قصة الأرض المُجوَّفة الجزء الأول
منوعات علمية >>>> العلم الزائف
ومن أشهر هذه الاعتقادات وأكثرها جدلاً هي احتمالية أن تكون الأرض مجوفة، ووجود مسار مباشر يصل ما بين القطبين الشمالي والجنوبي للأرض.
كيف بدأت قصة الأرض المجوفة؟
بدأت القصة مع العالم الفلكي الإنكليزي "إدموند هالي Edmond Halley"، الذي نجح في تحديد مسار إحدى المذنبات، التي سُميت هالي نسبةً له، كان هالي مولعاً بعلم الفلك وبدراسة تغيرات الحقل المغناطيسي للأرض، ونشر عام 1692م ورقة بحثية توضح سبب تغير انحراف الإبرة المغناطيسية مع فرضية لبنية الأجزاء الداخلية لكوكب الأرض.
إذ لاحظ هالي مع مرور الوقت تبايناً طفيفاً باتجاه الحقل المغناطيسي، ولكي يتمكن من تحديد هذا التباين افترض وجود أكثر من حقل مغناطيسي واحد؛ إذ اقترح بأنَّ كوكب الأرض يتألف من أربع طبقات كروية متحدة المركز، وبأنَّ الطبقات منفصلة عن بعضها بأغلفة جوية تحيط بكل طبقة ولكل منها حقل مغناطيسي خاص، وأشار إلى أنَّ اختلاف سرعة دوران الطبقات الكروية هي التي تسبب تغيرات في الحقل المغناطيسي للأرض على المدى الطويل.
والشكل التالي يوضح التصور الذي وضعه هالي عن شكل الأرض في ورقته البحثية:
Image: https://farm7.static.flickr.com/6057/6222429033_65ff3350d3_z.jpg
وأضاف إلى ذلك اعتقاده بأنَّ جوف الأرض يضج بالحياة ويستمد ضوءه من الغلاف الجوي المحيط به، ونسب حدوث ظاهرة الشفق القطبي إلى الغازات المنبعثة من قشرة الأرض في منطقة القطبين، وباستناده إلى مبرهنة نيوتن في تفلطح الأرض افترض بأنَّ القشرة الخارجية للأرض تكون أرق عند القطبين مما يسمح بانتشار الغازات من خلالها وظهور الشفق.
تدَّعي بعض الكتب والمواقع الإلكترونية بأنَّ عالم الرياضيات السويسري ليونارد أويلر Leonhard Euler تبنَّى فكرة هالي في القرن الثامن عشر، واقترح نموذجًا أبسط للأرض المجوفة وذلك بأنَّ الأرض كرة مجوفة بالكامل، أي لا يوجد داخلها طبقات كروية ولكنها تتضمن في الوسط شمساً يبلغ طولها 600 ميل أي ما يعادل 1000 كيلومتر تقريباً.
ولكن لا توجد مراجع تُوثِّق ذلك سوى رسائل أويلر (Letters of Euler on Natural Philosophy، Vol 2، Letter LVIII، pp 202-203، 1835) التي قد تكون غير صحيحة، ومع ذلك شرح بعض الباحثون سوء فهم تلك الرسائل؛ فَوجدوا بعض تعليقاته في المعضلات الرياضية مثل "لو حفرت حفرة على كامل طول الأرض وأسقطت حجرة ماذا سيحدث؟"، وهذا لا يدل على أن أويلر يؤمن باعتقاد الأرض الجوفاء، ولكنه وجه أسئلة فكرية ليس أكثر(ومع ذلك قد يكون أويلر افترض ذلك في مرحلة من مراحل حياته).
في عام 1829م، اقترح عالم الرياضيات والفيزياء الإسكتلندي جون ليزلي John Leslie فكرة الأرض المجوفة مع وجود شمسين في مركز الأرض وسمَّاهما بلوتو Pluto وبروسيربين Proserpine.
محاولات فاشلة في إثبات أن الأرض مجوفة
جون كليفز سيمز John Cleves Symmes: ضابط سابق ورجل أعمال أمريكي وهو من أشهر مؤيدي قصة الأرض المجوفة وأكثرهم إصراراً؛ فقد اعتقد أنَّ هناك مدخلين في كل من القطبين الشمالي والجنوبي كما هو موضح في الشكل:
Image: http://uselessinformation.org/wp-content/uploads/2018/06/Hollow-Earth.jpg
كرَّس سيمز حياته لإثبات اعتقاداته وعمل على جمع المال لإجراء رحلة إلى القطب الشمالي واستكشاف الحياة داخل جوف الأرض متوقعاً رؤية كائنات حية تعيش هناك، ولكنه لم ينجح في ذلك، وفي عامي 1822م و1823م فشل في إقناع الكونغرس الأمريكي في تمويل رحلة استكشافية إلى القطب الجنوبي لرؤية الثقب.
حاول في أواخر حياته الانضمام إلى البعثة القطبية الروسية ولكنه لم يتمكن من ذلك أيضًا؛ إذ تُوفي عام 1829م وللأسف كان قبره هو أقرب ما وصل إليه من مركز الأرض، بنى ابنه أميريكوس سيمز Americus Symmes تمثالاً فوق قبر أبيه مع أنموذج للأرض المجوفة في قمته، ورُمِّم هذا التمثال عام 1991م ولا يزال قائماً في وسط منتزه أحد الشوارع في مدينة هاملتون في ولاية أوهايو كما هي واضحة في الصورة:
Image: https://www.roadsideamerica.com/attract/images/oh/OHHAMhollow_ks01fx_620x300.jpg
بقيت أفكار سيمز عن الأرض المجوفة منتشرة حتى القرن التاسع عشر، ولم يوضح للجميع حقيقة شكل الأرض. سنتابع معكم في المقال القادم بعض المحاولات الأخرى التي فشل أصحابها في إثبات أن الأرض مجوفة، انتظرونا.
المصادر:
هنا
هنا
هنا