مراجعة كتاب (نظام التفاهة): سطوة التفاهة
كتاب >>>> الكتب الأدبية والفكرية
"إن نظام التفاهة يقودنا إلى تسليم مَلَكة الحكم السليم إلى نماذج اعتباطية مسوّق لها من قبل السلطة"
بداية لقراءة هذا العمل علينا أن نطرح سؤالًا: من هو التافه عند الفيلسوف الكندي آلان دونو (26 سبتمبر 1970 Alain Deneault)؟ فقد اعتمد في عنوانه كلمة Mediocratie لتعبر عن "نظم التفاهة" أي سيطرة الوضيعين، فالمفردة تنتج من كلمة Mediocre (قليل المعرفة أو التافه) وCratie من اليونانية القديمة تعني السلطة، لكن دونو يرى معنى آخر فكلمة Mediocre التي تعطي مدلولًا لما هو سيىء لها جذر يشير إلى معاني المتوسط، وبذلك فإن المتواضع والتافه هو المتوسط الذي لا يتميز في أي مجال أي عديم الموهبة.
يرى ٱلان دونو بأن لدينا الآن نظامًا عالميًّا يطلب من الجماهير أن تكون عادية تمامًا، ولا تملك طموحًا إلى شيء أعلى؛ أي أننا نعيش في نظام متوسط. يكافئ نظام الكسالى والخاضعين فكريًّا طالما ظلوا أكفاء ومنتجين، لكنه يعاقب وينبذ المفكر الإبداعي الذي يغرد خارج السرب، ويشجع نظام التفاهة أعمال مؤسسات السلطة التي تضع الفكر البشري ضمن قوالب محددة ولا تسمح للمرء أن يفكر خارج الصندوق.
يرى دونو بدايات هذا النظام تمثلت بتدمير الثورة الصناعية الحِرَفَ اليدوية، التي تطلبت توحيدًا لتسهيل الإنتاج على نطاق واسع والاعتماد على المتوسط المثالي غير الخلاق.
"ساهم تقسيم العمل اليدوي والفكري في ظهور السلطة التافهة. إن إجادة مهمة لجعلها نافعة لمنتج نهائي لا أحد يعرف ما هو، هو ما ساهم في ظهور خبراء فارغين".
وقد انعكس هذا النظام على التعليم والاقتصاد والثقافة والسياسة، ليشرح بأمثلة عن حالات الفساد التي تنخر المفاصل الهامة للمجتمع، فتنسحب هذه الحالات على شتى المجالات كانتشار للمعارف السريعة المغلوطة التي تجعل الناس محكومين بخيارات معدة مسبقًا وتوجيههم نحو قوالب مصممة مسبقًا؛ وخطوط الإنتاج الطويلة التي اختزلت الفكر البشري بمجموعة من الخطوط العريضة التي يجب الالتزام بها فلامست هذه اللعنة الصناعة والثقافة وحتى الفن. فنظام التفاهة هو نظام المتوقع والثابت دون الحاجة لوجود أشخاص فاعلين خلاقين. ومن ثم تغيير معيار التميز والتفوق، وحصول التافهين لمواقع فاعلة وبالتدريج بناء نظام يقوم على هؤلاء التافهين والحصول على شبكة التفاهة وإعطاء سمة التفاهة لكل ما يحيط بنا.
"إن التفاهة تشجّعنا، بكل طريقة ممكنة على الإغفاء بدلا من التفكير، النّظر إلى ما هو غير مقبول على أنه حتمي، وإلى ما هو مقيتٌ وكأنه ضروري: إنها تحيلنا إلى الأغبياء"
يقسم دونو الأفراد بحسب أنماط الشخصية التي هي نتائج متوقعة لنظام التفاهة إلى خمسة أنواع:
ينهي دونو كتابه بقوله:
"توقف عن السخط واعمل على خلق توليفة من القضايا الوجيهة. التق مع الٱخرين في تجمعات بخلاف تلك الطائفية والشللية، اسخر من الأيديولوجيات، اختصر المصطلحات التي تريد البروباغندا كتابتها في ذواتنا وحولها إلى موضوعات مجردة للتفكير، تجاوز أساليب السيطرة التي تمارسها المنظمات، وحاول خلق بنى تشبهنا، كن راديكالياً".
معلومات الكتاب: