مراجعة مسرحية (الأبواب المقفلة): الٱخرون هم الجحيم
كتاب >>>> روايات ومقالات
تروي قصة ثلاث شخصيات يجدون أنفسهم محاصرين في غرفة مقفلة غامضة يحرسهم شخص غريب ليس لديه جفون كم هو مزعج أن يكون هناك شخص ما يحدق بك باهتمام شديد مع إبقاء عينيه مفتوحتين خلال وضح النهار الأبدي.
إن الغرباء الثلاثة هم غارسان وإستيل وإيناس، وهم محبوسون في غرفة ومنفصلون عن العالم في مكان مثالي ليكون جحيمهم الوجودي، ليست هناك حاجة إلى التعذيب الجسدي هنا؛ لأنهم سيعذبون بعضهم البعض بمجرد كونهم معًا، وستحدد أفعالهم ومشاعرهم من هم حقًّا.
يعتقد غارسان أن الإنسان هو ما يريده بنفسه، بينما تؤمن إيناس أن الإنسان هو ما يفعله "أنت حياتك ولا شيء غير ذلك".
تبحث الشخصيات باستمرار عن المرايا لتجنب النظرة المحاكمة لبعضهم بعضًا، وعلى الرغم من أنهم ماتوا وليس لديهم ما يخسرونه، فإن كل شخصية تستمر في الكذب على نفسها؛ إذ إن واحدة من الأفكار الوجودية الأساسية هي أن يكون المرء حقيقيًّا مع نفسه.
عندما يبدؤون جميعًا بالحديث مع بعضهم بعضًا مرة أخرى، يخبرهم غارسان أنه من الأفضل التزام الصمت والاهتمام بشؤونهم الخاصة، وهو يقول: "أعتقد أنني يمكن أن أبقى عشرة آلاف سنة بلا كلام".
وبعد فترة قصيرة يبدؤون بالحديث من جديد فمن المستحيل عليهم أن يتجاهلوا وجود بعضهم بعضًا.
فيقررون إخبار بعضهم بكل شيء ولماذا يعتقدون أنهم قد يكونون في الجحيم.
يعترف غارسان أنه عامل زوجته معاملةً فظيعة، وتعترف إيناس بأنها تستمتع بجعل الأشخاص الضعفاء يعانون، وتعترف إستيل بأنها أغرقت طفلها غير المرغوب فيه، مما جعل عشيقها يطلق النار على نفسه.
يدخلون نوعًا من مثلث الحب، وتحاول إستيل إغواء غارسان، في حين تحاول إيناس استمالة إستيل، ويشعر غارسان بالاشمئزاز من كليهما، ويحاول الخروج معتبرًا أنه على استعداد لتحمل أي عذاب جسدي على بقائه معهما، وفجأة ينفتح الباب لكن غارسان يتردد في الخروج، ولا يستطيع أن يتخيل وجوده بمفرده، مع العلم أن إيناس ستحكم عليه وأنه لن يعرف ما ستقوله عنه، وقرر البقاء لإقناع إيناس بأنه ليس جبانًا.
لا يزال غارسان وإستيل سجناء الماضي، وينظرون إلى أصدقائهم وأحبائهم مرة أخرى على الأرض، في محاولة لتبرير وجودهم من خلال التفكير في تجاربهم السابقة فحسب، ويستمرون في الاستماع إلى ما يقوله الناس عنهم، بدلًا من الاستماع إلى أصواتهم في الوقت الحاضر.
ترى إيناس أن ماضيها لا معنى له، ولا يمكن الوصول إليه، واختارت الوجود في الحاضر فهي تؤكد حريتها في اختيار جوهرها في الحاضر، على الرغم من أنها في الجحيم، إنها تواجه مسؤوليتها ومعاناتها، وهي خطوة أساسية في تأكيد وجودها.
يكتب سارتر أن مسؤولية حرية المرء كبيرة لدرجة أنه "محكوم علينا بأن نكون أحرارًا"، وهو ما جسده عجز غارسان عن مغادرة الغرفة غير قادر على الوجود دون أن يحكم الناس على ماضيه، يحكم غارسان على نفسه بالبقاء في الحاضر الأبدي للغرفة. كما يكتشف غارسان أنْ ليست هناك حاجة للتعذيب الجسدي: نظرة "الآخر" تقلل من شخصيته و "تلتهمها"، إنه غير قادر على فعل أي شيء ، حتى تقبيل إستيل عندما تراقب ايناس. متجاهلًا حريته ومسؤوليته الفطرية، ويعتقد غارسان أن حكم إيناس هو الدليل الوحيد على وجوده.
بعد أن أدركوا أنهم عالقون معا إلى الأبد، يضحكون معا عندما يسدل الستار.
"كل تلك الأنظار مسلطة علي؟ كل الأنظار التي تأكلني؟ هه، لستما سوا اثنتين؟ ظننت أنكما أكثر من هذا بكثير، هذا هو الجحيم، لم أصدق ذلك أبدًا ... الجحيم هو الآخرون" .
معلومات الكتاب:
العنوان: الأبواب المقفلة.
المؤلّف: جان بول سارتر.
المترجم: هاشم الحسيني.
الناشر: دار مكتبة الحياة ، بيروت.
عدد الصفحات: 100.