مضادات الالتهاب غير الستيروئيديّة خلال الحمل...ما الجديد؟
الكيمياء والصيدلة >>>> الآثار الجانبية
ولأنّه من الممكن استعمال الـ (NSAIDs) دون الحاجة إلى وصفةٍ طبّيّةٍ (OTC)** (1)، وغالباً ما تستعملُ النّساء الحوامل هذه الأدوية دون الرجوع إلى الطّبيب المُختصّ والإلمام بالمخاطر التي قد تُسبّبها هذه الأدوية؛ إذ تَعبُر الـ (NSAIDs) المشيمة، وقد تتسبّب في ظهور آثارٍ جانبيّةٍ لدى الجنين والطفل حديث الولادة (3,1).
ويترافق استعمال الـ (NSAIDs) -في المراحل الأولى من الحمل- مع زيادة احتمال حدوث تشوّهاتٍ وإجهاضاتٍ(1)؛ لذلك تنصح هيئة الغذاء والدواء الأمريكيّة (FDA) بتجنّب هذه الأدوية بعد الأسبوع الثّلاثين من الحمل بسبب خطورة حدوث إغلاقٍ مبكّرٍ في القناة الشّريانيّة لدى الجنين ممّا يؤدّي إلى اضطراباتٍ قلبيّةٍ (2).
وحديثاً، حذّرت الـ (FDA) في الخامس عشر من شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2020 من أنّ استعمال مضادات الالتهاب غير الستيروئيديّة ابتداءً من الأسبوع العشرين من الحمل قد ينتج عنه اضطراباتٌ كلويّةٌ نادرةٌ ولكنّها خطيرةٌ لدى الجنين، ممّا يؤدّي إلى قلّة السّائل السَّلوي*** (Oligohydramnios) المحيط بالجنين وحدوث مضاعفاتٍ أُخرى؛ إذ إنّه بعد الأسبوع العشرين من الحمل تبدأ كِليتَا الجنين بإنتاج معظم السّائل السّلوي؛ ولذلك فإنّ الاضطرابات الكلويّة من الممكن أن تؤدّي إلى انخفاض مستويات هذا السّائل الذي يعمل مثل وسادةٍ تُحيطُ الجنينَ وتحميه، وتُساعد في تطوّر كلّاً من رئتَيه وجهازه الهضمي وعضلاته (2).
وقد أُبلِغ عن أوّل حالةٍ (oligohydramnios) مترافقةٍ مع إعطاء الـ (NSAIDs) للنّساء الحوامل عام (1980) (1)؛ ومن المرجّح أنّ الآليّة التي تجري من خلالها الـ (NSAIDs) -بإحداث خللٍ في الوظيفة الكلويّة- مرتبطةٌ بتأثير هذه الأدوية على اصطناع البروستاغلاندينات وتثبيطها العكوس لعمل كلٍّ من نمطَي أنزيم السيكلواوكسيجيناز Cyclooxygenase (COX-1, COX-2) (1,3)؛ وبذلك خفض تفعيل مستقبلات البروستاغلاندين ممّا يؤدّي إلى انخفاضٍ في الارتشاح الكُبيبي (أي: انخفاض إنتاج البول لدى الجنين)، والذي يُعدّ المصدر الأساسيّ للسّائل السّلوي (3) بعد الأسبوع العشرين من الحمل (2).
وقد لوحظ أنّ انخفاض مستويات السّائل السّلوي في أغلب الحالات كان عكوساً خلال ثلاثة إلى ستة أيامٍ بعد إيقاف الـ (NSAID) المُعطى، وتكرّرت الحالة لدى بدء العلاج مرّةً أخرى بالـ (NSAID) ذاته؛ وذُكِر في تقاريرٍ أُخرى أنّه لم يُلاحظ أيّ عودة انخفاضٍ في مستويات السّائل السّلوي لدى إعطاء دواءٍ آخر من المجموعة نفسها (2).
ولا تنطبق توصيات هيئة الغذاء والدواء على إعطاء الأسبرين بالجرعات المنخفضة (81 mg)، والذي يُستطَبّ به في حالاتٍ خاصّةٍ خلال الحمل، ثمّ إنّها لا تنطبِق على مضادات الالتهاب غير الستيروئيديّة التي تُعطى عينياً (2).
وأخيراً، أضافت الـ (FDA) إلى أنّه في حال ارتأى اختصاصيّ الرّعاية الصّحيّة أنّه لا بُدّ من علاج المرأة الحامل بأحد مضادات الالتهاب غير الستيروئيديّة بين الأسبوع العشرين والثّلاثين من الحمل، يجب أن يقتصر استعمالها على الجرعة الدنيا الفعّالة وذلك لأقصر مدّةٍ ممكنةٍ؛ إضافةً إلى ضرورة مراقبة مستويات السّائل السّلوي بالأمواج فوق الصّوتيّة في حال استمرار العلاج لأكثر من 48 ساعة، وإيقافه لدى ملاحظة حدوث أيّ انخفاض (2).
هوامش:
*(Non-Steroidal Anti-Inflammatory Drugs) (NSAIDs - مضادات الالتهاب غير الستيروئيديّة): اطّلع على مقالنا المنشور سابقاً هنا
**(Over The Counter - OTC): هي الأدوية التي تُعطى دون الحاجة إلى وصفةٍ طبّيّةٍ (4).
***السّائل السّلوي أو ما يُعرَف بالسّائل الأمينوسي؛ هو السّائل داخل التّجويف السّلوي الذي يتكوّن في الحياة الجنينيّة البدائيّة من السّلى، ثمّ بعد ذلك من الرّئتين والكليتَين. وهذا السّائل يحمي الجنين وتكون كمّيته الطّبيعيّة عند الولادة من (500 - 1500) مل. وتُعرّف حالة (Oligohydramnios) لدى حدوث نقصٍ في كمّية السّائل السّلوي.
المصادر:
2. NSAIDs may cause rare kidney problems in unborn babies [Internet]. U.S. Food and Drug Administration. 2020 [cited 11 November 2020]. Available from: هنا
3. Campbell S, Clohessy A, O’Brien C, Higgins S, Higgins M, McAuliffe F. Fetal anhydramnios following maternal non-steroidal anti-inflammatory drug use in pregnancy. Obstetric Medicine. 2017;10(2):93-95.
4. Understanding Over-the-Counter Medicines [Internet]. U.S. Food and Drug Administration. 2020 [cited 11 November 2020]. Available from: هنا.