فيروس كورونا SARS-COV-2 وأثره في البيئة
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
وعلى الرغم من أثر الفيروس في إيقاف نشاط البشر، فقد كانت آثاره إيجابيةً على الأرض؛ إذ قلَّت نسبة الانبعاثات العالمية من الغازات الدفيئة، خصوصاً أن أول انتشار له كان في الصين التي تعد أكبر مصدر للتلوث الجوي؛ إذ انخفضت الانبعاثات -بحسب دراسات الخبراء- بنسبة 25% عن الحد الطبيعي من المعدلات في الشهر الماضي (3).
ومثال بسيط عن الحالة العامة للكوكب قبل انتشار الفيروس: تشير الخريطة أدناه إلى ما كانت عليه نسبة مساهمة كل دولة في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو في عام 2018؛ أي سنتين قبل أن يجتاح الوباءُ الكوكب. ويبدو جلياً على نحو لا يقبل الشك أن الدول المتقدمة أكثر مساهمة في نسبة الانبعاثات من الدول النامية؛ إذ تسهم الصين والولايات المتحدة الأمريكية وحدهما بما لا يقل عن 40% من هذه الانبعاثات (4).
Image: SYR-Res
وعلى الجانب الآخر؛ هناك كثير من المنافع التي عاد بها ظهور الفيروس على الكوكب، ومن الآثار الإيجابية العديدة التي أتى بها هذا الفيروس إلى الأرض:
انخفاض نسبة التلوث في الهواء:
أوضحت الأقمار الصناعية مؤخراً في صور التُقطت للأرض انخفاضاً ملحوظاً في نسبة التلوث الجوي؛ ويُعزى ذلك إلى انخفاض الانبعاثات الغازية الملوثة بسبب توقف الأعمال الصناعية على سطح الكوكب كاملاً، وهو الذي أدى إلى انخفاض نسبة الجزيئات الصناعية إلى الجزيئات الطبيعية في مكونات الهواء. ولكن أشارت قراءة حالة الطقس في "بكين" إلى وجود ملوث في الهواء يُدعى PM 2.5؛ مما يعني أن هذه التغيرات ليست مؤشراً على صحة الهواء على الرغم من انخفاض نسبة ثاني أوكسيد النتروجين، وانخفاض كمية الجسيمات الدقيقة التي تعد من الأسباب الرئيسة في تلوث الهواء (1).
ونتيجة لبعض الدراسات التي أُجريت على المتغيرات التي رصدها القمر الصناعي "كوبرنيكوس"؛ فقد وجد انخفاض للجزيئات السطحية فوق الصين تحديداً بنسبة 20-30% (2).
تأثير البقاء في المنزل:
نتيجة الخوف من انتشار الفيروس والعدوى؛ فقد أُوقفت المدارس والجامعات في الولايات المتحدة ومناطق أخرى في العالم، وتوجه أصحاب الأعمال إلى نمط العمل عن بعد من أجل تخفيف الاحتكاك والتواصل والخروج من المنزل؛ مما أدى إلى تقليل حركة المرور والنقل العامة. وبحسب الدراسات التي أجرتها شركات البيانات في نيويورك وسياتل وسان فرانسيسكو؛ فقد لُوحظ انخفاض كبير في ازدحام الشوارع في ساعة الذروة مما أدى إلى انخفاضٍ في نسبة الغازات الضارة المنبعثة من السيارات ووسائل النقل العامة في الشوارع، في حين زاد استخدام الدراجات الهوائية في ظل انتشار الفيروس (2).
انخفاض في نسبة ثاني أكسيد الكربون:
بعد إعلان الحجر الصحي بسبب تفشي المرض في أرجاء الصين؛ توقفت العمليات الصناعية توقفاً شبه تام؛ فقد أظهرت بعض الإحصائيات أن مستوى استخدام الفحم لتوليد الطاقة وصل إلى أدنى مستوى منذ أربع سنوات، وقد أدى هذا في الأسبوعين التاليين لرأس السنة القمرية إلى انخفاض في معدلات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 25% على الأقل مقارنة بعام 2019، ولكن هذا الانخفاض قد قلَّل إجمالي الانبعاثات السنوية بنسبة 1% فقط (1).
تشبه هذه التأثيرات تلك التي حدثت عام 2008 التي كان لها دور مهم في انخفاض نسبة انبعاثات الكربون على مستوى العالم، وكان سببها الكساد الاقتصادي والركود في التجارة العامة (3).
على الرغم من الآثار الرائعة التي أتى بها فيروس كورونا؛ لكنها ليست مفرحة؛ فقد أتت على حساب جثث الآلاف من البشر في هذا الكوكب، إضافة إلى أنها آثار مؤقتة سوف تزول ويعود الوضع إلى سابق عهده بمجرد عودة الحياة إلى طبيعتها وانتهاء الحجر الصحي.
وفي ظل هذا الحجر؛ هناك متسع من الوقت لنتأمل ما يحدث بعمق أكبر ونسأل أنفسنا:
هل نحن قادرون على الاستمرار بتطبيق الممارسات الصديقة للبيئة والتي ساهمت في خفض نسبة ثاني أوكسيد الكربون؟
وتذكّر دائماً أن الانبعاثات الغازية من أصعب التحديات التي تؤثر في البيئة في هذا العالم، والتخلص من هذه المشكلة مسؤولية الجميع دون استثناء من أجل مستقبل أفضل لنا ولمن سيأتي بعدنا.
المصادر:
1. Earth Matters - How the Coronavirus Is (and Is Not) Affecting the Environment [Internet]. Earthobservatory.nasa.gov. 2020 [cited 28 March 2020]. Available from: هنا
2. Space.com C. Satellite track emissions drop over China, Italy during coronavirus outbreak [Internet]. livescience.com. 2020 [cited 28 March 2020]. Available from: هنا
3. Chelsea Harvey E. How the Coronavirus Pandemic Is Affecting CO 2 Emissions [Internet]. Scientific American. 2020 [cited 28 March 2020]. Available from: هنا
4. Globalcarbonatlas.org. 2020. CO2 Emissions | Global Carbon Atlas. [online] Available at: هنا