"إرهاق" فيروس كورونا المستجد للجهاز المناعي
الطب >>>> فيروس كورونا COVID-19
يضم الجهاز المناعي في تركيبته آليات خاصة للاستجابة للعدوى الفيروسية، وتبدأ الاستجابة بعد تعرُّف المستقبلات الخاصة (تُسمى Toll-like receptors وتحديدًا الأنواع 3، 7، 8، 9) في الخلايا المضيفة على بنى جزيئية خاصة بالفيروس، ليحفزَ ذلك إنتاجَ الإنترفيرونات من النمط الأول (type I interferons (IFN، التي تعمل على تحفيز الاستجابة المناعية بأشكالها كافة؛ ومن ضمنها الخلايا التائية القاتلة (CD8+ T) والخلايا القاتلة الطبيعية (NK) التي تؤدي دورًا أساسيًّا في هذه الاستجابة (2). وبهذا فإنَّ أي ضرر يصيب هذه الخلايا يؤثر في كفاءة مكافحتها للإنتان الفيروسي (1). وهنا يظهر لدينا السؤال الآتي:
هل يؤثر الفيروس في هذه الخلايا؟
نشرت مجموعة من الباحثين الصينيين في 19 آذار (مارس) 2020 دراسةً أُجريَت على 68 مريضًا بفيروس كورونا المستجد؛ كان منهم 55 مريضًا في حالة متوسطة الشدة و13 مريضًا في حالة حرجة، وتراوحت أعمارهم بين 11 و84 عامًا. وقد عانى المرضى الأعراضَ النمطية المميزة للمرض (حمى، سعال، بلغم). لاحظ الباحثون وجود ارتفاع ملحوظ في تعداد خلايا العدلات المناعية عند الحالات الشديدة أكثر منه عند الحالات المتوسطة، في حين كان تعداد الخلايا التائية القاتلة والخلايا القاتلة الطبيعية منخفضًا عند المرضى بالمقارنة مع الأصحّاء، وكان الانخفاض أكثر حدّة عند ذوي الحالات الشديدة (1). ولكن ما سبب هذا الانخفاض في تعداد هذه الخلايا؟
(NKG2A)؛ مستقبِلٌ يتوضع على سطح الخلايا القاتلة الطبيعية NK ويثبط عملها عند تفعيله، ويوجد هذا المُستقبِل على سطح قرابة 5% من الخلايا التائية القاتلة المحيطية CD8+ T، وتزيد هذه النسبة عند تعرفها على مستضدات الفيروس الممرض (3). وأشار الباحثون في دراسات سابقة إلى أنَّ هذا المُستقبِل يسبب "إرهاقًا وظيفيًّا" لهذه الخلايا في أثناء الإنتان الفيروسي، وقد وجد الباحثون ارتفاعًا في مستويات هذا المستقبل عند مرضى كوفيد-19 (2).
لتعرُّفِ تأثير هذا الارتفاع في الخلايا المذكورة؛ قاس الباحثون مستوياتِ إنتاج السيتوكينات التي تفرزها هذه الخلايا في أثناء تفعيلها لتحفيز ردِّ فعلٍ مناعي ضد الفيروس، وقد وجدوا انخفاضًا في مستوياتها مقارنةً بالأصحاء، ومن ثَمَّ يمكن القول إنَّ فيروس كورونا المستجد قد يكون قادرًا على إضعاف المناعة ضد الفيروس في المراحل المبكرة من المرض (2).
عند مقارنة تعداد الخلايا التائية عند المرضى بعد تلقي العلاج؛ لوحظ ارتفاع التعداد العام للخلايا التائية والخلايا القاتلة الطبيعية NK في خلال فترة النقاهة عند 4 من أصل 5 مصابين، في حين ارتفع تعداد الخلايا التائية القاتلة CD8+ T عند 3 من أصل 5 مصابين، وقد ترافق ذلك مع انخفاض في مستويات الخلايا المعبرة عن المُستقبِل (NKG2A) عند المصابين الخمسة، وهذا يقترح وجود علاقة قوية بين ارتفاع التعبير عن هذا المستقبل و"الإرهاق الوظيفي" الذي يصيب الخلايا التائية من ناحية، وبين تطور المرض في المراحل المبكرة من ناحية أخرى (1).
وفي الختام؛ يقترح الباحثون أن تقليل التعبير عن هذا المستقبل على سطح الخلايا قد يساعد في رفع مستويات هذه الخلايا ومساعدة الجسم في التصدي المبكر لمرض كوفيد-19 (2).
المصادر: