تاريخ الفيلة كما لم تشاهده من قبل !
التاريخ وعلم الآثار >>>> التاريخ
كان الإنسان على صلة بالنباتات والحيوانات، فكان أول ما كتبه ورسمه هو صور و أشكال الحيوانات والنباتات ، فتجسدت له أفكار ثقافية وعلمية ، وتطورت بعد ذلك لتشمل الطابع الديني ، لنجد لدينا حيوانات ونباتات ذات قداسة . مروراً بالتاريخ نرى للحيوانات معاملة خاصة في الحروب والدين والاستشفاء كما كان لها نصيب في التفاخر و المديح، ولكن ماذا لو قلنا لكم أن وجود كائنات حية بذاتها يحمل في طياته أدوارا تختلف تباعا من حضارة لأخرى ؟! إذ لا يوجد نمط من الاستخدامات موحدا بين الحضارات، وما سنتناوله اليوم في مقالنا سيثبت ذلك .
يعد الفيل سايكولوجيا أكثر الحيوانات شبيهاً بالإنسان فالفيل يعيش ضمن عائلة "أب وأم وأخوة "ولا يمكنه أن يعيش دون ذلك، وهو حيوان مرهف الإحساس و المشاعر ،بالرغم من ضخامة حجمه التي يتمتع بها فهو يملك مشاعر رقيقة وحباً جارفاً للأسرة ، كما يحترم الأفراد الكبار بالسن في القطيع ، وعلى مر الأزمان نافس الفيل الحصان والقط في التقرب إلى الإنسان والإنسجام معه، كما استغل الإنسان بكافة الوسائل ضخامة حجم الفيل وقوته، ليكون بذلك الفيل أميز الحيوانات التي ميزت الحضارات في العالم القديم.
- الفيل في العصر القديم :
قدّم الرومان والإغريق تصورهم الخاص حول الفيل، فكلنا يعلم شغف الرومان في المصارعات بين المجالدين في مدرجات العرض، وللحديث هنا شكل مختلف ففي هذه الفسيفساء المصنوعة في أواخر القرن الرابع أو الخامس نجد فيها تجسيدا لهذا المفهوم، فيتضح هنا صراع استعراضي بين نمر وفيل جرى في إحدى الساحات الترفيهية.
- الفيلة والحرب
"جسم صلب، حجم ضخم ، قوة لا حدود لها، وخرطوم يمكن أن يكون سلاحا حاسما" إنه الفيل الحربي، أول دبابة عبر التاريخ، أول من أخرج هذه الفكرة للبشرية كان هانيبال القرطاجي، وظل الفيل المدرع الأهم في العلوم العسكرية حتى في العصور الوسيطة إذ يسجل التاريخ أن الإمبراطورية الساسانية استخدمت الأفيال الكبيرة في حروبها كما تظهر هذه المخطوطة الأرمينية.وفي عصور أكثر تقدما فقد حسم 32 فيل معركة تيمورلنك ضد العثمانيين سنة 1402 م.
- هدية الملك :
تلقى شارلمان الزعيم الأوروبي الشهير إمبراطور فرنسا الكارولنجية هدية غير متوقعة من خليفة المسلمين هارون الرشيد، فكانت فيل كبير الحجم واسمه أبو العباس. تذكر المصادر أنه هذه الواقعة حدثت في عام 802 م، واستمر هذا الفيل في رعاية شارلمان وحفظه حتى عام 810 م.
- الأفيال وملوك العصر الوسيط :
نزيدك من الشعر بيتا في قصة عرفت أنها أغرب قصة قد تروى عن الأفيال في العصور الوسيطة :
في عام 1053 استقدم الإمبراطور البيزنطي قسطنطين التاسع زرافة وفيل من مصر، وقرر أن يعرضهما للعلن فجلبهما إلى مضمار سباق خيل وما إن اقترب الإمبراطور من الفيل حتى فاجأ الفيل جميع الموجودين بالركوع على ركبتيه للملك!
- إنجلترا والفيلة في القرن الثالث عشر :
في مطلع عام 1255 م كتب ماثيو باريس: "أرسل ملك فرنسا هدية إلى الملك هنري الثامن ملك إنجلترا، ونحن نعتقد أن هذا الفيل هو الفيل الوحيد الذي وصل إلى إنجلترا، وربما هو الوحيد في البلاد الواقعة في هذا الجزء من جبال الألب، توافد الناس بأعداد هائلة لرؤية المشهد"
وكان الملك هنري الثامن قد أودع الفيل في برج لندن حيث وضع مجموعة الحيوانات خاصته من الحيوانات، لكنه توفي عام 1257 م بعد شربه الكثير من الخمر .-و هذه صورة لـ ماثيو باريس وهو يؤدي عمله .
- الفيلة في الكتب العلمية في العصور الوسيطة :
تسمى كتب الموسوعات التي تتضمن معلومات عن الحياة الطبيعية بالـ Bestiaries فكانت هذه الكتب معنية بعلوم الحيوانات وصفاتها، وكان دائما ما يتم إفراد باب كامل للحديث عن الأفيال، ولكنها كانت في أغلبها بعيدة عن الدقة، ففي القرن الثالث عشر وجدت هذه المخطوطة وقد كتب فيها: "تتمتع الفيلة بالذكاء الحاد والذاكرة الحية، فهي تتحرك ضمن قطعان وتخاف من الفئران، ويستمر الحمل عند الفيلة لمدة عامين، كما أنها لا تلد أكثر من مرة، وتعيش لثلاثة ألاف سنة"!
- الفيلة والقصور :
قد تكون هذه من المعلومات التي قد تشدك أكثر للتعرف على مدى أهمية الفيل في العصر الوسيط، ألا وهي القصور المبنية على ظهر الفيل، ففي إحدى الروايات التي تتحدث عن غزو الإسكندر الأكبر لأسيا، تذكر إحداها أنهم كان يبنون قلعة من خشب على ظهر الفيل واستخدامها في القتال كما هو مبين في الصورة.
- الفيلة والطب :
رسمت هذه الصورة بين عامي 1297 و 1300 م في مخطوطة فارسية بعنوان "فوائد الحيوان" – إحدى أشهر الكتب في تاريخ البشرية التي تتحدث عن الحيوانات – وتظهر المخطوطة أن "مرق الفيل" أي حساء الفيل مفيد في نزلات الربو والبرد، كما أن روث القيل (تؤخذ مع أو بدون عسل) يفيد في منع الحمل، وعلبة واحدة من برادة عاج الفيل من الممكن أن تكون في غاية الفائدة في إحداث الحمل.
- الإعدام بالفيل !!
استخدام الفيل لم يقتصر على كل هذا، بل له استخدامات "قضائية" في تنفيذ أحكام الإعدام بحق المتهمين، إليك ما قد يثير دهشتك، هذا المشهد العائد للقرن السادس عشر الميلادي يصور السلطان سليمان القانوني أثناء قضائه على أحد المتمردين من صربيا، حيث أمر بسحقه تحت فيل كي ينال عقوبة مجزية بحق خيانته للسلطان، وكانت تلك الممارسة منتشرة في كثير من البلاد الشرقية في العصور الوسيطة.
المصادر:
هنا