كيف تؤثر حركة المرور في سلامة المباني؟
العمارة والتشييد >>>> التشييد
التَّكثيف الذي يحدث اليوم في التنمية الحضرية للمدن يزيد من خطر حدوث إزعاجاتٍ ناتجةٍ عن الاهتزازات في المباني(1)، ورافق هذا التكثيف قضايا عمرانيةً وهندسيَّةً عديدة، كاهتزازات المباني الناتجة عن حركة المركبات، وهياكل البنية التحتية على الطُرق ومسارات القطارات، فالاهتزازات الَّناجمة عن حركة المركبات الميكانيكيَّة الكبيرة أو الاستخدام طويل الأمد للأجهزة الثقيلة تنتقل عبر الأرض إلى أساسات المنشآت المجاورة(2).
عندما يتعلق الأمر بتأثيرات الاهتزازات الناتجة عن حركة المرور، فقد تكون صغيرةً وغير محسوسة؛ ومع ذلك قد تصبح سببًا لحدوث عطلٍ كبيرٍ، أو حتى قد تؤدي إلى انهيار المُنشأة (3)؛ لذلك يجب تقييم مستويات الاهتزاز ومتطلبات الحالة للمباني؛ لتجنب التغييرات المُكلفة في المراحل اللاحقة(2).
نظرًا لطبيعة المشكلة الواسعة إلى حد ما، قد يكون من المفيد تقسيم العملية إلى مراحل أو مناطق مختلفة، فالمرحلة الأولى هي: المصدر الذي يتم فيه توليد الاهتزاز، تليها منطقة الانتشار حيث يتم نقل الاهتزازات، وأخيرًا المستقبل، وعادةً ما يكون المُنشأ، ولكلِّ مرحلةٍ خصائصها، ومعلماتها التي تؤثر على الاهتزاز الكلي(2):
المصدر: يرتبط بحالة السطح وخصائص وسرعة الآلية المسببة للاهتزاز (عربة، قطار،..إلخ)(4).
الوسيط/منطقة الانتشار: يرتبط بالمسافة، وامتصاص الأرض أو التربة للاهتزاز، وتضاريس الأرض نفسها(4).
المستقبل (المبنى): يرتبط بخصائص البناء وموقع المستقبل(4).
وسنشرح عملية انتقال الاهتزازات من المصدر إلى المستقبل في حالة القطارات والسكك الحديدية، كمثال:
يمكن أن تشمل منطقة المصدر القطار، وهيكل المسار، والجزء المائل، والساند للمسار، والتربة المحيطة المباشرة، وكلها تلعب دورًا في توليد الاهتزاز الأولي، وتُنقل الاهتزازات عبر الأرض(2).
يمكن أن يكون وصف وقياس المصدر معقدًا للغاية؛ لأنه ينطوي على العديد من الظواهر والتفاعلات، حيث إنًّ السبب الأساسيَّ والذي يصعب تتبُّعه هو حركة القطار؛ إذ يعمل كلُّ محور عجلةٍ كحملٍ متحركٍ على المسار، والاحتكاك بين عجلات القطار والسكك الحديدية جنبًا إلى جنبٍ مع ظاهرة تسطح العجلات، وتأثيرات المفاصل والعوامل الأخرى غير المنتظمة إلى تطبيق تأثيرٍ ديناميكيٍّ، وإذا تجاوزت سرعة القطار سرعات حرجةً معينةً يمكن ملاحظة زيادة أخرى في مستويات الاهتزاز(2).
تشكِّل منطقة الانتشار جزء الأرض المؤلف من: طبقات التربة، والأساس أسفل السكك الحديدية، والجسم المستقبِل. وبعد توليد الاهتزاز تُنقَل الطاقة الاهتزازية عبر التربة باستخدام ثلاثة أنواعٍ رئيسيةٍ من الموجات، وهي: موجات الضغط، وموجات القص، وموجات ريلي (R-waves)، فموجات ريلي مهمةٌ بشكلٍ خاصٍّ في تحليل الاهتزازات الناتجة عن السكك الحديدية؛ لأنه عندما تكون منطقة المصدر صغيرةً مقارنةً بمنطقة الانتشار سيتمُّ نقل معظم الطاقة بواسطتها(2).
بالمقارنة مع المصدر فمن الأسهل وصف مسار الانتشار، إذ أُجريت المزيد من البحوث في مجال ديناميكيات التربة، وهي بشكلٍ عامٍ عمليةٌ مُبَاشَرة، ومع ذلك فإن ما يُعقِّد الأمور نظرًا لانتشار الموجة يعتمد إلى حدٍّ كبير على خصائص التربة؛ هو أن خصائص التربة يمكن أن تختلف اختلافًا كبيرًا بين المناطق، وحتى داخلها(2).
تشمل المنطقة المستقبلة المبنى وأساسه، فالاهتزاز ينتقل من التربة إلى المبنى عند الأساسات، ثم ينتقل لاحقًا داخل المبنى، حيث يمكن تضخيمه، واعتمادًا على نوع الأساس والهندسة العامة للمبنى والمواد الموجودة في النظام الهيكلي ستكون الاستجابة مختلفة، و تعد الترددات الطبيعية لأجزاء المبنى مثل: الأرضيات، والجدران، والمبنى نفسه جانبًا أخرًا مهمًا في هذه العملية(2).
Image: https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S1877705817340961
صورة 1 – انتقال الاهتزازات إلى المبنى
أجرى باحثون في مختبر النقل وأبحاث الطرق بالمملكة المتحدة (UK Transport and Road Research Laboratory) دراسةً لتقييم أثر اهتزازات حركة المرور على المباني والمقيمين بداخلها، وحُدِّدت 5 مستوياتٍ لتقييم هذا التأثير على المباني، و6 على الأشخاص، موضحة في الجدول التالي(4):
Image: https://www.researchgate.net/publication/228698585_Mitigation_of_Highway_Traffic-Induced_Vibration
هناك عددٌ من الطرق للحدِّ من الاهتزازات الناجمة عن حركة المرور على المباني، منها(3):
- الحصائر المرنة بين الأرض والمبنى (عزل القاعدة).
- تقسيمٌ مرنٌ للمبنى بأكمله فوق الطوابق التي تكون تحت الأرض.
- وضع الأسفلت على الطريق.
- إزالة غرف تفتيش المياه من مسار الطريق.
- تخفيض سرعة المركبات.
أصبحت مشكلة الاهتزازات في الآونة الأخيرة مهمةً للغاية؛ لأن المزيد من المناطق يجري تشييدها وبناء الطرق بجوارها، سواء في المدن أو في الريف؛ لهذا السبب من المهم حقًا النظر في عددٍ من الأنشطة لتقليل تأثير مثل هذه الاهتزازات على المباني وساكنيها.
المصادر:
.2. Persson P, Persson K, Andersen L, Persson N. Strategy for predicting railway-induced vibrations in buildings. Internoise [Internet]. 2016 [cited 5 March 2020]. Available from: هنا
3. Jakubczyk-Galczynska A, Jankowski R. Traffic-induced vibrations. The impact on buildings and people. [Internet]. 2014 [cited 5 March 2020];. Available from: هنا
. Mitigation of Highway Traffic-Induced Vibration [Internet]. 2006 [cited 7 March 2020];. Available from: هنا