التربة الصقيعية: شاهدٌ خفيٌّ على التغير المناخي
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
Image: Sahar Palangi
الشكل 1 يُظهر مناطق انتشار التربة الصقيعية في نصف الكرة الشمالي بمختلف أنواعها 1
توجد التربة الصقيعية في مناطق انتشارها بأربعة أشكال؛ وهي:
- التربة الصقيعية المستمرة (Continuous Permafrost): عندما تشكل 90-100% من مساحة الأرض.
- التربة الصقيعية المتقطعة (Discontinuous Permafrost): وهنا تكون نسبتها ما بين 50-90% من مساحة الأرض.
- التربة الصقيعية المتفرقة (Sporadic Permafrost): وفي هذه الحالة تشكل ما بين 10-50% من مساحة السطح.
- بقع صقيعية معزولة (Isolated Permafrost): هنا تظهر مادة التربة الصقيعية في أشكال متقطعة هنا وهناك بما لا يزيد على 10% من مساحة السطح (1،2).
ما يجب معرفته أيضاً عن التربة الصقيعية هو طبقتها النشطة التي تغطيها؛ فهي تسمى بالنشطة نظراً إلى التغيرات المستمرة التي تطرأ عليها على مدار العام. وتبدأ هذه الطبقة بالذوبان بعد ذوبان الثلج الذي يُغطِّيها في الربيع ثم تعود للتشكل بعد عودة البرودة وانخفاض درجات الحرارة في الخريف (1).
يتراوح سمكُ الطبقة النشطة من أقل من 30 سم كما في ساحل القطب الشمالي إلى عدة أمتار كما في جبال الألب (1،2).
هنا لا بد من الإشارة إلى أن سمك الطبقة النشطة يتناسب طرداً مع المدى الحراري السنوي؛ إذ يزداد بازدياد الفرق بين متوسط درجة حرارة الفصل الحار ومتوسط درجة حرارة الفصل البارد، وينخفض بانخفاض ذلك. ومن هذه النقطة نستطيع الانتقال بسلاسة إلى صلب موضوعنا؛ وهو تأثيرات التغير المناخي العالمي في التربة الصقيعية والعواقب المحتملة لذلك.
اتسم عموماً تغيرُ المناخ في الجبال في القرن العشرين بارتفاع درجات حرارة الهواء. وتسببت هذه التغييرات بتأثيرات واضحة في التربة الصقيعية وأشكالها، وتمثل نفسها في زيادة الحرارة تحت السطحية، وفقدان الجليد وانخفاض حجمها الأصلي إضافة إلى زيادة عمق الطبقة النشطة في التربة المتدهورة، وهي التي من المرجح أن تقلل من رطوبة التربة قرب السطح؛ مما أدى إلى تغيُّر الظروف الحياتية لكلٍّ من النباتات والحيوانات. والأهم من ذلك هو الكوارث المتمثلة في عدم استقرار المنحدرات المشكلة لأودية الأنهار الجليدية وسقوط الصخور من ارتفاعات عالية مشكلةً تهديداً للسكان والبنية التحتية في المناطق المجاورة (3).
إضافة إلى ذلك؛ تؤدي التربة الصقيعية دوراً في تخزين الكربون الجوي؛ وذلك منذ أواخر العصر الجليدي على الأقل، وهناك قلق عالمي من أنها قد تصبح مصدراً مهماً للغازات الدفيئة التي ستنبعث منها عند ذوبانها نتيجة للتغير المناخي العالمي (1).
وهذا ما يفسر الاهتمام المتزايد في أنحاء العالم بتدهور مناطق التربة الصقيعية في السلاسل الجبلية في ظل الاحترار المناخي العالمي.
وكذلك فإن سيناريو الاحترار المناخي العالمي لا يترك مجالاً للشك في أن الأيام القادمة ستحمل معها تراجعاً في مساحات التربة الصقيعية وازدياد في سمك طبقتها النشطة (1).
ولتوضيح الخطر المتوقع بطريقة أفضل؛ تُشير التوقعات إلى أن ما يقارب ثلاثة أرباع سكان المناطق التي تنتشر فيها التربة الصقيعية في نصف الكرة الشمالي، إضافة إلى 69% من البنية التحتية الخاصة بتلك المناطق "مساحات واسعة من السكك الحديدية وأنابيب نقل النفط والغاز ومناطق مأهولة بالسكان"؛ تخضع جميعها للأخطار المتوقعة والمرتبطة بذوبان التربة الصقيعية في تلك المناطق بحلول منتصف القرن الحالي (4).
وفي النهاية لا يسعنا إلا التذكير مراراً وتكراراً بأننا نحن البشر مسؤولون مباشرة عن الاحترار العالمي ونتائجه متضمناً ذوبان التربة الصقيعية المتسارع، ويبدو من الواضح أنه -وبسبب ارتفاع درجات الحرارة بمجرد الوصول إلى نقطة التحول في التربة الصقيعية- لم يعد من الممكن إيقاف تغير المناخ. لذا علينا الآن تغيير سلوكنا؛ فالمسؤولية تطال الجميع..
المصادر:
2. United Nations Environment Programme. 2012. Policy Implications Of Warming Permafrost. Nairobi, Kenya. [online] Available at: هنا
3. Haeberli, W. and Gruber, S., n.d. Global Warming and Mountain Permafrost. Soil Biology, pp.205-218. [online] Available at: هنا; [Accessed 15 June 2020].
4. Hjort, J., Karjalainen, O., Aalto, J., Westermann, S., Romanovsky, V., Nelson, F., Etzelmüller, B. and Luoto, M., 2018. Degrading permafrost puts Arctic infrastructure at risk by mid-century. Nature Communications, 9(1). [online] Available at: هنا; [Accessed 15 June 2020].