أستراليا على النار... هل تتعرَّض الكوالا لانقراضٍ وظيفيٍّ حقاً؟!
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
حرائق استثنائية تلتهم معظم رقعة أستراليا الجغرافية؛ فما خسائرها المادّية؟ وهل ستعتاد أستراليا حدوث مثل هذه الحرائق سنوياً؟ وهل حقاً تسببت هذه الحرائق بحدوث انقراض وظيفي لحيوانات الكوالا الأسترالية؟
تعالوا نتعرف إجابات هذه الأسئلة في المقال الآتي.
بدأ موسم الحرائق في أستراليا -الذي يبلغ ذروته في شهرَي كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير)– هذا العام، وتكمن موجة الجفاف القاسية التي تشهدها القارة بوصفها مسبباً جزئياً خلف هذه الحرائق التي التهمت أكثر من مليون ونصف هكتار في ولاية نيوثاوث ويلز، متفوقةً بذلك على مجموع المساحات الكلي التي تعرضت للحريق في خلال السنين الثلاث السابقة. وقد فَقَدَ 6 أشخاص حياتهم، في حين دُمِّرت مئات المنازل، وأيضاً نشب قرابة 70 حريقاً خارج عن السيطرة في ولاية كوينزلاند المجاورة -وفقاً لإحصائيات في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2019-، وعلى جنوب أستراليا أن يتجهز لمواجهة حرائق كارثية، لا سيما أن المناطق التي تتمتع بمناخ رطب لم تسلم أيضاً من الحرائق. (1)
Image: WILLIAM WEST/AFP/GETTY IMAGES
صورة (1) أحد المالكين يتفقد منزله الذي حولته الحرائق إلى ركام
Image: Bureau of Meteorology, Australia
صورة (2) المناطق التي تستعر فيها الحرائق
هناك العديد من العوامل التي تميز هذه الكارثة الطبيعية عن غيرها، وهي التي تتمثل في: الرقعة الجغرافية الكبيرة التي تمتد عليها الحرائق وشدتها؛ فهي تحدث على امتداد البلاد، والبداية المبكرة جدّاً لموسم الحرائق في شرق أستراليا، وحجم الخسائر المادّية المتمثلة بالمنازل. (1)
وتشهد غابات الكينا الرطبة المرتفعة الأشجار حرائقَ متكررة، على الرغم من ندرة تعرضها لمثل هذه الحرائق. كذلك أدّى جفاف السبخات بنتيجة انخفاض مناسيب المياه الجوفية إلى اشتعال النيران في الترسبات العضوية ضمن هذه السبخات. حتى النظم البيئية المتمثلة بالغابات المتكيفة أصلاً مع حدوث مثل هذه الحرائق لم تعد قادرة على مواجهة المزيد؛ نتيجة زيادة شدّة حدوث الحرائق وتواترها، ما قد يهددها بالاختفاء كلياً. (1)
Image: public domain
صورة (3) غابات الكينا في شرق أستراليا
Image: https://www.agriculture.gov.au/abares/forestsaustralia/profiles/eucalypt-forest
صورة (4)توّزع غابات الكينا بأنواعها في أستراليا
عدا عن أنّ الدخان الذي تخلّفه هذه الحرائق وهو الذي يتعدى تأثيره تأثير الحرائق المشتعلة، يؤثر مباشرة في الصحة العامة، لا سيما أنه مسبب لأمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية؛ ما يجعل الأمر فائق الخطورة فيما لو علمنا أن ثلث سكان أستراليا تقريباً –القاطنين في الساحل الشرقي- معرّضون لأخطار هذا الدخان. (1)
كذلك أثرّت هذه الحرائق مباشرة في الحياة البرية في الغابات الأسترالية، وكانت الكوالا الأسترالية إحدى أهم الحيوانات التي تداولت وسائل الإعلام الدولية خبرَ انقراضها الوظيفي. ويشير الانقراض الوظيفي "functional extinction" إلى أنّ الأنواع التي انخفضت أعدادها نتيجة كارثة ما؛ لم تعد لها قدرة على الاستمرار في الحياة (أي التكاثر واستمرار النوع)، فيما يؤكد خبراء الحفاظ على الكوالا في أستراليا على خطورة الادعاءات القائلة بانقراض الكولا الوظيفي، فهي تتضمن عدم جدوى الجهود الحثيثة للحفاظ عليها. في حين أن التركيز كان ينبغي أن يُوّجه لإجراء الأبحاث في إطار تحسين عمليات الحفاظ على حيوانات الكوالا، لا سيما أن مصطلح "الانقراض الوظيفي" يعدُّ مضللاً وفقاً لأحد خبراء البيئة، ويحتمل تعدد التأويلات عنه؛ فمثلاً قد يعني ذلك انخفاضاً كبيراً لأنواع الكوالا بما يقلل مساهمتها في النظام البيئي، ومن ناحية أخرى قد يعني هذا الانخفاض الكبير عدم القدرة على استعادة التعداد السابق للنوع. (2)
Image: public domain
صورة (5) الكوالا أكثر المتضررين من الحرائق المستعرة
ولا يمكن الجزم علمياً بحدوث "انقراض وظيفي" من عدمه إلا بناء على الأبحاث التي يمكن أن تجرى مستقبلا في هذا السياق، لا سيما أن عدداً من الأبحاث السابقة (3,4) قد تناولت أسباب الانخفاض المتسارع في تعداد الكوالا في جنوب شرق إستراليا. وفي دراسة نُشرت عام 2017؛ وصفت هذا التناقص بالكارثي؛ إذ اعتمدت على بيانات فترة 17 عاماً بين عامَي 1997 و2013، بحجم عينة بلغ 20250، صُنّفت وفقاً لسبب المرض أو الوفاة. (3) وهذا يشير إلى أنّ تعداد الكوالا ليس بخير أساساً حتى إذا لم نأخذ الحرائق الاستثنائية التي تشهدها إستراليا بعين النظر.
ولم يقتصر تأثير هذه الحرائق الهائلة في شرق أستراليا فقط؛ بل امتد إلى غربها وجنوبها؛ ما يعني أنّ شروط اندلاع حرائق الغابات الاعتيادية في أستراليا في هذه الفترة الزمنية من السنة قد تغيرت بفعل التغير المناخي الذي جهد العلماء في التحذير منه في العقود السابقة، ولكن دون أن تلقى هذه التحذيرات آذاناً صاغية من ناحية التخفيض الفعلي للغازات الدفيئة ودرجات الحرارة الآخذة بالارتفاع. (5)
المصادر:
1. Pickrell J. Massive Australian blazes will ‘reframe our understanding of bushfire’. Science. 2019;.
هنا
2. The University of Sydney. (2020). Koalas are not ‘functionally extinct’ but they are in danger. [online] Available at: هنا [Accessed 7 Feb. 2020].
3. Gonzalez-Astudillo, V., Allavena, R., McKinnon, A., Larkin, R. and Henning, J. (2017). Decline causes of Koalas in South East Queensland, Australia: a 17-year retrospective study of mortality and morbidity. Scientific Reports, 7(1).
هنا
4. Gonzalez-Astudillo, V., Allavena, R., McKinnon, A., Larkin, R. and Henning, J. (2017). Decline causes of Koalas in South East Queensland, Australia: a 17-year retrospective study of mortality and morbidity. Scientific Reports, 7(1).
هنا
5. Council, C. and Council, C. (2020). The facts about bushfires and climate change - Climate Council. [online] Climate Council. Available at: هنا [Accessed 7 Feb. 2020].