عقلية الثابتة وعقلية النمو
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
عند التحدث عن الذكاء تنتشر نظرتين؛ إذ يعتقد بعض الناس أن قدراتهم هي سمة فطرية لا يمكن تغييرها بينما يشدد الآخرون على أهمية بذل الجهد والمثابرة على العمل لزيادة الذكاء (1,2).
ما الفرق بين الاثنين؟
قامت الباحثة Carol Dweck بدراسة هذه الظاهرة وأطلقت عليها اسم "Implicit Theories" أو "النظريات الضمنية" والتي تتكون من نوعَين: عقلية النمو والعقلية الثابتة (1,2).
العقلية الثابتة Fixed Mindset: هي الاعتقاد أن القدرات- وخصوصاً الذكاء- هي سمة فطرية وثابتة لا يمكن تغييرها، فكل شخص يولد بكم محدد من الذكاء ليس من الممكن أن يتجدد. يبتعد أولئك الذين لديهم هذه العقلية عن أي تحدٍّ يمكن أن يشعرهم أن ذكاءَهم محدود؛ لأنهم يربطون الفشل بقيمتهم الذاتية، وليس هناك جدوى من المحاولة وبذل المجهود عندما يشعرون أنه ليس لديهم ما يكفي لحل المشكلة.
عقلية النمو Growth Mindset: هي الاعتقاد أنه من الإمكان أن يزداد الشخص ذكاءً، وأن ينمي قدراته عند بذل الجهد والمثابرة حتى الإتقان. يقوم هؤلاء بعدة محاولات رغم الإخفاق بغرض تطوير الذات ويتجاهلون الفشل؛ لأنهم يعلمون أنه بإمكانهم النجاح. يرى هؤلاء الأخطاء على أنها فرصة ضرورية للتعلم والنمو و يزدهرون عند مواجهة التحديات؛ لأنها فرصة للتعلم، ولا يربط هؤلاء قيمتهم الذاتية بالنتيجة بل يسعون للتطور المستمر(3-1).
كلنا سبق أن رأينا كلتا العقليتين في المدرسة أو الجامعة وخصوصاً عند دراسة الرياضيات، فعند تلقي نتيجة منخفضة ينسبها بعض الأشخاص إلى قدراتهم المحدودة، فيشعرون أنه ليس بإمكانهم تعلّم الرياضيات حتى لو بذلوا جهداً؛ مما يؤدي لتجنبهم دراسة الرياضيات؛ لأنها مضيعة للوقت.
بينما ينسب القسم الآخر الإخفاق إلى قلة الدراسة أو عدم الانتباه؛ مما يدفعهم أن يخصّصوا المزيد من الوقت للرياضيات لأنهم يعلمون أنه بإمكانهم النجاح، فالفشل ليس انعكاساً على قدراتهم. و ينطبق هذا المثال ليس على الرياضيات حصراً بل على أي نشاط أو سمة أو موهبة. يؤثر هذا النمط من التفكير على الدافع للتعلم؛ إذ يركز أولئك الذين لديهم عقلية ثابتة على الأشياء التي يقومون بها على نحو جيد ويهملون النواحي التي بإمكانهم تطويرها، بينما يثابر أولئك الذين لديهم عقلية النمو على تحسين جميع المجالات (2,3).
ما دور الأهل في تشكيل معتقدات أبئائهم؟
اعتقد البعض أن عقلية الأبناء تتشكل تبعاً لعقلية الأهل، ولكن فشلت الدراسات من إثبات هذه النظرية. أظهرت الدراسات أن العامل الأكبر في تكوين عقليات الأطفال هي ردود أفعال الأهل والمعلمين على النجاح والفشل (2).
مثلما ذكرنا سابقاً، إن مدح الذكاء والقدرات ظناً أنه يزيد الثقة يؤدي لرد عكسي عبر تعزيز العقلية الثابتة لدى الأبناء، فمن الأفضل أن يُمدح المجهود وطريقة الدراسة عوضاً عن السمات الضمنة عند النجاح كي يُنسب النجاح للتعب، فيرى الأبناء أن قدراتهم تنمو عند المحاولة.
أما حين الفشل، فلاستجابة الأهل دور مهم. عندما ينظر الأهل أن الفشل دافع للنمو عوضاً عن نتيجة سلبية تعكس عدم التعلم، يظن الأبناء أن الفشل ليس النهاية، بل وسيلة للتعلم من الأخطاء ودافع للتحسن؛ مما يروج عقلية النمو(2). لذلك عند اهتمام الأهل بالنتيجة فقط، تكون عقلية الأبناء ثابتة ومنسوبة لقدراتهم بينما اهتمام الأهل بالطريق المتبوع للوصول للنتيجة يؤدي إلى رؤية الأبناء أنهم قادرون على النمو.
المصادر: