لماذا تمتلك الأجسام كتلة؟
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
لماذا تمتلك الأجسام كتلة؟
قد يبدو هذا السؤال بسيطاً، ولا يخطر على بال العديد منا، لكنه بكل تأكيد سؤال عميق جداً وأحد الأسئلة الجوهرية في علم الفيزياء التي شغلت بال العلماء فترة طويلة من الزمن.
قبل أن نجيب عن هذا السؤال، يجب علينا أولاً أن نوضح الفرق بين الكتلة والوزن. إذ أن معظم الناس لا يفرقون بينهما ويصفون الوزن على أنه الكتلة أو العكس.
لفهم الفروق بين الكتلة والوزن سنلخص ذلك بنقطتين فقط: [1]
1. الكتلة هي مقياس ما يحتويه الجسم من مادة، في حين أن الوزن هو مقياس قوة الجاذبية لذلك الجسم.
2. كتلة الجسم لا تتغير بتغير المكان الموجود فيه ذلك الجسم. لكن الوزن يتغير لأنه يعتمد على قوة الجاذبيّة. فالوزن على الأرض يختلف عنه على القمر بسبب اختلاف الجاذبية بين الأرض والقمر.
نعود الآن إلى سؤالنا الذي هو: لماذا تمتلك الأجسام كتلة؟ أو بتعبير آخر: من أين تكتسب الأجسام كتلتها؟
في الواقع، مصطلح أجسام هنا غير دقيق، فالتعبير الأكثر دقة هو جسيمات بدلاً من أجسام. وذلك لأن الجسيمات تمثّل أصغر أجزاء المادة، مثلاً جسيمات ذات كتلة كالإلكترونات والبروتونات والنيوترونات هي التي تشكل الذرات، والذرات بدورها تشكل الجزيئات وهكذا وصولاً إلى تكوين الأجسام المادية مثل الكرسي والشجرة والإنسان وغيرهم.
ما نستطيع استنتاجه مما سبق أن كتلة الجسيم هي خاصية مهمة يجب أن تفهم لأنها ترتبط بجذور الجسيمات الأولية. [2]
فما هي الكتلة إذن؟ ولماذا تحتوي بعض الجسيمات على كتلة والبعض الآخر لا يحتوي؟
تبدأ قصة كتلة الجسيمات بعد الانفجار العظيم مباشرة عندما كانت جميع الجسيمات تقريباً عديمة الكتلة وتسير بسرعة الضوء. لكن عند لحظة معينة خلال تلك الفترة، بدأ مجال هيغز Higgs Field بالعمل ممتداً عبر الكون ومعطياً بذلك كتلةً للجسيمات الأولية. [3]
يعطي مجال هيغز الكتلة للجسيمات الأولية الأساسية مثل الإلكترونات والكواركات Quarks. لكن كتلة هذه الجسيمات صغيرة جداً مقارنة بالكتلة الموجودة في الكون؛ إذ أن باقي الكتلة تأتي من البروتونات والنيوترونات التي تكتسب معظم كتلتها تقريباً من القوة النووية القوية التي تربط هذه الجسيمات ببعضها.
كيف تأتي باقي كتلة الكون من البروتونات والنيوترونات؟
ذكرنا سابقاً أن المادة في الكون مكونة من الذرات التي تتشكل من الإلكترونات والبروتونات والنيوترونات. تتكون كل من البروتونات والنيوترونات من 3 جسيمات أولية هي الكواركات. ولو جمعت كتل هذه الكواركات الثلاثة لوجدت أنها تمثل جزءًا صغيرًا من كتلة البروتون أو النيوترون [4].
من أين يأتي فرق الكتلة هذا؟
ترتبط الكواركات فيما بينها بواسطة الغلوونات Gluons وهي الجسيمات المسؤولة عن نقل القوة النووية الشديدة. إن طاقة التفاعل (طاقة الربط) بين الكواركات والغلونات هي التي تعطي الكتلة المتبقية للبروتونات والنيوترونات. وذلك من خلال معادلة آينشتاين الشهيرة E=mc2 التي تكافئ بين الكتلة والطاقة. [3]
لماذا لا نهمل تأثير مجال هيغز الذي يسهم بإعطاء كتلة صغيرة مقارنة بتلك التي تعطيها الغلونات؟
الجواب ببساطة لأنه من دون مجال هيغز لن تكون للإلكترونات كتلة وستنهار جميع الذرات. لن تتحلل النيوترونات، لذلك حتى النوى الذرية ستبدو مختلفة تمامًا. إجمالاً، سيكون الكون مكاناً مختلفاً تماماً، بافتقاره إلى المجرات والنجوم والكواكب. [2]
روابط من مقالاتنا القديمة:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
المصادر: