لقاحٌ فعال بزمنٍ قياسي
الكيمياء والصيدلة >>>> لقاحات
إن مخازن الأضداد البشرية Human antibody repertoires هي مجموعات من جينات الغلوبولين المناعي (Ig) التي ترمّز سلاسل بروتينية بشرية ثقيلة وخفيفة. وقد أُنتجت حيوانات مُعدَّلة وراثياً تحتوي مخازن أضداد بشرية -كاملة أو جزئية- ويمكن استخلاص مخازن الأضداد البشرية في الأحياء وفي المختبر للحصول على الأضداد الوحيدة النسيلة البشرية (2).
وتُحدَّد نوعية الأضداد -غالباً- عن طريق البروتينات الذاتية وغير الذاتية أو البنى الكربوهيدراتية، وتتضمن مصادر المحددات المستضدية (epitopes) -التي تحفز إنتاج هذه الأضداد- المستضدات الميكروبية والمستضدات المرتبطة بالورم (TACAs) ومستضدات زمر الدم والمستضدات الغريبة وغيرها (3).
تستجيب هذه الأضداد للعوامل الممرضة بكفاءة بسبب تنوعها الهائل وقدرتها على ربط المستضد النوعي بدقة عالية عن طريق التطفير الجسدي (somatic mutations)، وهي تعد مصدراً غنياً بالعوامل العلاجية الواعدة، لكن تعدادها يحد من القدرة على فحصها؛ فلا يمكن أن نفحص إلا عينة قليلة من المخزون الكلي.
طُوِّرَت العديد من المقاربات لتوصيف الخلايا البائية النوعية للمستضد في أخماج الإنسان وعينات اللقاح على مر التاريخ؛ ومن الطرائق التي استعملت بكثرة: الفرز الأحادي الخلية مع طعوم مستضدية مفلورة ومسح الخلايا البائية الخالدة ومزارع الخلايا البائية، ولكن؛ تعد هذه الطرائق ذات إنتاجية منخفضة؛ إذ يمكن أن تُختَبر الخلية البائية المفردة مع عدد قليل من المستضدات في الوقت ذاته.
وتسمح التطورات الجديدة في تقنية سَلسَلة الجيل التالي (تقنية لمعرفة تسلسل المادة الوراثية) NGS بتقصي مخزون الأضداد على مستوى التسلسل؛ بما في ذلك السلاسل الثقيلة والخفيفة المقترنة. ومع ذلك؛ فإن ربط على تسلسل الضد الناتج عن NGS بالمستضدات النوعية له يتطلب عموماً تصنيع الأضداد الوحيدة النسيلة الفردية المؤشبة وإنتاجها وتوصيفها. وقد سعت الجهود الأخيرة لتطوير تقنيات تقصي الأضداد الجديدة إلى التغلب على قيود الإنتاج مع الاستمرار في توحيد تسلسل الضد والمعلومات الوظيفية.
واستلهم الباحثون من الطرائق السابقة التي تجمع بين كشف واسمات البروتينات السطحية وتسلسل RNA أحادي الخلية وتحديد حواتم الخلية التائية مع تسلسل مستقبل الخلية التائية، وطوّروا تقنية LIBRA-seq ؛ التي تعني ربط مستقبل الخلايا البائية بنوعية المستضد عن طريق السَلْسَلة للحصول على كل من نوعية المستضد وتسلسل السلسلتين الثقيلة والخفيفة لمستقبل الخلية البائية BCR المقترنتين (4).
أي لربط تسلسلات BCR بنوعية المستضد عن طريق سلسلة الجيل التالي؛ تمزج الخلايا البائية المفردة مع مجموعة من المستضدات المُرمَّزة بالـ DNA المستخدَمة لفرز الخلايا البائية الموجبة (أي النوعية) للمستضد، ثم تُغلَّف الخلايا البائية التي فُرِزَت مع حبيبات موسومة بقليلات النكليوتيد لفهرسة كل من منتسخات مستقبل الخلية البائية ورموز المستضد؛ التي تسمح بسلسلة كل من رموز المستضدات وتسلسلات مستقبل الخلية البائية، مما يوفر قراءة مباشرة لتفاعلات ربط BCR -المستضد. يسمح هذا التحول إلى قراءات التسلسل بمَوضَعة عالية الإنتاجية لتسلسلات الـ BCR إلى نوعية المستضد (5).
ولتوضيح فائدة LIBRA-seq؛ طُبِّقَت هذه الطريقة على عينات الخلايا الوحيدة النواة في الدم المحيطي (PBMC) لشخصين مصابَين بفيروس نقص المناعة البشري، ومن هذه العينات؛ حُدِّدَت الأضداد الخاصة بفيروس نقص المناعة البشرية والإنفلونزا، بما في ذلك سلالات الأضداد المحيّدَة على نحو كبير(bNAb) المعروفة سابقاً والجديدة.
إن LIBRA-seq هي تقنية عالية الإنتاجية وقابلة للتطوير وقابلة للتطبيق على العديد من الأهداف؛ إذ يمكن لهذه المقايسة الوحيدة المتكاملة أن تمكّننا من مَوضَعَة تسلسلات الضد الوحيد النسيلة إلى مجموعات من المستضدات المتنوعة -غير المحدودة نظريّاً- وتُسهِّل التعيين السريع للأضداد المتصالبة التفاعل التي يمكن أن تكون عوامل علاجية أو قوالب لقاحات(4).
يُتوَقَّع أن تكون هذه التقنية عاملاً مساعداً في تسريع صناعة اللقاحات واكتشاف الأضداد العلاجية وتصنعيها؛ التي تستخدم بكثرة في الأخماج الفيروسية والعديد من أمراض المناعة الذاتية كالتهاب المفاصل الروماتيدي والذئبة الجهازية كذلك، وفي أبحاث السرطان أيضاً.
المصادر: