مراجعة كتاب (كفاحي) الديكتاتور الذي غيَّر وجهَ العالم!
كتاب >>>> روايات ومقالات
ولد أدولف هتلر النمساوي الأصل في 20 نيسان (أبريل) من عام 1889 وكان الثالث بين إخوته، وقد أسهم وجوده في النمسا في تشكيل أفكاره السياسية؛ إذ كانت فيينا إحدى أهم العواصم الفكرية في العالم حينها.
تقدم هتلر لكلية الفنون لكنه رُفض مرتين، وعاش بعدها رسامًا بائسًا ومتشردًا مدة خمس سنوات وذلك بعد وفاة والدته عام 1908 التي كانت تنفق عليه، وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى التحق بالجبهة، وكان هتلر يحلم بجمع كل الألمان في العالم في أرض واحدة هي أرض ألمانيا، ولكن مساحة الأرض ونقص الموارد كانا عائقين في طريق تحقيق هذا الحلم، ومن هنا انطلقت أفكاره التوسعية. رأى هتلر في اليهود والماركسية الخطر الأكبر الذي يهدد ألمانيا لا سيما بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، ولذلك أخذ على عاتقه الاشتغال بالسياسة لتوعية الشعب بخصوص هذين الخطرين، وبدأ نشاطه السياسي بعد الحرب؛ إذ كانت ألمانيا حينها ساحة أحزاب لكن المسيطر كان الماركسيون، ولمواجهتهم ظهر حزب العمال القومي الاشتراكي -أو ما يعرف بالحزب النازي- الذي اكتشف هتلر في أثناء انضمامه إليه مواهبه في الخطابة والتأثير في المستمعين، ولهذا كان ينتهز أية فرصة ليخطب بالجموع.
يهدف الحزب النازي لإقامة دولة ألمانيا على أساس عنصري؛ إذا يُعرِّف هتلر عن مبادئ الحزب بقوله: "بقيام الحزب الاشتراكي الألماني قامت في ألمانيا حركة غايتها إعادة بناء الدولة على أساس عنصري؛ إذ لا يمكن التغلب على حركة يدعمها الإرهاب باعتماد وسائل فكرية فلا بد من مواجهة الحركة بحركة ذات عقيدة تعتمد أيضًا سلاح الإرهاب". تسلم هتلر قيادة الحزب وخطط لانقلاب عسكري بدأه في صالة في ميونخ مساء يوم الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 1923، لكنه فشل في تحقيق ذلك فحُكم عليه بالسجن مدة خمس سنوات كتب في أثنائها هذا الكتاب.
أما عن مبادئ الحزب فهي 25 مبدأ تحدَّث عنها (هتلر) بالتفصيل، وتتمثل بالعمل على انخراط الطبقة العمالية في المجتمع وتقريب الطبقات من بعضها بعضًا لا سيما أن الحرب زادت من انفصال الطبقات، بالإضافة إلى الحفاظ على نقاوة العرق وصفاء دمه؛ إذ يقول في هذا السياق: "عند التخالط يتمازج الدم ويفسد، وتتلاشى روح الوحدة وتتراجع القدرة على الإبداع وبناء الحضارات". ويجدر الإشارة إلى أن هذه الحركة الحزبية التي كان مقرها ميونيخ كانت مناهِضة للنظام البرلماني الذي ينكر أهمية الغالبية وسيطرتها، وكانت ضد اليهود بصورة أساسية، ويؤكد (هتلر) ذلك بقوله: "كل ألماني يتلقى هجومًا يهوديًّا هو واحد منا، وصديقنا هو كل ألماني يكره اليهود".
كانت هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى صدمة لهتلر؛ إذ عدَّها نتيجة لسلسلة من المجريات أهمها أن ألمانيا تعرضت للطعن في الظهر من قبل بعض القادة والعسكريين الماركسيين، وحِرص ألمانيا على السلام الذي فوت عليها فرصة الهجوم في الحرب، بالإضافة إلى تراخي السلطات في التعامل مع نشاط الماركسيين في البلاد، والأهم من هذا الدعايةُ التي أدت دورًا مهما في الحرب، فعندما اندلعت المواجهة بين إنكلترا وألمانيا صوَّر الإعلام الألماني الجنود الإنكليز على أنهم جبناء وضعفاء، لكن في الميدان كانت النتائج معكوسة، وأما الإعلام الإنكليزي فقد وصف الجنود الألمان بالبرابرة، وهذا ما وجده الجنود عند قتالهم الألمان، ومن ثم كانت النتيجة أن فقد الجندي الألماني ثقته بحكومته وعدَّ كل ما تقدمه كذبًا وتضليلًا.
لقد ظهرت أهم الخطوط العريضة من مخطط هتلر بوضوح في كتابه هذا، فقد كان ضد قرار الأكثرية، بل حسب رأيه يجب أن يتولى شخص واحد زمام الأمور، وأكد أن النمسا أرضٌ ألمانية يجب أن تُسترد وأكد ضرورةَ وجود التربية العسكرية وإعادة التجنيد الإجباري وحُكم الإعدام وضرورةَ منع غير الأصحاء من الإنجاب وعدم منح الفتاة الألمانية لقب المواطنة إلا بعد الزواج.
إن أفكار هتلر التوسعية قد جرَّت العالم إلى حرب عالمية ثانية، ومهما اختلفت الآراء تجاهه فإنه من المتفق عليه أن هتلر من أكثر الشخصيات تأثيرًا في القرن العشرين بسبب قراراته التي غيرت وجه المنطقة وجعلت أميركا تَظهر قوةً عملاقة في نهاية المطاف.
معلومات الكتاب:
أدولف، هتلر. كفاحي. ترجمة: سعد.أميمة. بيروت: دار الأنوار للطباعة والنشر والتوزيع. ط 1. 2016
عدد الصفحات: 240
مصادر المقال:
لويس، سنيدر: أدولف هتلر الرجل الذي أراد عمليًا احتلال العالم، ترجمة: طارق خاطر، 2001. من صفحة 7 - 42