مقاومة الزلازل باستخدام المياه؛ المخمِّدات السائلة المضبوطة (TLD)
العمارة والتشييد >>>> التشييد
(TLD) عو عباة عن خزَّان يحتوي السائل بداخله و يعتمد على تمايل هذا السائل لتبديد طاقة الاهتزاز، ويُوظَّف السائل ليقدِّم الخصائص المطلوبة من النظام الإنشائي الداعم (الثاني)، وفي الوقت نفسه يوفر ثقل هذه المخمِّدات آليةَ الاستعادة المطلوبة، أي يضم النظام الثانوي فترات مميزة يمكن ضبطها للحصول على الأداء الأمثل كما في المخمِّدات الكتلية المضبوطة (TMD tuned mass damper) (1).
يُصَمَّم خزان المياه على سطح البناء ليكون تردده الطبيعي مطابقًا لتردد البناء عند تعرُّضه للاهتزازات، ممَّا يؤدي إلى حدوث ظاهرة الطنين التي تُساهم في توازن المبنى.
الصورة (1)
الصورة (2)
في الصورة (1) تمثِّل القوة (Fe) القوة الأفقية الذي يتعرض لها المبنى، وتمثل القوة (Fd) القوة الناشئة عن المياه داخل الخزان، وهي قوة معاكسة ومُخَمِّدة للاهتزاز (1).
تتميَّز أنظمة (TLD) بأنها منخفضة التكلفة وسهلة التركيب والصيانة، وتتمثَّل الميزة الأكبر في إمكانية تثبيتها على غالبية أنواع الهياكل تقريبًا بما في ذلك المباني والأبراج الموجودة مسبقًا (1) .
في الهندسة الميكانيكية والمدنية والفضائية يمكن أن يكون لتفاعلات المنشأ الحاوي - المائع مع سطحٍ حرٍّ متحرِّك تأثيرٌ كبيرٌ في السلوك الديناميكي للهيكل، ولكن في بعض الظروف وخاصةً عندما تكون تشوهات الحاوية (المنشأ الحاوي للسائل) صغيرةً مقارنةً مع انتقالاتها، فمن الأفضل التعامل مع السطح الحر المتحرِّك بطريقة خطية (linearization) وتبسيط هيكل المنشأ وعدِّه حاويةً صلبةً مدعومةً بنظامٍ مكوَّنٍ من النوابض والألواح المرنة، لكنَّ مشكلات تفاعلات المنشأ - المائع تنطوي على حركةٍ واسعةِ السعة للمائع فإنَّ الخصائص اللاخطية (nonlinearity) الناتجة عن حركة السطح الحر والشروط الطرفية الديناميكية يجب أن تؤخذ بالحسبان، ويمكن أن تنتج اللاخطية عن ديناميكة المنشأ نفسه (1).
سَعت دراسةٌ إلى تحليل مبنى تحت تأثير الحمل التوافقي والحمولة الزلزالية مع (TLD) ودونه، إضافةً إلى عدِّ تأثيرات مرونة جدران الخزان عن طريق العديد من المعاملات الرئيسية للهيكل الحاوي على الماء مثل التردد الطبيعي لحركة السائل وقوى القص والعزم في جدار الخزانات أو أعمدة البناء وأعلى إزاحة، واستُخدِم (Ansys V.11) لنمذجة الهيكل الحامل والتحقق من ثخانة جدار الخزان لتقديم وصفٍ لعلاقة الخزَّان الصلب (Rigid Tank) والخزَّان المرن (flexible tank)، وصُمِّم المبنى في هذه الدراسة أيضًا على أنَّه يملك درجة حرية واحدة، ونسبة كتلة الـ (TLD) إلى الهيكل هي 10 ٪؛ وهذه النسبة أكبر من أن تُطبَّق عمليًّا خاصةً في المباني الشاهقة (1).
دُرِس في البداية التفاعل بين جدران الخزان والسائل عن طريق معاينة تأثير جدران الخزان في التردد الطبيعي وسعة حركة السائل وبيَّنت النتائج أنَّ هذا التفاعل مهم لسببين:
1- يؤدِّي التفاعل إلى تغيير الخصائص الديناميكية للخزان ويمكن ضبط التردُّدات الطبيعية للحاوية بسهولة عن طريق زيادة أو تقليل سمك جدار الخزان (1).
2- تكون سعة حركة السائل في الخزان المرن تحت الحمل نفسه أعلى من الخزان الصلب، ويمكن تحميل هذا الخزان المرن ضمنيًّا حمولةً أكثر من الخزان الصلب، وعند تصميم (TLD) يجب التحقُّق من المرونة بواسطة المعامل (ψ معامل المرونة والذي يعتمد على سمك جدار الخزان والارتفاع ومعامل السائل) لحماية استقرار الحاوية، وعند افتراض جدار الخزان الصلب أيضًا فإنَّ الكثير من الحاويات تفشل وخاصةً مع الأحمال الديناميكية (1).
وقد حُلِّل أيضًا مثالان عدديَّان للتحقُّق من المقاومة الزلزالية لـ (TLD) في الأبنية العالية؛ إذ يعرض الأول النقطة الرئيسية في تصميم المُخمِّد ويُظهِر الثاني قدرة (TLD) ويؤكد على أهمية تفاعل الخزان مع السائل (1).
وبيَّنت النتائج أنَّ:
قدرة مقاومة الزلازل لـ (TLD) جيدة بما يكفي إذا كانت نسبة (TLD) إلى كتلة الأنموذج المقاوم للهيكل هي 1-3 ٪، فهذه النسبة لا تجعل لـ (TLD) تأثيرًا كبيرًا في الخصائص الديناميكية للهيكل (1).
انخفضَ الاهتزاز في الجزء العلوي من المبنى من 67٪ إلى 75٪ بواسطة (TLD)، وهذا يؤدِّي إلى انخفاض العزم في الأعمدة أيضًا على نحوٍ ملحوظ حتى 80٪ (1).
لا يوجد اختلاف في القوى الداخلية للمبنى بين حالتي جدران الخزان الصلبة أو المرنة عندما ينشط عمل الـ (TLD) كما هو موضَّح في الصورتين 3 و4، لذلك يوصى أن يُصَمَّم (TLD) ليكون له جدار صلب لتجنُّب تشوُّه الخزان بسبب التفاعل مع السائل (1).
الصورة (3)
الصورة (4)
سيعيد استعمال (TLD) لمقاومة الزلازل توزيع القوى الداخلية، ممَّا قد يجعل العزم الأعظمي لا يظهر في قواعد الأعمدة ويُوضَّح هذا في الصورة 4 و4 (1).
الصورة (5)
التفاعل بين جدار الخزان والسائل مهمٌّ للغاية ويجب النظر فيه بعناية؛ إذ يمكن للتفاعل أن يُغيِّر الخصائص الديناميكية لجدار الحاوية، ثمَّ يمكن لخزَّان المياه ألَّا يعمل عمل (TLD)، ويمكن بخلاف ذلك استعمال المرونة للتحكم في التردد الطبيعي للخزان (1).
يمكن تصميم (TLD) بسهولة عن طريق ضبط حجم الخزان وارتفاع السائل، ويمكن تطبيقه على معظم الهياكل الإنشائية تقريبًا (1).
مع كل هذه الأمثلة لم تتوقف الدراسات عند هذا الحد؛ إذ وُجِدَ أنَّ نسبة العمق ونسبة الكتلة ونسبة الضبط معاملات يجب أخذها بالحسبان عند التصميم (2).
تعاريف:
نسبة العمق: نسبة عمق السائل إلى طول الخزان (2).
نسبة الكتلة: نسبة كتلة السائل إلى كتلة المنشأ (2).
نسبة الضبط: نسبة تردُّد حركة السائل الخطية الأساسية إلى تردُّد الاهتزاز الطبيعي للمنشأ (2).
بيَّنت دراسة تأثير نسبة كتلة السائل على نحوٍ مفصَّل عن طريق استخدام أنموذج مُصغَّرٍ لبناءٍ من 4 طوابق من الإسمنت مع وضع نظام (TLD) على السقف الأخير يظهر في الصورة المرفقة أدناه (3) .
الصورة (6)
ثم نُمذِجَ عن طريق برنامج (ETABS) الذي يساعد على تحليل القوى الناشئة في عناصر الأبنية نتيجة قوى الزلازل مع وضع الأنموذج المُصغَّر على جهازٍ هزَّاز لمحاكاة الحركة الزلزالية، ومُلِئ الخزان بكمياتٍ معينةٍ من المياه وهي 0% و1% و2% و2.5% و3%، وعلى سبيل المثال فإن ( 0% تُعبِّر أنَّ نسبة كتلة الماء إلى كتلة المنشأ هي 0 أي أنَّ الخزان فارغ ) (3).
الصورة (7)
وقد تبيَّن أنَّه مع نسبة 2- 2.5% فإنَّ تسارع الاستجابة أقل بمرتين والانزياح بـ 1.8 مرة، أي أنها نسبة الكتلة المضبوطة للمخمِّدة السائلة التي تحقِّق توافقًا في تردُّد اهتزاز حركة السائل مع اهتزاز المبنى ، وأظهرَت الدراسة ذاتها أنَّ خزان المياه الموجود في الأعلى فعَّالٌ للغاية في تخميد الاهتزاز، إذ لا يوجد فارقٌ زمنيٌّ بعد تطبيق الزلزال، فعملية التخميد تحدث مباشرةً (3).
تبقى الدراسات مستمرةً لتحسين مقاومة المنشآت للحمولات الأفقية كالزلازل والرياح، وذلك بتحقيق عوامل الأمان المطلوبة وتطوير الأنظمة الإنشائية بمختلف أنواعها، ومن واجبنا نحن المهندسين الإنشائيين أن نبقى على اطلاع مستمر مع أحدث الأبحاث المرتبطة بهذه القضايا.
مصادر المقال
2. Banerji P, Murudi M, Shah A, Popplewell N. Tuned liquid dampers for controlling earthquake response of structures. Earthquake Engineering & Structural Dynamics. 2000;29(5):587-602. هنا
3. Ahmad M, Khan Q, Ali S. Use of Water Tank as Tuned Liquid Damper (TLD) for Reinforced Concrete (RC) Structures. Arabian Journal for Science and Engineering. 2016;41(12):4953-4965. هنا;