ماذا تعرف عن زراعة القوقعة الصناعية Cochlear Implantation لعلاج فقدان السمع؟
الطب >>>> طب الأنف والأذن والحنجرة
وعلى الرغم من أنّ الأجهزة المساعدة على السّمع كافيةٌ للعديد من الأشخاص الذين يعانون ضعف السّمع، إلّا أنّ هناك مجموعةًَ من السّكان الذين يعانون ضعف سمعٍ أكبر ويحتاجون إلى زراعة قوقعة الأذن(2).
ويعاني ما لا يقِلُّ عن 1.2 مليون بالغًا في الولايات المتّحدة، و50 مليون بالغًا في جميع أنحاء العالم من فقدان السّمع الشّديد أو العميق (وهو مستوى ضعفٍ لا يُمكن تصحيحه بما فيه الكفاية مع الأجهزة المساعدة على السّمع) لذا من الممكن أن يستفيدوا من زراعة القوقعة.
ويزداد انتشار فقدان السّمع مع التقدّم في العمر، ويعاني ما يُقارب ثلثي الأشخاص -الذين يبلغون من العمر 70 عاماً أو أكثر- في الولايات المتّحدة فقدانَ السّمع، ومن المتوقّع حدوث زيادة نسبيّة في انتشار فقدان السمع.
ففي الولايات المتحدّة يُعدُّ: (العمر المتقدّم، والتعرّض للضوضاء التّرفيهيّة أو المهنيّة، والعوامل الوراثيّة، والتّعرّض للأدوية السّامة للأذن) من الأسباب الأكثر شيوعًا لفقدان السّمع الحسّيّ العصبيّ والذي يتطوّر في مرحلة البلوغ.
ولا يُوجَد علاجٌ دوائيٌّ أو جراحيٌّ مُعتمد في الوقت الحالي لدى منظمة الغذاء والدواء (FDA) لِعَكسِ فقدان السّمع الحسّيّ العصبيّ وإعادة السّمع الطّبيعيّ؛ ولذلك تقتصر التّدابير السّريريّة الحاليّة على الوقاية من فقدان السّمع، وإعادة التّأهيل بواسطة استعمال الأجهزة المساعدة في السّمع أو زرع القوقعة الصّناعيّة(2).
ما القوقعة الصّناعيّة المزروعة؟
هي جهازٌ طبيٌّ يستعمل الكهرباء لتحفيز الخلايا العقديّة الحلزونيّة للعصب القوقعيّ لعلاج فقدان السّمع الحسّيّ العصبيّ، والغرض من هذا الجهاز تحويل الصّوت إلى إشارةٍ كهربائيّةٍ وتسليمه إلى العصب القوقعيّ الذي يتجاوز الأجزاء المتضرّرة من الأذن.
ويكمن التّحدّي في الاختيار المناسب للمرضى الذين سيستفيدون من هذه التكنولوجيا، والتي تُعدُّ من أحدث التّقنيّات في الطّبّ وتستمرُّ في التطوّر بسرعةٍ(1).
ولهذا السبب يجب إجراء تقييمٍ سمعيٍّ مُفصّلٍ لدى اختصاصي السّمع، وتقييمٍ طبّيٍّ لدى جرّاح زراعة القوقعة قبل زراعة القوقعة لشخصٍ بالغٍ.
فالهدف الرّئيسيّ من التّقييم السّمعيّ تحديد ما إذا كان المريض سيستفيد من زراعة القوقعة أكثر من الفائدة الحاصل عليها من الأجهزة المساعدة على السّمع، في حين أنّ الهدف الأساسيّ من التّقييم الطّبّي تحديد ما إذا كانت الجراحة آمنةً بما يكفي ومُمكِنة للمريض.
في معظم الحالات، تُختَارُ الأذن التي تعاني فقدانَ السّمع ذي الدرجة الأكبر للزّرع؛ كي يتمكّن المريض من الاستمرار باستعمال الأجهزة المساعدة على السّمع في الأذن المقابلة في أثناء التّكيّف مع القوقعة الجديدة؛ وذلك لأنّ القوقعة المزروعة لا تبدأ بالعمل إلا بعد 2 أو 4 أسابيع بعد الزّرع، ويمكن إجراء الزّرع للأذن الثّانية في وقتٍ لاحقٍ إذا رغب المريض؛ وذلك اعتماداً على تكيّفه مع الزّرعة وعلى قدرته السّمعيّة المتبقيّة في الأذن غير المزروعة(2).
كيف تعمل القوقعة الصّناعيّة؟
تختلف القوقعة الصّناعيّة كثيرًا عن الأجهزة المساعدة على السّمع؛ إذ تعمل هذه الأخيرة على تضخيم الأصوات بحيث يمكن اكتشافها بواسطة الأذن التّالفة، أمّا القوقعة الصّناعيّة تتجاوز الأجزاء التّالفة من الأذن وتحفّز العصب القوقعيّ مباشرةً.
ويختلف السّمع من خلال القوقعة الصناعية عن السّمع الطّبيعيّ، ويستغرق وقتًا للتّعلّم أو إعادة التّعلّم(6).
تقنيّة القوقعة:
إذ تحتوي جميع أنظمة القوقعة الصّناعيّة على أجهزةٍ خارجيّةٍ وداخليّةٍ، تشتمل المعدّات الخارجيّة على ميكروفون ومعالج صوتٍ ونظام إرسالٍ، ويحتوي الجهاز الداخلي على: جهاز استقبال (مُحفِّز)، ومصفوفة من الإلكترودات.
