كيف يساعد علم الوراثة في إعادة الأسلاف إلى موطنهم- الجزء الأول
البيولوجيا والتطوّر >>>> علم المورثات والوراثة
تعمل قبيلة (اليادنجي) وعدد من القبائل الأصلية في أستراليا على استعادة جثث أسلافها، والتي أُخِذت قبل عشرات السنين لعرضِها في المتاحف.
فقبل أن يَدفِن أهل (اليادنجي) من استعادوه من أجدادهم، تلقوا طلبًا من بعض الباحثين الذين كانوا يعملون على تحليل الـ (DNA) الخاص بأفراد القبيلة الأحياء، للسَّماح لهم بسَلسَلة جينومات الأسلاف أيضًا.
وقد استخلص فريقٌ يقوده عالمُ الجينات التطوري (ديفيد لامبيرت) في جامعة غريفيث- بريسبان الـ (DNA) من بقايا فردٍ واحد في البداية، وتأكدوا أنَّ هذا الفرد تجمعه قرابةٌ بأفراد (اليادنجي) الأحياء.
ساعدت هذه النتيجة أفراد القبيلة على إدراك قدرة تحاليل الـ (DNA) على مساعدتهم في الارتباط بأسلافهم العائديت إلى موطنهم معنويًّا أيضًا.
بعد هذه التجربة الأولية؛ نشر فريق لامبيرت عام (2018) دراسةً مفادُها أنَّ عشرات البقايا -بما فيها تلك العائدة لفردٍ واحد من (اليادنجي)- يمكن إعادتها ونسبها إلى قبائل أصلية محدَّدة اعتمادًا على علم الجينات.
وعمل بعد ذلك فريقان أستراليان -أحدهما فريق (لامبيرت)- مع القبائل لوضع خرائط جينومية تربط البقايا التاريخية بالجماعات الموجودة في الوقت الراهن، فتصبح دلائل متاحةً ومساهمة في إعادة البقايا إلى القبائل الموافقة.
وتُعدُّ أستراليا واحدةً من الدُّول التي جُرِّبَت فيها هذه الطريقة بنجاح؛ إذ تُؤكِّد بحوث الـ(DNA) أنَّ عديدًا من القبائل الأصلية قد سكنت القارة منذ عشرات آلاف السنين.
إضافةً إلى أنَّه أُقِرَّ في بعض المناطق بالارتباط الوثيق بين الأفراد القدامى والجماعات المعاصرة التي تقطن المنطقة الجغرافية ذاتها. (1)
وجديرٌ بالذكر أنَّ رسم مثل هذه الارتباطات في مناطق أخرى كأميركا الشماليَّة -على سبيل المثال- أمرٌ يصعبُ إنجازه؛ نظرًا إلى أنَّ تلك الجماعات تنقَّلت بكثرة من مكان إلى آخر. (2)
حل مشكلة العودة إلى الوطن
تُساعِد قاعدة بيانات الـ(DNA) للسُّكان الأصليين الأفرادَ في فهم موروثهم الجيني وتحديد أوطانهم، وبذلك تُحلُّ مشكلة مهمَّة. (3)
في هذا السياق، صرَّح سابقًا (ديان هانشانت نيكولز)؛ عالم الإنسان في مدينة (أديلايد)، والذي حاول جاهدًا دراسة البقايا المجهولة المصدر، أنَّ آلاف البقايا الموجودة في المتاحف الأسترالية غير معروفة الأصل، وأشار إلى أنَّ عديدًا من الجثث مسمَّاة "أصلية" دون أيَّة تفاصيل واضحة.
فأتى (لامبيرت) عام (2016) واضعًا أساسيات الحل لهذه المشكلة؛ كونه عضوًا في الفريق الذي كان يرسم تاريخ القارَّة الجيني، وعمل في جمع عينات الـ(DNA)، وشارك اكتشافات فريقه المتعلقة بسلفِ الأستراليين الأصليين المعاصرين، وتساءل (لامبيرت) وكبار السنِّ إذا ما كان تحليل الـ(DNA) نافعًا وكافيًا لكشف أصول البقايا الآتية من المتاحف.
ورأى (لامبيرت) أنَّ الأمر ممكنٌ، ولكنَّه بقي حذرًا من طرح أي توقُّع قبل إجراء التحاليل.
وحلَّل الفريق (27) عيِّنة من البقايا البشرية -أكثرها عظام بالإضافةً إلى أسنان وشعر- عائدةٌ لمن تُوفُّوا قبل وصول المستوطنين البريطانيين والذين عُلِم مكان دفنهم، وأُعيدت معظم هذه البقايا إلى الوطن. (1)
كيف أكَّدت تلك الدراسات مصدر البقايا؟
أَتبادَر إلى ذهنك -عزيزي القارئ- الـ(DNA) المتقدري؟
أتعتقد أنَّه أقدر على ربط البقايا بالجماعات المعاصرة مقارنةً بدراسات الـ(DNA) الجينومي؟
هذا ما سنكتشفه سويةً في المقال القادم.
المصادر: