مراجعة كتاب( ثالوث العرفان والمساواة والحرية): ثلاث منهجيات نحو مجتمعات سليمة
كتاب >>>> روايات ومقالات
نناقش في كتابنا اليوم (ثالوث العرفان والمساواة والحرية) - وهو محاضرةٌ قدمها الدكتور (علي شريعتي) وترجمها (حسن الصراف) - أهمية الموازنة بين هذه التيارات الثلاثة من أجل بناء مجتمعٍ سليم، ويرى (شريعتي) أنها السبيل الوحيد لإنقاذ هذا العالم الذي تتصارع فيه قوىً سياسيةٌ و دينية مختلفة. ويذكر مساوئ إقصاء كلٍّ من هذه المفهومات الثلاثة على حدٍّ سواء.
فمثلًا يركز بعض المتدينين في العرفان فقط فنراهم يعيشون بعيدًا عن هموم الناس وواقع حياتهم، أما أصحاب الفلسفة الاشتراكية فيكتفون بالمساواة والاهتمام بالحالة المادية فيفتقدون الجانب الإنساني في الحاجة لوجود خالقٍ، وأما أتباع الفلسفة الوجودية فهم الدعاة للحرية، ويرون أن الإنسان له الحرية المطلقة في أن يفعل ما يشاء، وليس لله أو أي أحدٍ سلطةٌ عليه، فينتج عن ذلك ابتعادهم عن القيم.
وقد تعرض (شريعتي) لكثير من الانتقادات بسبب موقفه من مختلف التيارات والحركات الدينية والسياسية، فقد اعتُبر مصدرًا ملهمًا للثورة الإيرانية لمحاولته الدائمة توجيه خطاباتٍ للشباب وحثهم على التغيير. وقد تعرض للانتقاد ليس فقط في حياته بل بعد مماته أيضًا، إذ صدرت كثيرٌ من الفتاوى التي استمرت بمهاجمته بعد وفاته. يحدد الكاتب الفئات الناقدة لـ(شريعتي) وفكره فيقول: إن أبرز نقاد شريعتي لا يخرجون عن أربعة أصنافٍ: فإما أن يكونوا رجال الدين، أو مقربين من الحكومة البهلوية، أو مثقفين ذوي ميولٍ ماركسية، أو مثقفين دينيين.
ثم يذكر الكاتب أسباب الوقوف في وجه (شريعتي) وفكره من قبل كل فئةٍ على حدة، فقد كان نظام الشاه في إيران يرى في (شريعتي) عاملًا في نهضة الشباب وإيقاظهم وحشدهم ضد السلطة.
ولقد تعرض (شريعتي) لنقدٍ كبير من رجال الدين الذين رأوا في أفكاره محاولةً لأدلجة الدين الإسلامي، ولكن (شريعتي) نفسه كان يؤمن أن الدين ثابتٌ لا يتغير؛ لذا تجب أدلجته ليتلاءم مع متطلبات العصر كي لا يقف عائقًا في وجه التقدم المعرفي والعلمي.
ويرى (شريعتي) أن الإسلام يجب أن تكون غايته إيجاد التغيير في الإنسان و المجتمع وهدايته نحو النمو والكمال ونجد هذه الرسالة واضحةً في مؤلفات (شريعتي) جميعها.
أما بالنسبة لانتقادات المقربين من الحكومة البهلوية فقد طالت حياة (شريعتي) الشخصية، فقد اعتُقل أكثر من مرةٍ ولوحق من المخابرات الإيرانية (السافاك) وكانت هناك محاولات لتشويه سمعته.
أما عن موقفه من الماركسية والشيوعية، فنجد أنه كان ناقدًا لها. يقول الكاتب: "إن شريعتي رجلٌ جماهيري يَعدُّ الإنسان خليفة الله في الأرض ويرى وجود مقاربةٍ بين مفهوم الإله والإنسانية في المجالات الاجتماعية والقرآن".
أما موقفه من الرأسمالية فيرى شريعتي أنها نظامٌ يجعل الاقتصاد الأساس الذي تبنى عليه الثقافة والفنون، وهذا ما ينتقده شريعتي في الرأسمالية؛ كونه يرى أن الإنسان خليفة الله على الأرض، وأن الرأسمالية تحول الإنسان إلى آلةٍ تبحث عن المال، وهذا يبادل هدف فلسفة الحياة المبنية على الوعي والكمال من عبادة الله إلى عبادة الاستهلاك.
معلومات الكتاب: