصل مع العائلة والأصدقاء المقربين قد يبدو صعبًا.
قد تشعر أنَّك منهكٌ لا تريد التكلم، قد تشعر بالعار فيما يخصُّ حالتك أو بالذنب لإهمال بعض علاقاتك، ولكن هذا هو صوت الاكتئاب من يتكلَّم هنا.
إنَّ الحفاظ على التواصل مع الآخرين والمشاركة في النشاطات الاجتماعية سيجعل نظرتَك ومزاجك مختلفين تمامًا. وليس التواصل المستمر مع الآخرين علامةً للضعف ولا يعني بأنَّك تشكل عبئًا عليهم، هناك من يحبونك ويهتمون لأمرك ويودون تقديمَ المساعدة. وإن كنت تشعر بأنَّه ليس لديك أحد؛ فلم يفت الأوان أبدًا على بناء علاقات وصداقات جديدة وتحسين شبكة علاقاتك الاجتماعية.
ما هو التواصل الذي يحدُّ من الاكتئاب؟
ابحث عن الدعم ممَّن يشعرك بالأمان والاهتمام: ليس من الضروري أن يكون من تتحدث إليه قادرًا على علاجك؛ يجب أن يكون مستمعًا جيدًا فقط، أن يكون شخصًا يستمع لك بانتباه واهتمام دون أن يقاطعك أو يحكم عليك.
امنح الأولوية للتواصل المباشر: المكالمات الهاتفية ووسائل التواصل الاجتماعي والمراسلة.. طرائق رائعة للبقاء على تواصل، لكنَّها لا تحل محلَّ الوقت الجميل للتواصل الشخصي المباشر.
إنَّ التصرف البسيط بأن تتحدث مع أحدهم وجهًا لوجه عمَّا تشعر به بإمكانه أن يؤدي دورًا كبيرًا في التحسن من الاكتئاب وإبعاده عنك.
حاول المواظبةَ على النشاطات الاجتماعية حتى إن كنت تشعر بأنَّها لا تعجبك:
عندما تكون مكتئبًا؛ غالبًا ما ستشعر بالارتياح أكثر عند العودة إلى قوقعتك، ولكن البقاء محاطًا بأشخاص آخرين سيقلل من حدة الاكتئاب.
جد طرائقَ لمساعدة الآخرين: من الرائع تلقِّي الدعم، ولكن تُظهر الأبحاث أنَّ تقديم العون يحقِّق ارتفاعًا في المزاج أكبر ممَّا يحدث عند تلقي المساعدة.
لذلك حاول إيجادَ طرائقَ سواء كبيرة أم صغيرة لمساعدة الآخرين؛ كالتطوع أو الإصغاء جيدًا لأحد الأصدقاء، أو الإقدام على مبادرة لطيفة مع أحدهم.
اعتنِ بحيوان أليف: ما من شيء يعوض التواصلَ البشري، ولكن الحيوانات الأليفة بإمكانها جلبُ السعادة والشعور بالرفقة لحياتك والتقليل من شعورك بالوحدة. الاعتناء بحيوان أليف سيشغلك عن الجانب المتعب من نفسك ويمنحك شعورًا بالمسؤولية، والذي يُعدُّ بمثابة ترياق قوي للاكتئاب.
بعض النصائح للحفاظ على التواصل:
قد تشعر في البداية بأنَّ هذه الوسائل أمرٌ لا يستحق أهميةً كبيرة، ولكن عن طريق الالتزام بها والمواظبة عليها باستمرار وانتظام؛ ستجد أنَّها تساعدك على استعادة حياتك.
مصادر المقال:
هنا