كيف يمكن للنمل الأبيض أن يحسّن البيئات الجافة؟
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
حشرات شائعة الإنتشار في المناطق المداريّة ومعظم البيئات الدافئة، معروفة بأنها تبني بيوتها على شكل أكوامٍ ضخمة من التربة تسمى بالسواتر (termitaria) والتي تسمح لها بالتحكم بتأمين درجة الحرارة و الرطوبة المناسبة لحياتها في البيئات الجافة، وقد تحدثنا سابقا عن التصميم الداخلي المذهل لتلك البيوت: هنا. استمدت إسمها (النمل الأبيض) من لون البيوض و صغار النمل في المستعمرات.
ظهورها الأول كان في أحفوريات من العصر الطباشيري، أما حاليّاً ينتشر النمل الأبيض الأكثر بدائية بين الأنواع الحية في استراليا، يعيش في مجموعات تصل إلى مليون فرد ويتغذى على كل شيء تقريباً ووصف بأنه الحشرة الأكثر تدميراً في شمال استراليا. تعيش الافراد القادرة على التكاثر من 20 إلى 50 سنة، آما بقية الافراد العقيمة تبقى حية مابين 2-4 سنوات.
بالنسبة لمستعمراتها تقسم الأفراد إضافة للبيوض:
المخصّبة الأساسية: تمتلك زوجاً من الأجنحة قاتمة اللون وبعد التزاوج تدعى الملك والملكة، يصل طول الملكة أثناء حملها للبيوض إلى 9سم و تحمل حوالي 3000 بيضة وتضع بيضة كل 3 ثواني تقريباً، تمتلك الملكة دماغاً أكثر تطوراً من باقي الأفراد وتقوم بقمع عمليات الإخصاب من خلال الفرمونات المثبطة التي تفرزها في الخلية.
المخصّبة التكميلية: توجد في المستعمرات الناضجة، مهمتها الأساسية إذا ما أصاب الملكة أي مرض أو ماتت،فبإمكانها ان تاخذ مكانها، يتم التحكم بتواجدها ضمن المستعمرة من خلال نوعية الغذاء المقدم لها في مرحلة الحضانة (مثل النحل).
العاملات العقيمة: تبني الأعشاش وتحافظ عليها كما تجمع الطعام وتهتم بالبيوض والملكة، هي الأكثر انتشاراً في المستعمرة وغير قادرة على الطيران والتزاوج.
الجنود: خط الدفاع الأول والأساسي عن المستعمرة تكون من الذكور و الإناث.
Image: http://www1.bio.ku.dk/presserum/pressemeddelelser/termites-evolved-complex-bioreactors-30-million-years-ago/Candidate2.jpg
بعد هذا التقديم المبسّط لنرى ما هو دور منازل النمل الأبيض (السواتر) في البيئة.
بينت العديد من الأبحاث الحديثة الدور الفعال للسواتر الترابية الكبيرة التي يبنيها النمل الأبيض في وقف زحف الصحاري وانتشارها ضمن النظم البيئية شبه الجافة، كما تشير النتائج الى إمكانية أن تجعل هذه التلال من تلك المناطق أكثر قابلية لتحمل التغيرات المناخية.
يقوم النمل الأبيض بتخزين المواد المغذية في الأنفاق الداخلية للسواتر، حيث تعمل هذه الممرات عند حفرها على زيادة قابلية المياه لاختراق للتربة، وبالتالي فإن الغطاء النباتي ينمو على التلال الترابية وبالقرب منها على عكس النظم البيئة الصحراوية المحيطة. وقد أشار الباحثون في مجلة Sciencethat إلى أن النمل الأبيض يبطّئ انتشار الصحاري في المناطق الجافة عن طريق توفير مواقع رطبة للغطاء النباتي حول تلالها، يضاف الى ذلك ان هذه التلال تجعل الأراضي الجافة أكثر قابلية للحياة مقارنة بأراضي النظم البيئية الجافة الاخرى.
بحسب الدكتور ليفي مدير برنامج علم الأحياء البيئي في المؤسسة الوطنية للعلوم (ساعدت هذه التلال في خلق بقع مهمة لنمو النباتات وفي حماية مساحات واسعة من الأراضي من آثار الجفاف في إفريقيا) وأضاف ذلك يوضح أن النمل الأبيض لايعتبر آفات كلياً.
استلهمت فكرة البحث من نماذج للنمل الابيض الذي يقتات على نوع من الفطريات (Odontotermes)، لكن النتائج تنطبق على كل أنواع النمل الأبيض فجميعها تزيد من توافر الموارد داخل اعشاشها او بجوارها.
كورينا تارنيتا المؤلفة وعالمة البيئة والأبحاث التطورية في جامعة برنستون تقول: (إن تلال النمل الأبيض تساهم في الحفاظ على البذور والحياة النباتية، مما يساعد المناطق المجاورة على النمو بشكل أسرع حالما يتواصل سقوط المطر، ذلك لان الممرات تسهل اختراق المياه للتربة مما يسرع في نمو النباتات بالقرب منها بشكل مشابه لردة فعل البذور في حال زيادة كميات الأمطار).
تضيف تارنيتا ان (الغطاء النباتي حول هذه التلال يستمر لفترة أطول ويبطئ الجفاف بصورة اكبر)، حتى عندما تتعرض المنطقة لشروط بيئية قاسية تنتهي باختفاء الغطاء النباتي من التلال فأن امكانية استعادة الغطاء النباتي لايزال امرا ممكنا، فطالما ان تلال النمل الابيض موجودة يبقى هناك فرصة بتعافي النظام البيئي.
تأثير النمل الأبيض على مراحل التصحر: يمر الانتقال من أراضي المراعي و السافانا الى الصحراء بخمسة مراحل ولكل منها نمط مميز من النباتات، و تتواجد هذه النباتات على نطاق أصغر مما كان يُعتقد سابقاً، وبالنسبة لتلال النمل الأبيض فقد وجدت أنواع نباتية من مختلف تلك المراحل متداخلة مع بعضها. فالأنواع النباتية التي قد تشير الى بداية الانتقال الى التصحر قد تعني العكس تماماً عند نموها على تلال النمل الأبيض في الصحاري.
كما أشارت أبحاث جامعة برنستون أن هذه النتائج غير المتوقعة بالنسبة للنمل الابيض في السافانا والمراعي تقترح بأن النمل إضافة لكائنات أخرى (كلاب البراري، الغوفر..) ممن تقوم ببناء تلال رملية يمكن ان يكون لها ادوارا هامة في صحة النظام البيئي وتعافيه.
مما يؤكد أن النمل الابيض أحد نقاط الارتكاز للنظام البيئي فهي إضافةً لرفعها من إنتاجيته، تجعله اكثر استقرارا ومقاومة للجفاف.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا