التحكم بالخلايا الجذعية، هل من أمل؟
البيولوجيا والتطوّر >>>> بيولوجي
تسمى الخلايا الجذعية متعددة القدرات (pluripotent) بهذا الاسم لأنها قادرة على التحول لأي نوع من أنواع الخلايا الموجودة ضمن جسم الانسان بوجود التحفيز المناسب، إلا أن كيفية تحول خلية جذعية لأنواع خلوية مختلفة ظلت لغزاً يجذب اهتمام العلماء منذ زمن طويل. إن فهم هذا الأمر يمنح العلماء أملاً في التحكم بالخلايا الجذعية للحصول على أنماط خلوية مرغوبة أو حتى أنسجة و أعضاء بديلة.
في دراسة أجريت مؤخراً في جامعة Case Western Reserve تم اكتشاف وجود عوامل وراثية تساعد الخلية في اتخاذ قرارها وتحديد مصيرها. حيث عُثر على تسلسلات ضمن المادة الوراثية تقوم بتعزيز التعبير عن الجينات التي تساهم في تحول الخلية الجذعية الى أنواع خلوية أخرى.
هذه التسلسلات المكتشفة هي من أنواع المعززات (enhancers)، و هي أجزاء من الـ DNA تتحكم في تعبير المورثات القريبة منها. أما ما يميز المعززات المكتشفة في هذه الدراسة فهو أنها تقوم بدورها بدءاً من مرحلة ما قبل الولادة و حتى البلوغ، فهي محسنات موجودة لكنها كامنة في مراحل التكون الجنيني الأولى و تتفعل لاحقاً و من هنا جاءت تسميتها بالمعززات "البذرية"، و ّهي تختلف بذلك كثيراً عن المعززات العادية التي تكون فعالة فقط في أوقات محددة أو أماكن محددة من الجسم.
على ماذا استندت هذه الدراسة؟
اعتمدت الدراسة على مقارنة حالة المعززات في نوعين من الخلايا الجذعية متعددة القدرات هما: الخلايا الجذعية الجنينية و الخلايا الجذعية للأديم الظاهر أو ما يعرف بطبقة المضغة الظاهرة، و سبب اختيار هذين النوعين للمقارنة هو كونهما يمثلان مراحل تطورية مختلفة للخلايا الجذعية، فخلايا الأديم الظاهر تكون متطورة أكثر من الخلايا الجذعية الجنينية التي تمثل مراحل أبكر من المضغة.
لوحظ أن المعززات البذرية تكون ساكنة في الخلايا الجذعية الجنينية البدئية و كلما تطورت الخلايا تتفعل هذه المعززات التي بدورها تتحكم في التعبير عن مورثات الخلية، كما لوحظ أن هذه المعززات تكون مفعلة في خلايا الأديم الظاهر حيث تسمى بالمعززات الرئيسية، و عندما تنضج الخلايا إلى أنسجة بالغة وظيفية تتحول المعززات الرئيسية السابقة إلى معززات "خارقة" (super enhancers) و هي عبارة عن مناطق ضخمة تضم معززات عديدة تتحكم بأهم المورثات في كل أنواع خلايا الجسم.
ماهي الفائدة من هذا البحث ؟
تعتبر الخلايا الجذعية أداة واعدة جداً في مجال النسج البديلة في الطب التجديدي (regenerative medicine) و لكن يجب أولاً أن نفهم بدقة كيف تعمل هذه الخلايا لخلق النسج المختلفة.
لهذه المعززات البذرية إمكانيات واسعة قد تغير فهمنا لتكون الأنسجة و يشكل هذا الاكتشاف أملاً جديداً في إمكانية خلق أنماط خلوية مفيدة سريرياً في الطب التجديدي.
تتمثل الخطوة التالية في فهم علاقة الشذوذات التنظيمية لهذه المعززات البذرية بأمراض الإنسان لكون المورثات التي تتحكم بها هذه المعززات مورثات مهمة و يحتمل أن تسبب شذوذاتها أمراضاً كأمراض القلب أو اضطرابات التنكس العصبي ، كما أن هناك إشارات واضحة إلى إمكانية حدوث السرطان نتيجة تغيرات في المعززات لذا فمن المهم فهم دور المعززات البذرية في تفعيل و كبح السرطان.
المصدر
هنا