إستراتيجية «المحيط الأزرق»
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> ريادة الأعمال
ما الفرق بين إستراتيجية «المحيط الأزرق» و«المحيط الأحمر»؟ (1)
في الكتاب الكلاسيكي (إستراتيجية المحيط الأزرق) صاغ "Chan Kim" و"Renée Mauborgne" مصطلحيِّ «المحيط الأزرق» و«المحيط الأحمر» لوصف عالم الأسواق.
المحيطات الحمراء: هي كل الصناعات الموجودة اليوم، وإذ مساحة السوق معروفةٌ في المحيطات الحمراء، تُعرَّفُ حدود الصناعة وتُقبَلُ، والقواعد التنافسية للعبة معروفةٌ هنا؛ تحاول الشركات التفوقَ على منافسيها للحصول على حصةٍ أكبرَ من الطلب. وكلما ازدحم السوق يقل الربح والنمو، وتصبح المنافسة ((دمويةً))، ومن هنا جاءت تسمية المحيطات بـ«الحمراء».
وعلى العكس من ذلك، تكون مساحة السوق في المحيطات الزرقاء غير معروفةٍ وخاليةً من المنافسة، ويُخلَقُ الطلب بدلًا من القتال عليه، كما تكون فرص النمو السريع كبيرةً ومربحةً.
ما هي النتائج التي تحققها كل إستراتيجية؟
المنافسة في المحيطات الحمراء لعبةٌ محصِّلتُها صفرٌ، إستراتيجية المنافسة تقسم السوق بين الشركات المتنافسة، ومع ازدياد المنافسة تنخفض احتمالات النمو والربح. أما في المحيطات الزرقاء فهناك فرصةٌ كبيرةٌ للربح والنمو. (1)
مثالٌ على ذلك: ما قامت به شركة (Google)، إذ محرك الأقراص الخاص بها سهلٌ وسريعٌ ودقيقٌ باستخدام خوارزميةٍ أساسيةٍ تقوم بترتيب المستندات والصور ومقاطع الفيديو وتصنيفها على الفور، مما يجعل الأشخاص أكثرَ إنتاجيةً في العثور على المعلومات مما كانوا يتصورون من أي وقتٍ مضى، مع ما يقارب 65% من حصة السوق العالمية، أنشأت (Google) محيطًا أزرقَ حقيقيًا . (3)
أما في 2012 عند إصدار (نظارات غوغل)، فقد كانت تهدف إلى إنشاء سوقٍ جديد ٍلأجهزة الكمبيوتر القابلة للارتداء، لكن الشركة وقعت في أحد فخاخ «المحيطات الحمراء».
ما هي هذه الفخاخ الستة؟
1- جعْلُ العملاء الحاليين أكثر سعادةً:
يميل التركيز على العملاء الحاليين إلى دفع المؤسسات إلى تقديم حلولٍ أفضل لهم مما يقدمه المنافسون حاليًا، لكنه يبقي الشركات راسيةً في «المحيطات الحمراء». إن الحصول على عملاءَ سعداءَ أمرٌ جيدٌ، لكن هذا لا يساعد على خلق سوقٍ جديدٍ. تحتاج المؤسسة إلى تحويل تركيزها على غير العملاء.
2-التعامل مع إستراتيجيات إنشاء السوق بحسبانها إستراتيجيةً متخصصةً:
ركز مجال التسويق بشكلٍ كبيرٍ على استخدام تجزئة السوق الأكثر دقَّةً لتحديد الأسواق المتخصصة والتقاطها. على الرغم من أن الإستراتيجيات المتخصصة يمكن أن تكون فعالةً للغاية، إلا أن الكشف عن مكانٍ في مساحةٍ موجودةٍ ليس هو نفسه تحديد مساحةٍ جديدةٍ في السوق.
3- الخلط بين الابتكار التكنولوجي وإستراتيجيات إنشاء السوق:
خلق السوق لا يعني حتما الابتكارَ التكنولوجي، شركة (Starbucks) قلبت صناعة القهوة رأسًا على عقبٍ بنقل تركيزها من مبيعات القهوة السلعية إلى تجربة العملاء. بتحركاتٍ إستراتيجيةٍ فتحت أسواقًا جديدةً دون أي تقنيةٍ متطورةٍ.
حتى عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا، ليس هذا هو السبب في نجاح العروض الجديدة مثل محرك بحث (Google) أو (Wikipedia) أو (Uber). تنجح هذه المنتجات والخدمات لأنها توفر للمشترين قفزةً في القيمة، فهي سهلة الاستخدام، وذات إنتاجيةٍ عاليةٍ، إذ يقع الناس في حبهم. هذا الفخ ما وقعت فيه (Google Glass).
4- مساواة التدمير بالابتكار مع خلق سوقٍ جديدةٍ:
يحدث التدمير بالابتكار عندما يؤدي اختراعٌ إلى تعطيل السوق عن طريق إزاحة تقنيةٍ سابقةٍ أو مُنتجٍ أو خدمةٍ موجودةٍ. ولكن خلق سوقٍ لا يعني بالضرورة أن يكون مدمرًا لشيءٍ سابقٍ، إذ يمكن إنشاء طلبٍ جديدٍ دون إزاحة المنتجات أو الخدمات الموجودة. (الفياجرا) على سبيل المثال، أنشأت سوقًا جديدًا للعقاقير دون استخدام أي تقنيةٍ أو مُنتًجٍ سابقين.
5- مساواة إستراتيجيات خلق السوق مع التمايز:
عندما تفترض الشركات عن طريق الخطأ أن إنشاء السوق مرادفٌ للتمايز، فإنهم يركزون على ما يجب تحسينه أو إنشاؤه، أو على ما يمكن القضاء عليه أو تقليله لتحقيق التكلفة المنخفضة في وقتٍ واحدٍ. نتيجةً لذلك، غالبًا ما تدخل الشركات في منافسةٍ فيما بينها من غير قصدٍ من أجل التميز في مجالٍ صناعيٍّ قائمٍ بدلًا من اكتشاف مساحة سوقٍ جديدةٍ خاصةٍ بهم.
تُعَدُّ (Tesla)؛ بسعرها الرفيع وجميع المزايا المتميزة لسياراتها (السرعة والجمال والرفاهية والود البيئي) منافسًا متميزًا في قِطَاع السيارات الفاخرة الحالي في سوق السيارات، نظرًا لأن (Tesla) في فئة السيارات الفاخرة الكبيرة، فإن الحجم الإجمالي لهذا القِطَاع صغيرٌ. ولتحقيق وعدها بتزويد صناعة السيارات الكهربائية؛ تحتاج (تسلا) إلى خفض سعر السيارات وتكلفة سياراتها بشكلٍ ملحوظٍ حتى يتحقق ذلك، لن تستطيع خلق «محيطٍ أزرق» من الفرص التجارية.
6- مساواة إستراتيجيات خلق السوق بإستراتيجيات خفض التكلفة:
عندما ترى مؤسسةٌ ما أنَّ إستراتيجيات إنشاء السوق مرادفةٌ لإستراتيجيات خفض التكلفة، فإنها تركز على ما يجب التخلص منه، وتتجاهل إلى حدٍّ كبيرٍ ما ينبغي تحسينُه أو إنشاؤه لزيادة قيمة العروض. إن إستراتيجية خلق السوق تتبع كلًا من خفض التكلفة والتمايز، إذ تُنشَأُ مساحةٌ جديدةٌ في السوق، ليس عن طريق التسعير وحسب، ولكن عن طريق التسعير مقابلَ البدائل التي يستخدمها غير العملاء في الوقت الحالي. وهذا ما حققته شركة (IKEA)، فهي تروق لملايين الأشخاص حول العالم من خلال أثاثها المُوحَّد والأنيق وسهل التجميع ذي الجودة الموثوقة وبيئة متاجرها العائلية، وبذلك تكون قد حققت كلًا من التمايز وخفض التكلفة.
يُعَدُّ كلٌّ من كتابي (Blue Ocean Strategy) و(Blue Ocean Shift) للأساتذة المشهورين عالميًا "تشان كيم" و"رينيه موبورن" من أشهر الكتب وأكثرها مبيعًا على مستوى العالم والتي بلغت 3.6 مليون نسخةً. يقدم الكتابان توجيهاتٍ خطوةً بخطوةٍ لمعرفة كيفية نقل مؤسستك من «محيطٍ أحمرَ» مزدحمٍ بالمنافسة إلى «محيطٍ أزرقَ» بمساحة سوقٍ غير مُتنازَعٍ عليها، وذلك من خلال الجمع بين رؤى علم النفس البشري وأدواتٍ عمليةٍ لإنشاء السوق، وإرشاداتٍ من التجارب العملية للشركات.(2)
المصادر: