رهاب الأجانب (Xenophobia)
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
يرجع أصل مصطلح رهاب الأجانب اللغوي إلى تراكب كلمتين ذي أصل يوناني (أجنبي: Xenos) و(خوف: Phobos)، ويعني الكراهية تجاه بعض الأفراد المبنيّة على أساس أصلهم العرقي أو انتمائهم القومي أو الاجتماعي أو الديني أو الجنسي أو على أي أسسٍ أخرى (1)، ونحن جميعًا ميَّالون بطبعنا إلى معاداة أي غريبٍ مهما حاولنا إنكار ذلك؛ بسبب تسرعنا في الحكم والخوف من كل مجهول (2).
يتجلى هذا الكره بالتمييز المباشر وغير المباشر والمفرِط أحيانًا الذي قد يتحول إلى عنفٍ وتحريضٍ بهدف إذلال صورة معينة من الأفراد وتشويهها (1)، ومن المؤسف أن هذه المظاهر تحدث يوميًّا، ويكفي اكتسابُ شخصٍ ما بعضَ الصفات مهما كانت سطحيةً (كلون العينين) إلى إثارة مشاعر الكراهية تجاهه.
فقد اكتشفت مدرِّسةٌ سرعةَ التمييز الجماعي عندما قسَّمت فصلَها الدراسي إلى مجموعتين حسب لون العينين؛ احتوت الأولى ذوي العيون البنية والخضراء والثانية ذوي العيون الزرقاء، تلقى أفراد المجموعة الأولى امتيازاتٍ ومكافآتٍ حُرمها أفراد المجموعة الثانية ليتضح لهم أنهم أقل شأنًا، وفي غضون ساعاتٍ تحول الفصل الدراسي الذي كان يومًا متناغمًا إلى معسكرَين مشحونَين بالخوف المتبادَل والاستياء، وما يثير الدهشة أن هؤلاء الأفراد كانوا طلابًا في الصف الثالث فحسب!! (2).
لم يسلم المهاجرون واللاجئون ولا الأقليات من هذا الخوف الذي يتطور إلى حالات اعتداء جسدي أحيانًا (2)، خاصَّة في خلال الأزمات الاقتصادية والحملات الانتخابية وعدم الاستقرار السياسي والصراع، ففي حالات الفقر المتزايد تتناقص فرص العمل والتعليم والرعاية الاجتماعية والصحية، ويصبح الغرباءُ منافسين وأكثرَ عرضةً للاعتداء (1,3).
ما مخاطر هذه التصرفات على الفرد والمجتمع؟
تشكل مظاهر كره الأجانب تحدياتٍ للأمن والنظام العام، فما التحديات المرتبطة بمظاهر كره الأجانب؟
لا تزال القضايا المتعلقة بانعدام المُسَاءلة وتكرار الإفلات من العقاب بانتظار حلولٍ لها؛ إذ تُعرَّف بعض مظاهر كره الأجانب أنها أعمال شغب، ولا يُحاسب أولئك الذين ارتكبوا أعمالًا تنمُّ عن كراهية الأجانب في كثير من الأحيان، أو يُطلق سراحهم بعد وقتٍ قصيرٍ من اعتقالهم، وتؤدي هذه التصرفات إلى انعدام الثقة، فيتردد ضحايا جرائم الكراهية أو الشهود عليها في الإبلاغ عنها والسعيِ إلى المحاكمة العادلة، ومن ثم فإن عديدًا من حوادث التهديد (كالإساءة اللفظية أو الاغتصاب أو العنف) لا يُبلَّغ عنها، فيُترك انطباعٌ خاطئٌ أن هذه المشاكل لا تحدث أساسًا (1,3).
فما المطلوب للوقاية من مظاهر كره الأجانب ومعالجتها؟
من الواضح تمامًا أننا عرضةٌ للتحيز وأن هناك رغبةً غيرَ واعية في تقسيم العالم إلى "نحن" و "هم"، لكن لحسن الحظ تظهِر الأبحاث أنَّ التحيزات مرنةٌ نوعًا ما، فعندما ندرك انحيازاتنا يمكننا اتخاذ خطواتٍ فعالةٍ وناجحةٍ لمكافحتها (2)، ويلزم لذلك اتباع نهجٍ شاملٍ معتمِدٍ على حقوق الإنسان لمنع أفعال كره الأجانب والتصدي لها تصديًا فعالًا، بما في ذلك التدابير السياسية والقانونية والإدارية والتعليمية والتوعوية مثل (1,3):
ومع انتشار جائحة COVID-19 أصبح البشر أكثرَ عرضةً لهذا الخوف، خاصةً في ظل التباعد الاجتماعي، فعلينا احتواء خوفنا في إطار محاربة الفيروس لا الانغلاق وتعزيز هذا النوع من الكراهية (4).
المصادر:
2. Why We Fear the Unknown [Internet]. Psychology Today. 2002 [cited 9 December 2020]. Available from: هنا
3. Refugees, Racism and Xenophobia: What Works to Reduce Discrimination? - Our World [Internet]. Ourworld.unu.edu. 2018 [cited 9 December 2020]. Available from: هنا
4. Epidemics and pandemics can exacerbate xenophobia, bigotry [Internet]. ScienceDaily. 2020 [cited 9 December 2020]. Available from: هنا