جينة غامضة جديدة في فيروس كورونا المستجد
الطب >>>> فيروس كورونا COVID-19
يثير وباء (COVID-19) تساؤلات هامة عن الخصائص التي تسمح للفيروسات باختراق حدود الأنواع والانتشار بين البشر، وتتطلب الإجابة على هذه التساؤلات ومعرفة كيفية ظهور فيروسات جديدة فهماً شاملاً للجينوم الفيروسي. وقد اكتشف الباحثون في دراسة نُشرت في مجلة eLife لعدد شهر تشرين الأول (أكتوبر) جينة جديدة وغير مألوفة في المادة الوراثية لفيروس (SARS-CoV-2) قد توضع في قفص الاتهام لمشاركتها في شراسة هذا الفيروس وقدرته الوبائية العالية (1).
تسبب فيروسات الكورونا إنتانات تنفسية ومعوية لدى كل من الحيوانات والبشر، ولكنها لم تُصنَّف على أنها عالية الإمراضية لدى البشر حتى العقدين الماضيين؛ فشاهدنا فيهما ثلاث جائحات لفيروسات شديدة الانتقالية والإمراضية؛ بما فيها الـ SARS-COV (Severe acute respiratory syndrome coronavirus) والـ MERS-COV (Middle east respiratory syndrome coronavirus) والـ SARS-COV-2 الذي يعد فرداً جديداً من عائلة فيروسات الكورونا؛ والمسبب لكوفيد 19.
تشترك أفراد هذه العائلة جميعها بأنها تحتفظ بمعلوماتها الوراثية في تسلسل RNA وحيد السلسلة، ويُرمِّز جينومها أربعة بروتينات بنيوية: بروتين الشوكة (S) والغلاف/الكبسولة (E) والغشاء (M) والكابسيد النووي (N)، بالإضافة إلى احتوائها على عدد متفاوت من أُطر القراءة المفتوحة* الحاوية على جينات ثانوية مميزة لكل نوع، وهي توجد متراكبة أو متداخلة (Overlapping) مع الجينات البنيوية (2).
تنتمي الجينة (ORF3d) -وهي إحدى الجينات الثانوية التي حددها الباحثون في جينوم فيروس كورونا المستجد- إلى الجينات المتداخلة (Overlapping genes OLGs) (1)، ويعد وجود مثل هذه الجينات شائعاً لدى الفيروسات، وغالباً ما تؤدي البروتينات المتشكلة عنها دوراً مهمَّاً في إمراضية الفيروس وإحداثه للإنتان. وهذه الجينات هي عبارة عن مناطق من الـ DNA أو الـ RNA تُترجم في إطارَي قراءة مختلفَين؛ لتنتج بروتينَين مختلفَين عن طريق آلية تدعى الطباعة الفوقية (Overprinting). وتُولَد مثل هذه الجينات من طفرات نقطية في بعض أحرف الحمض النووي أو نكليوتيداته(3)، والهدف التطوري منها هو ضغط المعلومات الجينية في المادة الوراثية لتُعَبِّر عن أكبر عدد من البروتينات بأقصر طول ممكن (1).
ووفقاً لنتائج الدراسة؛ تبين أن البروتين الناتج عن ترجمة المورثة (ORF3d) هو أحد البروتينات الثلاث الأكثر إحداثاً لاستجابة الأجسام المضادة ( الخلايا البائية)، ولكنها الأقل تحريضاً لإحداث استجابة الخلايا التائية، وقد تقترح هذه الملاحظات ميل الفيروس واستعداده للهروب من الجهاز المناعي، وتقترح ارتباط المورثة وظيفيَّاً بالخصائص الناشئة للفيروس أيضاً.
وقد لوحظ وجود الجينة (ORF3d) لدى نوع آخر من فيروسات الكورونا (Guangxi pangolin-CoVs)، وغيابه لدى أنواع أخرى ذات صلة وثيقة به (pangolin-CoVs or bat-CoVs)، الأمر الذي يجعل من الكشف عن هذه الجينة في مصل مرضى كوفيد 19 كافياً لتشخيص الإصابة (1).
وتُعد فيروسات الكورونا من الفيروسات المعقدة الجينوم، وتُظهر مرونة عالية فيما يخص الجينات الثانوية؛ التي لا تكون -غالباً- ضرورية لتضاعف الفيروس؛ ولكنها تتدخل في انتشاره وإمراضيته، فهي تتوضع على مناطق عالية الديناميكية من الـ RNA تكون معرضة تعرضاً دائماً لخسارة جينات و اكتساب أخرى، وهذا ما يجعلها تؤدي دوراً مهمَّاً في إمكانية عبور الفيروس حاجز الأنواع والتكيُّف في المضيف الجديد (1,2).
*أُطر القراءة المفتوحة (Open Reading Frame ORF): هي تسلسل من الحموض النووية التي لا تحوي على كودون (شيفرة) التوقف، ويمكن أن تُترجَم إلى بروتين وظيفي(4).
المصادر: