الجراحة على الأجنة
الطب >>>> الجراحة
يشيرُ مصطلح جراحة الأجنة إلى الإجراءات الجراحية التي تُجرى على الجنين داخل الرحم في طور الحياة الجنينية وتركزُ على تجنبِ التطورِ الحاصلِ في العيوب الخَلقية المختلفة والذي غالبًا ما يؤدي إلى نتائجَ طويلةِ الأمد قد تسبب العجز الجزئي أو التام أو فقدان الحياة.
وهنا يأتي دورُ جراحة الأجنة في تجنبِ هذه العواقب قبل حدوثها، بدلاً من إجراء الجراحة بعد الولادة؛ إذ يكون من الصعبِ إجراءُ تداخل فعال (1-3).
تاريخ جراحة الأجنة
برزت جراحة الأجنة على أنها فكرة مطروحةٍ للبحث والدراسة منذ عام 1965، إذ بدأت بتجاربَ على الحيوانات و تطورت لاحقًا بفضل العديد من التقنيات الجراحية والاستعانة بفرقٍ متعددةِ التخصصات تتضمن (جراحة الأطفال، والتوليد، وتخدير الأطفال، وأمراض القلب، والأشعة، وطب الأذن والأنف والحنجرة، وحديثي الولادة، وتمريض حديثي الولادة ، وتمريض غرفة العمليات)، ليتكون أول تطبيق سريري لها في العام 1982 في جامعة كاليفورنيا وذلك في تدبير استسقاء كلوي ثنائي الجانب لدى جنين يعاني من انسداد سبيل بولي سفلي، ولاحقًا خلال فترة ليست بطويلة، يُجرى التدخل الجراحي على حالات أخرى مثل الفتق الحجابي الخلقي والقيلة السحائية النخاعية والورم العجائبي العجزي العصعصي والتشوه شبه الغدي الكيسي الخلقي للرئة (2,4).
الحالات الطبية التي تتطلب الجراحة على الأجنة
يتطلب إجراء هذا النوع من الجراحات مراكز صحية شاملة من حيث الخبرات و المهارات، وتتنوع أيضًا العيوب الخلقية التي تفيد في علاجها ومنها:
- متلازمة الاختناق بشريط أمنيوسي:
وهو عيب خلقي ناتج عن احتباس بعض أجزاء الجنين بشريط ليفي داخل الرحم, يمكن أن يتطلب التدخل هنا جراحة جنينية مفتوحة أو التنظير لتجنب تموت العضو المختنق (1,2).
- التشوهات الخلقية للطرق الهوائية في الرئة:
والتشظي الرئوي (عيب خلقي في تشكل جزء من الرئة؛ إذ يكون هذا الجزء غير وظيفي لعدم اتصاله بالطريق التنفسي الطبيعي والتشوه الخلقي الكيسي شبه الغدي للرئة وغيرها.
ويمكن تدبير هذه الحالات عبر الجراحة الجنينية المفتوحة، لكن اللجوء إليها تراجع مع ظهور العلاج بالستيروئيدات خلال الحمل؛ إذ ينقص من الأمراض المرافقة لها على نحوٍ كبير، ولكن عند غياب الاستجابة لها فلا بد حينها من التداخل الجراحي على الجنين لتحقيق نتائج مثلى (1,2).
- الفتق الحجابي الخلقي (CDH):
يؤدي انبثاق الأعضاء الداخلية للبطن نحو الصدر عبر فتحة في الحجاب الحاجز إلى نقص في تصنع الرئة ومشاكل تنفسية مرافقة مثل ارتفاع الضغط الرئوي ونقص الأكسجة والحماض، الأمر الذي يسبب تدهور سريع في الوظيفة التنفسية لدى الولدان الجدد.
تعد الجراحة الجنينية المفتوحة خيارًا جيدًا في هذه الحالة لما تسببه العلاجات الأخرى مثل الأكسجة الغشائية خارج الجسم والتي تسبب مشاكل تنفسية مزمنة لاحقة، ولكن ثمة حالات متقدمة مثل انبثاق الكبد عبر فتحة الفتق قد أدى إلى اتباع الجراحة الجنينية والتي بدورها أدت إلى انسداد الوريد السري الجنيني وموت الجنين؛ الأمر الذي حدَّ من استخدام هذه التقنية واللجوء إلى إجراء إغلاق القصبات بالتنظير على أساس تداخل جنيني يسهم في زيادة الضغط داخل الطرق الهوائية وتحريض نموها نتيجة التمدد الحاصل (1,2).
- متلازمة انسداد الطريق التنفسي العلوي الخلقية:
نتيجة لعيوب خلقية لا يكتمل تشكل الطريق التنفسي العلوي، إذ أن الجنين داخل الرحم يتلقى المغذيات والأوكسجين عن طريق الحبل السري حتى الولادة، ففي حال وجود عيب انسدادي في الطرق التنفسية العلوية يعاني الوليد حينها من ضائقة تنفسية قد تؤدي إلى الوفاة في أغلب الحالات، وهنا كان لا بد من اللجوء إلى تقنية العلاج خلال الولادة خارج الرحم Ex-Utero Intrapartum Treatment إذ لا بد من تأمين طريق هوائي للوليد قبل انفصال المشيمة والذي بدوره يؤدي إلى توقف تلقيه للأوكسجين، ولتجنب انفصال المشيمة خلال الولادة يجب تأمين استرخاء عضلات الرحم (1,5).
- انسداد السبيل البولي السفلي الخلقي:
يسبب هذا الانسداد سوء وظيفة المثانة نتيجة التمدد الحاصل والاستسقاء الكلوي بدرجات مختلفة والذي يصل إلى أذية كلوية غير عكوسة عند التشخيص.
وثمة محاولات لإجراء تحويلة مثانية أمنيوسية أو تنظير المثانة الجنيني على الأجنة المصابين بالعيب الخلقي، واستطاعت هذه الإجراءات أن تبدي تحسنًا أفضل فيما يخص الوظيفة الكلوية (1,2).
- الورم العجائبي المنصفي أو العجزي العصعصي:
تعد من أشيع الأورام التي تتظاهر من الحياة الجنينية وقد تؤدي إلى العديد من العقابيل القاتلة مثل الورم والنزيف والولادة المبكرة نتيجة حجم الورم وزيادة حجم السائل الأمنيوسي وقصور القلب ولاسيما وأن هذه الأورام تتميز بنموها السريع.
وعلى الرغم من تعقيدات الجراحة الجنينية في هذه الحالات وما يرافقها من اختلاطات محتملة، فثمة اهتمام متزايد في دراسة فعاليتها في تجنب العقابيل المذكورة أوحتى عكسها في بعض الحالات، وكذلك اهتموا بدراسة تقنيات جراحية أقل غزوًا في تدبير هذه الحالات مثل استئصال الأورام جنينيًا عبر الليزر أو الأمواج الراديوية بالتنظير، أو بواسطة التصميم الوعائي (1,2).
- القيلة السحائية النخاعية ( السنسنة المشقوقة ):
وهي من عيوب تشكل الأنبوب العصبي المرتبطة بعدم الانغلاق التام للأنبوب العصبي والذي يتطور خلال الحياة الجنينية، وأيضًا هناك عيب في الأقواس الفقرية التي تؤدي إلى فتق السحايا والمكونات العصبية وذلك بدرجات مختلفة، ويؤدي ذلك إلى العديد من العقابيل القصيرة والطويلة الأمد مثل استسقاء الرأس والشلل وسوء وظيفة المثانة والأمعاء وتأخر التطور الروحي الحركي.
وهنا برز دور الإجراءات الجراحية الجنينية في تجنب هذه الأمراض مبكرًا عن طريق التداخل بالجراحة المفتوحة على الجنين لإغلاق الفتق الحاصل بالقيلة و التي أثبتت نجاعتها في تجارب عديدة لمراكز عالمية وثمة محاولات قليلة أخرى أجرت ذلك تنظيريًا (1-3).
وثمة حالات أخرى مثل المتلازمات المرضية المتعلقة بالحمل التوأمي مثل متلازمة نقل الدم الجنيني و فقر الدم الجنيني (1).
ويشير الباحثون إلى أن السنوات القادمة واعدة جدًا في مجال الجراحة على الأجنة، ولاسيما مع التطورات التكنولوجية الحاصلة في هذا المجال للوصول إلى تقنيات تمنع الاختلاطات مثل نظام يجمع بين تنظير المثانة والتحويلة المثانية الأمنيوسية في حالات انسداد الإحليل الخلقي أو استخدام الغاز داخل الرحم الذي يتيح مساحة أوسع للتداخل الجراحي.
وبالرغم من كل ذلك، فإن ابتكار أدوات جديدة في هذا المجال يواجه العديد من التحديات مثل التكلفة العالية ونقص الإمكانيات والخبرات وصعوبة إجراء التجارب السريرية المعشاة (2,4).
المصادر:
2. Baumgarten H, Flake A. Fetal Surgery. Pediatric Clinics of North America. [Internet] 2019[Cited 2021 Nov 19];66(2):295-308.
Available from: هنا
3. Pruthi V, Abbasi N, Ryan G, Drake J, Kulkarni A, Kwan-Wong T et al. Fetal Surgery for Open Spina Bifida in Canada: Initial Results. Journal of Obstetrics and Gynaecology Canada [Internet] 2021[Cited 2021 November 19];43(6):733-9.E1.Available from : هنا
4. Ruano R, Vega B. Fetal surgery: how recent technological advancements are extending its applications. Expert Review of Medical Devices, [Internet] 2019,[cited 2021 November 19]; 16(8),643-5. Available from: هنا
5. Fetal Surgery and Procedures [Internet]. USA: Johns hopkins medicine [updated 2022, cited 2022 Apr 10] Available from: هنا