«الحجة الشخصية أو الحجة على الذات Ad Hominem Argument»
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> علم المنطق والأبستمولوجيا
لأن الحوار أصبح النهج المُتَّبَع في عالمٍ أساسه التواصل وغايته الإقناع؛ تصبح الحجة وسيلَته، ولكن يقع كثيرٌ من المحاورين في مغالطاتٍ منطقيةٍ في أثناء تقديمهم الحجج إما جهلًا وإما عمدًا بهدف التضليل وخداع المتلقّي بصحة الحجة الخاطئة. نقدم لكم سلسلة المغالطات المنطقية.
تحدث «الحجة الشخصية أو الحجة على الذات - Ad Hominem Argument» عندما يقع المغالِط في فخ الهجوم على صاحب الحجة معتقدًا بأن ذلك من شأنه أن يقلل من قيمة الحجة نفسها، ونعني عندما نقول "شخصية" بأنها موجهةٌ مباشرةً إلى الشخص نفسه (1).
وقد عرّفها "دوغلاس والتون - Douglas N. Walton 1942 -2020" في كتابه (الحجج على الذات) بأنها: "ردٌّ دفاعيٌّ آنيٌّ على أية حجةٍ جديدةٍ شديدة الإزعاج في المُطارحَة والقضية القطب، ولا سيما عندما تكون المصالح محددةً والعواطف متأججةً حول القضية"، في حين عرفها "أرسطو - Aristotle 384-322 BC" في كتابه (الخطابة) بأنها: "موضعٌ آخرُ يُؤخَذ من الكلام المتلفَّظ به ضدنا، فنرجعه نحن إلى من قاله" (3).
ويحاول المغالِط أن يفنَّد حجة شخصٍ ما من خلال الطعن في شخص صاحبها (دوافعه وشخصيته وأخلاقه وسلوكياته... إلخ) بدلًا من محاولة دحض الحجة نفسها، إلا أن ذلك وإن نال من صاحب الحجة؛ فإنه لن يستطيع أن ينال من الحجة نفسها وإن تسبَّب في إثارة الشكوك حولها لبعض الوقت، وبالمثل؛ فمن الطريف أن تنطبق مثل هذه المغالَطة على الحالة العكسية وإن كانت أقلَّ ورودا؛ أي عندما نؤازر حجة شخصٍ ما وندعمها من خلال مدح ذلك الشخص والثناء عليه (2).
فعندما نقول إن 2+2= 4؛ فهي عبارةٌ صحيحةٌ سواء أكان قائلها عدوًا أم مغرضًا أم معتوها، وإن ما يحدد عبارةً على غرار: (السماء تمطر) هو الطقس الذي نراه بأم أعيننا بغض النظر عن الشخص الذي قال ذلك (2).
مثال (1): في نقاش شابٍّ في التاسعة عشرة من عمره مع جاره الخمسيني المعتقِد بأن الأرض مسطَّحة، وبعد أن يقدِّمَ هذا الشاب أدلةً على كروية الأرض ويطالبَ خصمَه في عرض حججه العلمية؛ يكون رده: "كيف يمكن أن أقتنع بكلام فتىً صغيرٍ بمثل عمره!"- أي ليس ناضجًا كفايةً ليميَّزَ صحة الأفكار من خطئها.
والمغالَطة هنا هي إحدى الأمثلة الكثيرة على مهاجمة الشخص نفسه بهدف التقليل من قيمة الحجة التي قدمها، وهنا تذرَّع المغالِط بعمر صاحب الحجة، ومثل هذا الهجوم غير منطقيٍّ بطبيعة الحال لكونه لم يعتمد على حجةٍ علميةٍ سليمةٍ قائمةٍ على الأدلة العلمية، بل اعتمد على شيءٍ آخرَ وهو مهاجمة شخص المتكلم، وفي هذا يكمن سر هذه المغالَطة وأساسها (1).
مثال (2): أ: يجب أن ندعم النساء المعنَّفاتِ ونساندهنَّ.
ب: وأنتِ؟ كم مرةً تعرَّضتِ للعنف في أثناءِ حياتك ليكون لديكِ معرفةٌ عن معاناتهنَّ!؟
المصادر:
2. مصطفى، عادل. (2007). المغالطات المنطقية. (الطبعة الثانية). القاهرة: الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، المجلس الأعلى للثقافة. ص 69، 70.
3. شوبنهاور، آرثور. فن أن تكون دائماً على صواب أو الجدل المرائي. العصبة، رضوان (المترجم). الطبعة الأولى. الجزائر العاصمة: منشورات ضفاف. 2014، ص 61، 62.