كيف تُغسل الكلية؟
الطب >>>> مقالات طبية
يؤدي التحال وظيفة الكلية في حال فشلها، ووفقًا للمؤسسة الوطنية للكلية National Kidney Foundation؛ تحدث المرحلة النهائية من الفشل الكلوي عندما تؤدي الكلية من 10% إلى 15% فقط من وظائفها المعتادة.
استُخدم غسيل الكلية (التحال) منذ أربعينيات القرن الماضي لمساعدة الناس الذين لديهم مشكلات في الكلى.
ما أنواع التحال؟
لدينا نوعان من التحال؛ هما التحال الدموي (Hemodialysis)، والبريتواني (Peritoneal dialysis).
ولفهم آلية عمل التحال، يجب فهم بعض المبادئ الفيزيائية كالانتشار diffusion والضغط التناضحي Osmotic pressure.
ولفهم ماهية الانتشار، يمكن تخيل هذه التجربة البسيطة: نحضر صندوقًا زجاجيًّا فارغًا مقسومًا إلى نصفين بواسطة جدار رفيع يحوي ثقوبًا صغيرة، ومن ثم نسكب سائلًا شفافًا في النصف الأيمن وملونًا في النصف الأيسر.
ونلاحظ انتقال الجزيئات الملونة في النصف الأيسر تدريجيًّا بوساطة الثقوب الموجودة في الجدار، ونفوذها إلى السائل الشفاف في النصف الأيمن. وفي النهاية سنجد أنَّ كلا السائلين لهما اللون نفسه، وعدد الجزيئات الملونة في الماء هي ذاتها على جانبي الجدار. وإذا كررنا العملية عدة مرات بأن نستبدل بالسائل في النصف الأيمن من الصندوق سائلًا شفافًا؛ فلن يبقى في النهاية أيُّ جزيئات ملونة في النصف الأيسر بسبب الانتقال المستمر للجزيئات من الحيز ذي التركيز الأعلى (السائل الملون) إلى الحيز ذي التركيز الأدنى (السائل الشفاف).
ويعمل التحال بطريقة مشابهة: الدم كالسائل الملون، يحتوي على العديد من المواد التي تنحل إلى جزيئات. وفي التحال يُؤتى بسائل يحوي تراكيز منخفضة من هذه الجزيئات (سائل التحال أو غسيل الكلية). ويُفصل الدم وسائل التحال بواسطة جدار رفيع أو ما يسمى بالغشاء نصف النفوذ. يسمح هذا الغشاء بثقوبه الصغيرة للجزيئات التي يحتاج الجسم إلى التخلص منها أن تمر عبره، ولكن لا يسمح للمكونات المهمة الأخرى في الدم (مثل خلايا الدم) المرور عبره (1).
في التحال الدموي، يُنقى الدم خارج الجسم، إذ يُستخدم جهاز اصطناعي (Hemodialyzer) لإزالة الفضلات والمواد الكيميائية والسوائل ليصل الدم إلى الجهاز، ويحتاج الطبيب لتجهيز نقطة دخول داخل الأوعية الدموية إلى إجراء جراحة بسيطة في الذراع أو القدم، إذ يربط الشريان بالوريد تحت الجلد لتوسيع الأوعية الدموية، وتسمى بالفيستولا (ناسور) Fistula. ومع ذلك، إذا لم تكن الأوعية الدموية مناسبة، فيجوز للطبيب استعمال أنبوب بلاستيكي ناعم لربط الشريان بالوريد، وهذا ما يدعى بالطعم (5).
وفي أثناء التحال يمر الدم من الأوعية الدموية عبر جهاز غسيل الكلى لإعادة نقله إلى داخل الجسم (1) كما في الشكل الآتي:
Image: https://assets.aboutkidshealth.ca
ويستغرق العلاج 4 ساعات في اليوم، ويجرى 3 مرات في الأسبوع (5).
أما التحال البريتواني فيعتمد مبدأ التناضح Osmosis، وهو الذي يمكن معرفته من الحياة اليومية، فعلى سبيل المثال؛ إذا رششت السكر على علبة من الفواكه المقطعة الطازجة، فسيسحب السكر الماء من الفواكه، وفي نهاية المطاف ستسبح قطع الفواكه في عصير الفواكه.
ويُستخدم المبدأ ذاته في التحال البريتواني لإزالة الماء الفائض من الجسم، إذ يحتوي سائل التحال على السكر لسحب الماء من الجسم.(1).
وفي التحال البريتواني، لا يُنقى الدم خارج الجسم بل داخله، وفي التجويف البطني (المساحة الفارغة المحيطة بالأعضاء في البطن)، تستخدم بطانة التجويف البطني (البريتوان) غشاء نصف النفوذ، ويُزود البريتوان بكمية كافية من الدم ويغطي الأعضاء كالأمعاء.
وقبل البدء بالتحال البريتواني، تسمح القثطرة للمريض بوضع سائل التحال داخل البطن بنفسه. ومن ثم تنتشر المواد الضارة من الأوعية الدموية في الصفاق إلى سائل التحال، وذلك لأن سائل التحال يحتوي على السكر أو مواد مشابهة للسكر، ويُزال أيضًا الماء الفائض من الدم بسبب التناضح، كما في الشكل الآتي:
Image: https://www.nkfs.org
بعد عدة ساعات، يُفرَغ سائل التحال من التجويف البطني مجددًا، ومن ثم يستبدل به سائلُ تحال نقي مباشرةً لينقى الدم باستمرار. وفي الليل، يمكن استعمال جهاز يدعى الدرًّاج Cycler لتصريف سائل التحال واستبداله تلقائيًّا (1) (How does peritoneal work).
ما الإيجابيات والسلبيات لكلا التحال الدموي والبريتواني؟
إنّ كلا الطريقتين من التحال متكافئتان بالتساوي لمعظم الناس، لذا يعتمد الاختيارعادةً على التفضيل الشخصي.
ولكن قد يُفضل في بعض الحالات نمط معين من التحال؛ فعلى سبيل المثال، قد ينصح بالتحال البريتواني لـ:
1- الأطفال في عمر السنتين أو أصغر.
2- الناس الذين لا يزال لديهم بعض وظائف الكلية المحدودة.
3- البالغين الذين ليس لديهم ظروف صحية خطيرة، مثل مرض القلب أو السرطان.
قد يوصى بالتحال الدموي لبعض الناس غير القادرين على إجراء التحال البريتواني بأنفسهم، مثل الذين يعانون ضعفًا في البصر أو خرفًا أو حالةً صحية سيئة.
ومن فوائد التحال الدموي أنه لديك 4 أيام خالية من التحال في الأسبوع.
ويجب على العديد من الناس الذين يتلقون التحال الدموي في مركز التحال تجنب أطعمة معينة، وعادةً ما ينصحون بشرب عدد محدود من كؤوس السوائل في اليوم.
ومن إيجابيات التحال البريتواني، أنه يمكن للمريض إجراء التحال في المنزل دون الحاجة إلى الزيارات المنتظمة لوحدة غسيل الكلية، وأيضًا تكون القيود على الحمية وتناول السوائل أقل مقارنة بالتحال الدموي.
وأما سلبياته، فينبغي إجراؤه يوميًّا لدرجة قد يجده البعض مزعجًا، إضافة إلى ترك أنبوب رفيع (قثطرة) في البطن دائمًا.
ومن عيوب التحال البريتواني الأخرى أنّه يمكن لسائل التحال المستخدم أن يسبب نقصًا في مستويات البروتين التي يمكن أن تؤدي إلى نقص الطاقة وفي بعض الحالات إلى سوء التغذية (4).
هل ثمَّة آثار جانبية للتحال؟
تسبب طريقتا التحال آثارًا جانبية، فقد يؤدي التحال الدموي إلى انخفاض ضغط الدم والإنتان والتشنج العضلي والحكة، أما التحال البريتواني فيسبب التهاب البريتوان (وهو إنتان بالبكتريا يصيب البريتوان) والفتق وكسب الوزن بسبب احتواء سائل التحال البريتواني على الجزيئات السكرية (4).
هل يساعد التحال على الشفاء من الداء الكلوي؟
لا؛ ينوب التحال عن جزء من وظيفة الكلى السليمة، لكنه لا يشفي من الداء الكلوي؛ إذ ستحتاج إلى علاج التحال الدموي طيلة حياتك إلا إذا كنت قادرًا على إجراء زرع كلية (5).
كيف يمكن أن تكون الحياة مع التحال؟
معظم الناس لديهم نوعية حياة جيدة، إذ يمكنهم مواصلة العمل أو الدراسة أو القيادة أو ممارسة التمارين أو الذهاب في عطل. فالشخص الذي يبدأ التحال في نهاية العشرينات يمكن أن يعيش مدة 20 سنة وأكثر، ولكن كبار السن فوق الـ 75 سنة قد يعيشون من 2 إلى 3 سنوات (4).
وفي الوقت الحاضر، يستخدم غسيل الكلية بكثرة حتى في المشكلات الكلوية الصغيرة القابلة للعلاج. لذلك، يجب أن تكون النتائج المترتبة على غسيل الكلى معروفة لكل من الأطباء والمرضى (2).
المصادر:
(هنا (1
(هنا (2
(هنا (3
(هنا (4
(هنا (5