ثُلث أنهار العالم فقط يتدفق بحُرِّية
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم الأرض
علاوة على ذلك؛ فإن تدفق المياه لا يحدث فقط أسفل قناة النهر (طولياً)؛ بل على السهول الفيضية (أفقياً وعمودياً) أيضاً عبر قاع النهر والمياه الجوفية المجاورة؛ إذ تسمح مسارات الاتصال هذه بتبادل المواد الغذائية والعضوية والكائنات الحية في جميع الاتجاهات، وهي تكمن وراء قدرة الأنهار على توليد الخدمات والفوائد الإيكولوجية. ويمكن تعريف الأنهار الحرة التدفق بأنها الأنهار التي ترتبط ارتباطاً تاماً بالأبعاد المكانية الثلاثة للتدفق وهي التي تختلف طبيعياً في أحجامها النسبية مع مرور الوقت (البعد الرابع) وتكون سليمة تماماً وظيفياً.
قيَّم فريقٌ من الباحثين الدوليين عام 2019 حالةَ تدفق 12 مليون كم من أطول الأنهار في العالم باستخدام صور الأقمار الصناعية وغيرها من البيانات، وتوفير أول تقييم عالمي على الإطلاق لموقع الأنهار الحُرّة التدفق ونسبتها على سطح الكوكب.
فأظهرت الدراسة أن ما يزيد قليلاً على ثلث هذه الأنهار (37%) والبالغ عددها 246 نهر لا يزال يتدفق بحُرِّية. وتبيَّن أن 21 نهراً فقط من أصل 91 لا يزال يحتفظ باتصال مباشر من المنبع إلى المصب؛ إذ يقتصر وجودها غالباً على المناطق النائية في القطب الشمالي وحوض الأمازون وحوض الكونغو.
وبيَّن المؤلفُ الرئيس للتقييم أن الأنهار المتدفقة بحُرِّية مهمة للإنسان والبيئة على حدّ سواء، إلا أن التطور في جميع أنحاء العالم يجعلها نادرة على نحو متزايد؛ إذ تُعد السدود والخزانات هي المساهم الرئيس في فقدان التواصل في الأنهار العالمية؛ فقد تبيَّن أن هناك قرابة 60 ألف سد كبير وأكثر من 3700 سد لتوليد الطاقة الكهرومائية مخطط لها أو قيد الإنشاء. وتأتي صعوبة تقييم أثر هذه السدود في مستوى الحوض أو المنطقة من كونها مشاريع تُنفَّذ على المستوى الفردي.
ويمكن تلخيص الفوائد التي تقدمها الأنهار الصحيّة بــ:
- كونها تدعم مخزون أسماك المياه العذبة التي تعمل على تحسين الأمن الغذائي مئات الملايين من الناس.
- تؤمن الإمداد بالرواسب التي تبقي الدلتا فوق مستوى سطح البحر.
- تخفف من آثار الفيضانات والجفاف الشديد.
- وتمنع فقدان الحقول والبنى التحتيّة وتآكلها.
لذا تُعد حماية الأنهار المتبقية دون تدخل بشري أمراً ضرورياً لإنقاذ التنوع البيولوجي في أنظمة المياه العذبة. فقد أظهر التحليل الأخير الذي شمل 16704 مجموعة من الحيوانات البريّة على مستوى العالم أن أعداد الحيوانات المرتبطة بالمياه العذبة قد شهِدت أكبر انخفاض من بين جميع الفقاريات في خلال نصف القرن الماضي؛ إذ انخفضت بمعدل 83% منذ عام 1970.
وأيضاً تُشير الدراسة إلى أن تغير المناخ سوف يهدّد صحة الأنهار في جميع أنحاء العالم؛ إذ تؤثر درجات الحرارة المرتفعة في أنماط التدفق ونوعيّة المياه والتنوع البيولوجي، ومع تحوّل العالم إلى الاقتصادات المنخفضة الكربون؛ يتسارع التوسع في تخطيط الطاقة الكهرومائية وتنميتها؛ مما يزيد من الحاجة الملحّة إلى تطوير أنظمة الطاقة التي تقلل من التأثير البيئي والاجتماعي العام. ففي الوقت الذي تؤدي الطاقة الكهرومائية دوراً حتمياً في مجال الطاقة المتجددة؛ فإن طاقة الرياح والطاقة الشمسيّة المخططة جيداً يمكن أن تكون خيارات أكثر جدوى لدى الأنهار والمجتمعات والتنوع البيولوجي الذي يعتمد عليها.
ويلتزم المجتمع الدولي بحماية الأنهار واستعادتها بموجب جدول أعمال التنمية المستدامة لعام 2030 وهو الذي يتطلب من الدول تتبع مدى النظم الإيكولوجية المتعلقة بالمياه وحالتها.
لذا لا بد من تكاتف الجهود لاتباع طرائق وأساليب للمحافظة على النظم البيولوجية المتعلقة بالأنهار والتوجه للاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بوصفها طاقات متجددة لا تنضب.
المصادر:
1- هنا
هنا -2