سمكة البالون.. كائنٌ لطيف وسمٌّ زعاف يغزو شواطئنا
الغذاء والتغذية >>>> منوعات غذائية
تنتمي هذه الأسماك البحرية السامة إلى عائلة Tetraodontidae والتي تعني "الأسماك ذات الأربع أسنان" وهي سمكة ملساء، لكنَّ بعض الأنواع لديها أشواك أيضًا، وتمتلك أربعة أسنان هي السبب في اسم عائلتها. وتستطيع أسماك هذه العائلة نفخ نفسها ومضاعفة حجمها عبر ابتلاع الماء بغرض إخافة مفترسيها.
وتعد هذه الأسماك من الأطعمة الشهيرة في اليابان، إذ تصل تكلفتها إلى 200 دولار في المطاعم (2). وتأتي السمكة المنتفخة Lagocephalus sceleratus في مقدمة أسماك هذه العائلة من جهة الحجم، وقد يصل طولها إلى 110 سم ووزنها إلى 7 كغ، وهي ذات جسم ممدود مضغوط قليلاً على الجانبين (3).
Image: http://www.fao.org/3/a-ap967e.pdf
غزوها للبحر المتوسط:
السمكة المنتفخة هي من الأنواع الغازية التي دخلت البحر المتوسط عبر قناة السويس وانتشرت فيه بسبب تغير المناخ، وتميل إلى مهاجمة الشباك ومعدات الصيد، مما يجعلها ذات تأثير سلبي خطير في اقتصاديات دول البحر المتوسط، كما حدث في تركيا التي قُدِّرت خسارتها بـ 5 ملايين يورو بين عامَي 2013 و2014. وقد حاول فريق من العلماء متعددي الاختصاصات التنبؤ بالمناطق التي ستغزوها مستقبلًا لكن التعاون كان صعبًا بسبب وجود العلماء في منظمات بحثية مختلفة ومتباعدة جغرافيًا توزعت بين إنكلترا وإسبانيا ومدن مختلفة في إيطاليا (3).
ويوضح الشكل الآتي مناطق الانتشار السمكة المنتفخة في البحر المتوسط:
Image: https://www.bluebridge-vres.eu/sites/default/files/pufferfish.png
التسمم بالأسماك المنتفخة:
تعد هذه الأسماك شديدة السمية في حال تناولها، إذ يحتوي جلدها وكبدها وغددها التناسلية وعضلاتها على مادة التبترودوتوكسين (Tetrodotoxin (TTX السامة التي تعد من أقوى السموم الموجودة في الطبيعة (1,4)، وتفوق سميتُه سميةَ السيانيد بـ 1200 مرة (3)، وقد يصل عدد حالات التسمم به إلى 200 حالة سنويًا، يؤدي نصفها إلى الوفاة (2).
ويتعرض الشخص لهذا السم في حال تناول هذا النوع من الأسماك، فهو من السموم المستقرة حراريًا التي لا تتخرب أو تفقد فعاليتها بالطهي أو التجميد. وهذا ما جعل استخدام هذا النوع من الأسماك لإعداد السوشي والساشيمي في اليابان مقتصرًا على الطهاة المدربين تدريبًا خاصًا يضمن قدرتهم على تقطيع اللحم بطريقة معينة واستخدام أجزاء محددة فقط من جسم السمكة (1,2).
كيف وصل هذا السم إلى هذا النوع من الأسماك؟ وهل يمكن منع تراكمه في أنسجتها؟
عُثر على سم تيترودوتوكسين (Tetrodotoxin (TTX؛ وهو ذو طبيعة قلويدية، في الدينوفلاجيلات Dinoflagellates؛ وهي نوعٌ من العوالق البحرية، التي تُعرف أيضًا باسم Whirly Whips وتتكاثر في مياه "المد الأحمر" المحملة بالمغذيات. تتغذى القشريات والرخويات والإسفنج وقنافذ البحر على الدينوفلاجيلات، وبدورها تتغذى السمكة المنتفخة على تلك الحيوانات في مصبات الأنهار مما يسبب انتقال السم إليها وتراكمه في أنسجتها. ويُعتقد أن الأصل الحقيقي لـ TTX هو عائلة بكتيريا الضماوات Vibrionaceae أو بكتيريا الزائفة Pseudomonas. ولا تعاني الأسماك نفسها من تأثيرات سامة بسبب وجود طفرةٍ في مستقبلات قناة الصوديوم الخاصة بها (2,4,6).
وفي حال تغذية الأسماك على أغذية خالية من هذا السم TTX-free diets، فإن الأسماك المنتفخة ستكون خالية من هذا السم، وهو ما يحدث في حالة الأسماك المنتفخة المستزرعة (4).
آلية التسمم بالسمكة المنتفخة:
تبدأ الأعراض بعد مدة تتراوح بين 10 و45 دقيقة من تناول سم السمكة المنتفخة الذي يعمل على حجب قنوات الصوديوم ذات الجهد الكهربائي المتوجهة إلى الأعصاب في الشق ما بعد المشبكي post-synaptic cleft عن طريق محاكاة كاتيون الصوديوم المائي، مما يمنع النبضات من العمل. في الحالة الطبيعية، يرتبط الصوديوم المائي؛ وهو الناقل الطبيعي، ارتباطًا عكسيًا بسطح الأغشية العصبية في غضون أجزاء نانوية من الثانية، لكن سم TTX يرتبط في تلك المواقع ويبقى فيها عشرات الثواني، مما يعيق الجهاز العصبي ويسبب الأعراض المرتبطة عادة بتناول السمكة المنتفخة (2,5)، والتي تشمل:
التنميل والصداع والوخز حول الفم وسيلان اللعاب والغثيان والقيء، وقد تستمر حتى 3 ساعات بعد الاستهلاك. ويمكن أن تتطور الأعراض إلى الإحساس بالخفة/الطفو، وضعف التنسيق، والتلعثم في الكلام، وانخفاض ضغط الدم، وعدم انتظام ضربات القلب، والتشنجات، والشلل، وفقدان الوعي، وفشل الجهاز التنفسي ويمكن أن تؤدي إلى الوفاة (1,2).
علاج تسمم السمكة المنتفخة:
- اطلب الرعاية الصحية المختصة بأسرع وقت ممكن.
- محاولة حث المصاب على التقيؤ في غضون 3 ساعات من تناول السمك إذا كان مستيقظًا وواعيًا.
- اقلب الشخص سريعًا على جانبه في حال التقيؤ.
- قد يصاب الشخص بالشلل، وفي هذه الحالة فإن التنفس الاصطناعي قد يُبقي الشخص على قيد الحياة حتى التمكن من الحصول على الرعاية الطبية في قسم الطوارئ بالمستشفى (1).
حقائق عن سم هذه السمكة:
- ليس له ترياق.
- يوجد طهاة معتمدون في اليابان لإعداد هذا النوع من السمك وطهيه على نحو صحيح.
- النوع المستزرع من هذه الأسماك غير سام.
- يستخدم النوع المسمى فوغو روبريبس Fugu rubripes (سمكة النمر المنتفخة tiger pufferfish) للمساعدة في رسم خريطة الجينوم البشري.
- يستخدم هذا السم طبيًا كمكملٍ علاجي لمدمني الهيروين، ومسكِّنٍ للألم لضحايا الألم العصبي والتهاب المفاصل والروماتيزم والسرطان (2,4).
المصادر:
2. Toxic Animals Around the World [Internet]. People.uwec.edu. 2021 [cited 8 January 2021]. Available from: هنا
3. R. Nader M, Indary S, Ephrem Boustany L. The Puffer Fish Lagocephalus sceleratus (Gmelin, 1789) in the Eastern Mediterranean. EastMed TECHNICAL DOCUMENTS. [Internet]. Fao.org. 2021 [cited 8 January 2021]. Available from: هنا
4. Noguchi T, Onuki K, Arakawa O. Tetrodotoxin Poisoning Due to Pufferfish and Gastropods, and Their Intoxication Mechanism. ISRN Toxicology [Internet]. 2011 [cited 8 January 2021];2011:1-10. Available from: هنا
5. TETRODOTOXIN - Molecule of the Month - November 1999 [Internet]. Chm.bris.ac.uk. 2021 [cited 8 January 2021]. Available from: هنا
6. ARAKAWA O, HWANG D, TANIYAMA S, TAKATANI T. Toxins of Pufferfish That Cause Human Intoxications. Coastal Environmental and Ecosystem Issues of the East China Sea [Internet]. 2010 [cited 8 January 2021];:227-244. Available from: هنا