وعمومًا يلتقط الميكروفون الخارجي الصّوت ويرسل المعلومات إلى معالج الصّوت، فيحوّل معالجُ الكلام الاهتزازَ الميكانيكيّ (الصّوت) إلى إشارةٍ كهربائيّةٍ، والتي تُرسَل عبر الجلد بواسطة إرسال تردّد الراديو إلى جهاز الاستقبال (المحفّز الداخليّ)، ثمّ يأخذ جهاز الاستقبال (المحفّز) الإشارة الكهربائيّة وينقلها إلى القطب الموجود داخل القوقعة.
توفّر الأقطاب الكهربائيّة تحفيزًا للعصب القوقعيّ، وتُرسَل الإشارة على طول المسار السّمعيّ إلى القشرة السّمعيّة في الدماغ(1).
توضِّح الصّورة في الرّابط أجزاء غرسات القوقعة الصّناعيّة.
Image: https://drsaeedi.com/ar/treatments/cochlear-implant/
مَن المرضى المرشحين لزراعة القوقعة؟
ويُمنع استعمال هذه التّقنيّة لدى:
١. المرضى الذين يُولَدون دونَ قوقعة (عدم تنسّج قوقعة الأذن) أو دونَ العصب القحفيّ الثّامن، وبخلاف ما سبق فإنّ نقص تنسّج قوقعة الأذن قد لا يُشكّل مانعًا لزرع القوقعة؛ مثل تشوّه مونديني (عيبٌ خلقيٌّ).
٢. المرضى الذين لا يستطيعون تحمّل التّخدير العام.
٣. المرضى الذين يعانون فقدانَ السّمع التّوصيليّ، أو فقدانَ السّمع الحسّيّ العصبيّ من جانبٍ واحدٍ، أو فقدانَ السّمع الذي يُمكن تصحيحه عن طريق الأجهزة المساعدة على السّمع(1).
مخاطر الزّراعة:
عمومًا قد تُعدُّ جراحة زراعة القوقعة آمنة؛ لكن هناك بعض المخاطر التي تشمل ما يلي:
فقدان السّمع المتبقّي، أي قد تؤدّي زراعة الجهاز إلى تضرّر أيّة قدرة متبقيّة على السّمع في الأذن.
وهناك احتمال التهاب الأغشية المحيطة بالدماغ والحبل الشّوكي (التهاب السّحايا) بعد الجراحة عند الأطفال؛ لذا عادًة ما تُعطى لقاحاتٌ لمنع التهاب السّحايا قبل الزّراعة.
وكذلك هناك احتمال فشل الجهاز ممّا يستدعي إعادة إجراء الجراحة لإصلاح أو استبدال الجهاز المستعمل في بعض الأحيان.
وفي حالاتٍ نادرةٍ تشمل المخاطر ما يلي:
شلل الوجه، أو عدوى في مكان الجراحة، أو مشكلات التوازن، وأخطارٌ أخرى(3).
ما الذي يحدّد نجاح زراعة القوقعة الصّناعيّة؟
ويُوجد أمورٌ كثيرةٌ تحدّد نجاح الزّرع، بعضها:
فوائدُ العمليّة:
قد يُلاحظ الأفراد الذين خضعوا لعمليّات زراعة القوقعة تحسّنًا في القدرة على سماع الحديث دون الحاجة إلى إشاراتٍ مرئيّةٍ، مثل: قراءة حركة الشفاه، وفي تمييز الأصوات اليوميّة الطّبيعيّة في البيئة، وكذلك القدرة على الاستماع في بيئةٍ تعجُّ بالضوضاء، والقدرة على اكتشاف مصدر الصّوت، وأيضًا القدرة على الاستماع إلى برامج التّلفاز والمحادثات الهاتفيّة(3).
قبل التفكير في زراعة القوقعة الصّناعيّة، من المهم معرفة أنّ العمليّة تتطلّب فترة تدريبٍ وعلاجٍ بعد الجراحة، وفي خلال هذا الوقت، سيتعلّم المريض كيفيّة العناية بالقوقعة، وسيخضع للتأهيل السّمعي للمساعدة على تعلّم كيفيّة تفسير الإشارات الكهربائيّة الجديدة، إضافةً إلى كيفيّة تطبيق مهارات الاستماع الجديدة هذه للتّواصل على نحوٍ أفضل.
والقوقعة الصّناعيّة لا تُعيد السّمع إلى طبيعته، ولدى قلّةٍ صغيرةٍ من النّاس قد لا تساعدهم على السّمع على الإطلاق.
وكذلك قد تحتاج إلى استخدام بطاريات جديدة أو إعادة شحنها كلّ يومٍ.
وستحتاج أيضًا إلى إزالة الجزء الخارجي من القوقعة عند الاستحمام أو السّباحة.
قد يلزم إجراءٌ خاصٌ قبل أن تتمكّن من الخضوع للتّصوير بالرّنين المغناطيسي.
ومن الممكن أن تتلف الغرسة في أثناء وقوع حادثٍ أو في أثناء ممارسة الرياضة(4).
جراحة زراعة القوقعة والعلاج لدى الأطفال:
إذا كان تطوير اللّغة المنطوقة هدفًا مهمًّا لعائلة طفلٍ صغيرٍ يعاني ضعفًا سمعيًّا كبيراً، فيجب اللّجوء إلى زراعة قوقعة الأذن.
ويجب أن نفهم أنّ أهميّة الرّعاية والاهتمام بعد الجراحة تعادل أهميّة الجراحة بحدّ ذاتها. فهناك العديد من العوامل التي تؤثّر في تطوّر الطفل في الاستماع وفي اللّغة المنطوقة بعد زراعة قوقعة الأذن وهي:
ويجب على الأسرة البحث عن فريقٍ محترفٍ يقدّم برنامجًا جراحيًّا وسمعيًّا وتأهيليًّا شاملاً يتعاون مع خيارات التّعليم والمدرسة التي يختارها الأهل(4).
المصادر: