تحديد التسلسل النكليوتيدي لمليون جينوم بشري.. المشروع القادم في الولايات المتحدة.
البيولوجيا والتطوّر >>>> علم الجينات
إنَّ جوهر هذه المبادرة يقوم على فكرة إنشاء مجموعة من الناس (الأصحاء والمرضى، الرجال والنساء، الكبار والصغار)، وستتم دراسة هذه المجموعة لمعرفة تأثير الاختلافات الجينية على الصحّة والمرض.
ويأمل المسؤولون عن المبادرة بأن يتم استخدام البيانات الوراثية لمئات الآلاف من المشاركين في الدراسات الجينية التي تجري حالياً، بالإضافة الى العديد من المتطوّعين الجدد حتى يصل العدد الكلي إلى مليون شخص.
وقد قال الدكتور فرنسيس كولينز، مدير المعهد الوطني للصحة (NIH)
بأنَّ الهدف على المدى القريب هو إيجاد علاجات أكثر وأفضل للسرطان، أمّا على المدى البعيد، فالمشروع يهدف الى تقديم معلومات عن كيفية إيجاد العلاج الفردي لمجموعة من الأمراض كما وضحنا في مقال سابق هنا ، ويضيف أيضاً بأنَّ التركيز الكبير على السرطان يعود إلى كونه مرضاً قاتلاً، كذلك لأنَّ العلاجات الفردية والأدوية الموجَّهة التي تُعطى بشكل خاص لكل حالة على حدة قد أثبتت فعاليّة كبيرة وتقدّماً كبيراً في علاج السرطان.
أمّا فيما يخص كلفة تمويل هكذا دراسة..
قدّم الرئيس الأمريكي 215 مليون دولار لهذه المبادرة ضمن ميزانية عام 2016. منها 130 مليون دولار مخصصة لمؤسسة (NIH) لتمويل الأبحاث، و70 مليون دولار لتمويل معهد السرطان الوطني التابع ل (NIH) لتكثيف الجهود نحو تحديد الدوافع التي تسبّب السرطان على المستوى الجزيئي، وتطبيق هذه المعلومات في تطوير الأدوية التي تحارب السرطان بأنواعه. بالإضافة الى ذلك، فإنَّ ما يقارب 10 ملايين دولار ستخصَّص إلى مركزإدارة الغذاء والدواءFDA
لتطوير قاعدة بيانات يتم على أساسها بناء هيكل تنظيمي ملائم، كما أنَّ 5 ملايين دولار سوف تذهب إلى مكتب المنسّق الوطني لتكنولوجيا المعلومات الصحيّة لتطوير معايير الخصوصية وضمان التبادل الآمن للبيانات.
لكنّ هذه الجهود قد تثير الجدل لدى دُعاة حقوق حفظ الخصوصية الذين شكّكوا في الماضي في قدرة الحكومة على ضمان سرّية بيانات الحمض النووي (DNA) للمشاركين في الدراسات الوراثية.
سَلسَلة (وصف التسلسل النيوكليوتيدي) ل1 مليون جينوم:
التمويل المطروح لا يكفي لتحديد التسلسل النيوكليوتيدي الخاص بمليون جينوم ابتداءً من نقطة الصفر. حيث أنَّ سَلسَلة الجينوم الواحد بشكل كامل، وبرغم تراجع الأسعار، لا يزال يكلّف حوالي 1000 دولار للجينوم الواحد، وهذا يعني أنَّ المشروع يكلّف 1 بليون دولار.
بدلاً من ذلك، تم اقتراح استخدام العينات الوراثية من المتطوعين القدماء الذين اشتركوا بالأصل في دراسات تربط بيانات الجينومات بالنتائج الطبية، بالإضافة إلى المتطوعين الجدد المهتمين بالمشاركة في هذا المشروع التاريخي.
لكن ماذا عن المشاريع الأخرى ضمن هذا المجال ؟
أحد المشاريع القائمة هو برنامج "المليون محارب قديم "، والذي تم إطلاقه في عام 2011 بهدف الوصول إلى المزيد من الاكتشافات الجينومية وتحضير ما يسمى بالعلاجات الفردية personalized medicine
وقد شمل البرنامج ما يزيد على 300 ألف مُشارك، تم إيجاد التسلسل الجينومي ل 200 ألف منهم.
أيضاً قامت العديد من المراكز الأكاديمية، بتمويل من معهد الصحة الوطنية، بجمع الآلاف من الجينومات وربطها بقابلية الإصابة ببعض الأمراض وربطها بالعديد من النتائج الصحية الأخرى.
فالشبكة الإلكترونية للسجلات الطبية والبيانات الجينية، والتي تمّ الإعلان عنها من قِبَل معهد الصحة الوطنية NIH في 2007، تهدف إلى الجمع بين البيانات الخاصة بالحمض النووي DNA ل 300 ألف شخص والبحث عن صلات محتملة بين أمراض مختلفة تماماً مثل التوحد، التهاب الزائدة الدودية، الساد cataracts، السكري، والخرف.
وفي عام 2014، أطلقت شركة Regeneron Pharmaceuticals تعاوناً مع النظام الصحي في بنسلفنايا Pennsylvania-based Geisinger Health System
من أجل سَلسَلة الحمض النووي ... ل 100 ألف مريض. وباستخدام سجلّاتهم الطبية، يتم البحث عن صِلات محتملة بين الجينات والأمراض. وقد أنهت هذه الشركة حتى الآن حوالي 500 ألف عينة.
ولعلّ أكثر الجهود جرأةً في هذا المجال، هو ما قامت به شركة غير ربحية تسمى Human Longevity Inc برئاسة كريغ فينتر. ففي عام 2013، أطلقت هذه الشركة مشروعاً لسَلسَلة مليون جينوم بحلول عام 2020. وبتمويل خاص، ستصبح البيانات الجينومية مُتاحة لشركات الأدوية مثل Roche Holding AG والتي توجد بينها وبين المؤسسة شراكة للأبحاث.
ولكن بسبب الاجراءات الكثيرة والجدل الذي يُثار حول الخصوصية الطبية للأشخاص المتطوعين. قال الدكتور فينتر: "لا يمكننا أن ندمج أو نخلط قواعد البيانات الجينومية ببساطة، فهذا يبدو كافتراض ساذج".
وقد اعترف كولينز، رئيس معهد الصحة الوطنية، أنَّ اختلاط أو دمج قواعد البيانات سيكون تحدّياً كبيراً لكنّه أصرّ على أنّه قابل للتحقيق. وعلّق قائلاً: " هو شيءٌ يمكن تحقيقه ولكنّ أموراً كثيرة يجب أن يتم عملها قبل ذلك".
فالتحدّي الآخر هو عمليات جمع، تحليل، وتطبيق هذه البيانات كلّها من أجل تطوير أدوية وعقاقير جديدة وهذا يتطلب تغييرات بكيفية دراسة المنتجات الدوائية والموافقة عليها من قبل المنظمات الصحية.
وقالت الدكتورة مرجريت هامبورج، مفوضة ال FDA بأنَّ نشوء العلاجات الفردية الدقيقة يمثّل نشوء مجموعة من القضايا الجديدة لل FDA. وأضافت بأنّ الوكالة تناقش طرقاً جديدة للوصول إلى التنظيمات المناسبة المتعلقة بالعلاجات الفردية.
المصادر
هنا