كيف تفهم ما يفكر به الناس؟
علم النفس >>>> القاعدة المعرفية
مهارةٌ اجتماعيةٌ معرفيةٌ مهمة تتضمن القدراتِ الذهنيةَ التي تمكننا من فهم امتلاك الآخرين معتقداتٍ ورغباتٍ ومعلوماتٍ وخططًا وآمالًا ونوايا تختلف عنا (1,2)، سُمّيت بـ "نظرية العقل" (Theory of Mind – ToM)؛ لأننا لا نستطيع معرفةَ ما يفكر فيه الشخص الآخر تمامًا، فكل ما يمكننا فعله هو وضع النظريات الخاصة التي نطورها بناءً على ما يتوفر لدينا من معلومات (1).
تأتي أهمية نظرية العقل من دورها العظيم في حياتنا الاجتماعية، فمن المهم أن نكون قادرين على فهم الحالات العقلية عند الآخرين من أجل التفاعل معهم؛ إذ تسمح نظرية العقل باستنتاج نوايا الآخرين وما يدور في رؤوسهم بما في ذلك الآمال والمخاوف والمعتقدات والتوقعات، ثم التفكير في كيفية تأثير تلك الحالات العقلية في أفعالهم، مما يساعدنا على فهم طريقة تفكير الناس والتنبؤ بسلوكهم وحل النزاعات الشخصية وتقوية العلاقات الاجتماعية (1).
كيف تطور هذه النظرية خلال حياتنا؟
يميل الأطفال الصغار إلى انشغال عقلهم بالتفكير في نفسهم فقط، ونادرًا ما يستطيعون التفكير في الحالات العقلية للآخرين، ومع التقدم في السن تبدأ نظرية العقل بالظهور، وتستمر بالتطور حتى تبلغ سرعة التطور ذروتها خلال سنوات ما قبل المدرسة بين سن 3 و 5 سنوات، وتزداد تدريجيًّا مع التقدم العمر (1,2).
يعتمد تطور نظرية العقل على نضج عديد من أنظمة الدماغ نتيجةَ التفاعل الكثيف الذي يحدث بين نمو الدماغ والبيئة الاجتماعية (2)، ومن المثير للاهتمام أن عدد اللغات التي يتحدث بها الطفل يسرع ارتقاءَ نظرية العقل عنده، وقد أكدت ذلك الاختبارات التي أُجريت على مجموعتين من الأطفال تتحدث المجموعة الأولى لغتين في حين تتحدث الثانية لغةً واحدةً فحسب (3).
❀ ويمر الطفل في أثناء تطور (ToM) بخمس مراحل من الإدراك وهي (1):
لكن كيف نقيس مدى فهم الأطفال لكل هذه الحالات السابقة؟
هناك عديدٌ من الاختبارات لكل مرحلة، لكن تعد القدرة على نسب الاعتقاد الخاطئ للآخرين علامةً فارقةً في تكوين نظرية العقل، والهدف من ذلك معرفة أن الطفل قادر على التمييز أن الحقيقة التي يعرفها قد لا يكون الآخرون على درايةٍ بها (1)، ومن أكثر اختبارات الاعتقاد الخاطئ استخدامًا هو اختبار "Sally-Anne"، فما هذا الاختبار (1,3,4)؟
نُظهر للأطفال دميتين تدعى الأولى Sally والثانية Anne، تمتلك Sally سلةً أمامها في حين تمتلك Anne صندوقًا، وتضع Sally قطعة حلوى في سلتها ثم تغادر الغرفة، فتأخذ Anne قطعة الحلوى من السلة وتضعها في الصندوق في غياب Sally، عندما تعود Sally للغرفة .. يُسأل الأطفال الذين شاهدوا ما حدث " أين تعتقدون أن Sally ستبحث عن الحلوى؟ "
يجتاز الأطفال الاختبار إن قالوا: إن Sally ستنظر في السلة أمامها، فمن أجل اجتياز الاختبار يجب أن يكون الأطفال قادرين على توقع ما تفكر به سالي وتعتقده، بينما يفشل الأطفال الذين يجيبون: إنها ستبحث في الصندوق، في فهم أن معرفة سالي مختلفة عن معرفتهم (1,3,4)، و لكن من الصعوبات التي تعترض هذه التجارب أن الإجابة ممكن أن تتغير إذا اعتقد بعض الأطفال أن لدى Sally شكوكًا عاليةً بأن قطعتها من الحلوى ستُسرق عند تركها ونتيجة ذلك بحثت في الصندوق (4)، فما الذي يولد هذه الشكوك عند الأطفال؟
تؤدي الظروف الأسرية والبيئة الاجتماعية التي عاش فيها الطفل دورًا كبيرًا في تشكل هذه النظريات في عقله، فالأطفال الذين عانوا الإساءةَ أو الإهمال في سن مبكرة يبالغون في الاعتقاد بامتلاك الآخرين عقولًا تتصف بالعدوانية والخداع ونقص التعاطف (4).
تتطور نظرية العقل تطوّرًا تلقائيًّا طبيعيًّا عند الأطفال، لكن بعضًا ممن يعاني التوحدَ يواجه صعوبةً أو تأخرًا في اجتياز اختبارات الاعتقاد الخاطئ (3)، ومن بعض الاضطرابات الأخرى التي تعكس ضعفًا في أداء نظرية العقل (2):
المصادر: