ما يزال حق النساء بالاختيار يكلّفهن حياتهن!
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> علم الاجتماع
تمثّل جرائم "الشرف" أكثر أشكال العنف عدوانية؛ إذ تُقتل الأنثى فعلًا أو يُحاوَل قتلها بسبب انحرافها الفعلي أو المشتبه به عن الأعراف الجنسية التقليدية، ويحدث العنف الممارس ضد المرأة بهدف حماية "شرف" الأسرة غالبًا من قِبل بعض أقرباء الأنثى الذكور الذي يجد أن هذا العنف ضروريًّا للحفاظ على "شرف" العائلة المشوّه أو استرداده (1,2)، وفي المجتمعات التي تمارس هذه الجريمة ترى أنَّ الرجل ربُّ الأسرة والمسؤول عنها، ومن ثمَّ مدافع عن "شرفه" ضد أي سلوك يُعدُّ مخزيًا ومهينًا، وفي الوقت نفسه تعدُّ المرأة في تلك المجتمعات مِلكَ الرجل ورمزًا "لشرف" عائلته (1)؛ لأن عذرية الفتاة قبل الزواج وعفتها وهي متزوجة هو ما يحدد قيمتها وبذلك فإن أي مساومة على الطهارة الجنسية للمرأة -بما في ذلك الاغتصاب- يدنّس اسم عائلة الضحية وشرفها (3).
في هذه الحالات يتضمن "الشرف" بمفهومه في هذه المجتمعات الأدوار الجنسية والأسرية المخصصة للمرأة، وذلك بتعريفها في الأعراف والتقاليد الثقافية، وبحسب تلك التقاليد فإن ما يعد انتهاكاتِ شرفِ الأسرة هو أفعال مثل: الخيانة الزوجية وممارسة الجنس قبل الزواج أو علاقة عاطفية لاجنسية والاشتباه بالحمل خارج إطار الزواج والارتباط العاطفي بشخص "غير مناسب" أو حتى التعرض للاغتصاب، وبذلك يتحملن النساء عبء اقتراف الذكور انتهاكاتِ "الشرف" الجنسي مثل نتيجة الحمل من التعرض للاغتصاب (1).
وبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) فإنه يقدَّر عدد النساء اللواتي يُقتَلن سنويًّا باسم "الشرف" ب 5,000 امرأة في العالم كله، لكن من المستحيل معرفة العدد بدقة؛ لأن الشكاوى المقدمة إلى الشرطة عن جرائم "الشرف" نادرة ومشتتة نتيجة محاولة أفراد الأسرة ذكورًا وإناثًا تغطية هذا النوع من الجرائم، إضافةً إلى اختطاف الضحايا قبل الجريمة وعدم إرسال أية شكاوى عن اختفائها (1).
ونادرًا ما يكون الذكور ضحايا جرائم الشرف، لكنهم يتعرضون للعنف والضغط نتيجة السلطة الأبوية؛ أي إذا فشل الذكور في تنفيذ أوامر القتل أو رفضوها فأنهم عرضة للخطر ومهددين بالعنف أيضًا (3).
والجدير بالذكر أن هذه الجرائم حدثت في عديد من الثقافات ولقرون عدة (3)، وبذلك تتجاوز الإثنيات والطبقات الاجتماعية والأديان، بل هي ممارسات قائمة على الثقافة (الأعراف والتقاليد) وتكون مدعومة من الأنظمة القانونية التي تحكم هذه الثقافات (1).
تصنَّف "جرائم الشرف" على أنها انتهاك حقوق الإنسان مدعومة بمجموعة من الأعراف والتقاليد والقوانين، وبذلك نال مصطلح "جرائم الشرف" عديدًا من الانتقادات من الباحثين لأنه يُخفي حقيقة أن الجريمة قد ارتُكبت عن سبق إصرارٍ وتصميم، ومن هنا يوضع مصطلح "جرائم الشرف" عادةً بين علامتي تنصيص أو يسبق بجملة "ما يسمى" للتأكيد على أنه لا يوجد شيء مشرّف في قتل ضحية بريئة (1,3).
هل من الممكن القول: إن النساء يخضعن لمثل هذه الأشكال من العنف في بعض المجتمعات أكثر من غيرها؟
وهل يعد القانون المتساهل مع "جرائم الشرف" في بلدٍ ما السبب الرئيس لانتشار هذه الجرائم؟ أم أن تطبيع المجتمع وقبوله هو العامل الأكبر في تفشي هذه الجرائم؟
المصادر:
2. Nanes S. Fighting Honor Crimes: Evidence of Civil Society in Jordan. Middle East Journal. 2003;57(1):112-129. Available from: هنا
3. Strange C. Honor Killing. The Wiley Blackwell Encyclopedia of Gender and Sexuality Studies. 2016;:1-5. Available from: هنا