المنسوجات الإلكترونية الذكية
الهندسة والآليات >>>> الالكترونيات
شهِد مطلع القرن الواحد والعشرين نقطة تحوّلٍ استثنائيّة بما يخص أبحاث الهندسة الكهربائية والحوسبة التي كانت قبل ذلك حكرًا على مختبرات الأبحاث الصناعيّة والأكاديميّة الرسميّة، إذ سمح ظهور متحكّمات الأردوينو بإتاحة الإلكترونيّات والبرمجيات للمهتمّين من الهواة والعامة من غير المختصين [2]. وقد فتحت هذه التطورات الطريق لظهور عالم الأنسجة والخيوط في مجال الإلكترونيات E-Textiles، وهو أمرٌ قد يبدو غريبًا للوهلةِ الأولى، لكنَّه ببساطة ملابس صُممت وبداخلها أجهزة إلكترونية قابلة للارتداء! [1]
تتألف المنسوجات الإلكترونية عمومًا من خيوط مطورة خاصة لنقل الكهرباء ووصلها في بعض المواقع، وعناصر إلكترونية تتكون من أسلاك وبطارية صغيرة وحساسات ذكية وما إلى ذلك، إضافةً إلى دارة قماشية؛ وهي دارة إلكترونية مصممة داخل نسيج خيطي [3].
ظهور النسج الإلكترونية:
دخلت المنسوجات الإلكترونية أوساط البحث العلمي في نهاية القرن العشرين، وأصبحت اليوم تقنيةً جذابةً في المجال التقني والفني والصناعي، وحتى في المجال العسكري. ويعدُّ مختبر الميديا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT أهم مركزٍ لتطوير تكنولوجيا الحواسيب القابلة للارتداء في العالم، وفيه اختُبرت الخصائص التوصيلية لنسيج أورجانزا الحريري المعدني Metallic silk organza بغرض بناء الدارات الكهربائية ضمنه، فكانت سترة MIDI من أوائل نتائج تلك الاختبارات؛ وهي سترةٌ تحوي حساساتٍ لمسيةً قادرة على التحكم بجهازٍ لدمج التسجيلات والمقاطع الصوتية والتحكم بها [2].
كذلك أدى التقلص المستمر في أحجام الدارات والقطع الالكترونية إلى زيادة إمكانية دمجها في المنسوجات، فحُبِكت الحساسات والمقاومات والمكثفات والمعالجات والمتحكمات الصغيرة الحجم بين الخيوط والنسج، ممّا أعطى المنسوجات القدرة على تحسس الضغط والحرارة والرطوبة، وإيصال تلك المعلومات إلى لوحة تحكمٍ مسؤولةٍ عن تحليل البيانات [3].
لكنَّ فعالية المنسوجات ضمن الماء دون تضرّر الأجزاء الإلكترونية كانت إحدى التحديات التي واجهها الباحثون في هذا المجال.
وفي العام 2018 تمكن باحثون من معهد MIT للتكنولوجيا من تضمين بواعث ضوئية نصف ناقلة (LEDs) وحساسات ضوئية في خيوط قابلة للنسج، تُحاك لتشكل فيما بعد منسوجاتٍ ناعمة قابلة للغسيل والارتداء تمثل في الوقت ذاته أنظمة اتصال؛ ليتحقق بذلك حلم قديم بتكوين الألياف الذكية!
لاختبار هذه الخيوط الإلكترونية، عمل المصنعون على برمجتها لاستشعار الأمواج الضوئية وتحويلها إلى إشارات كهربائية، ومن ثم إلى موسيقا عن طريق مذياعٍ خارجي. وُضِعت الخيوط في حوض أسماك وسُلط الضوء المرمز على شكل نوتة موسيقية على الحوض -سيبدو للعين المجردة أن موجات الضوء ثابتة بسبب التردد العالي للإشارة- ونجح الباحثون في تحويل هذه الموجات إلى نوتات موسيقية، واستطاعت الخيوط الصمود داخل حوض الأسماك عدة أسابيع.
يمكنكم مشاهدة جزء من التجربة عبر الرابط [1]:
تحديّات تكنولوجيا النسج الالكترونيّة:
تتنوع مجالات استخدام النسج الإلكترونية على نحو كبير، ويعدُّ استخدام تطبيقاتها آمنًا ولا تشكل خطرًا على مستخدميها [1]، ورغم ذلك فإن الصعوبات والمشكلات التي تواجه المصنعين في جميع المجالات متشابهة، ومن أهمها صعوبة تحقيق ما يأتي [2]:
ووفقًا للباحثين، يمكن أن يكون للخيوط الإلكترونية تطبيقاتٌ مميّزة في مجالات الرياضة والمجال الطبي، إذ يمكن أن تُستعمل هذه الخيوط مثلًا لصناعة سوار للمعصم يقيس ضغط الدم أو مستويات الأوكسجين، أو أن تُخاط في الضمادات لتراقب عمليّة الشفاء باستمرار [1].
إلى أين سنصل بالتكنولوجيا؟ وهل ترى في هذه الصناعات خطواتٍ إيجابية، أم أنَّ لها مخاطر لا ندركها بعد؟
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا