كتاب آخر الشهود
كتاب >>>> معلومة سريعة
تجلب لنا (سفيتلانا) حكايات الحروب وتعود بنا إلى تواريخ أليمة. تُخرِج الشاهدين عن صمتهم ليبوحوا بما رأوه من مشاهد حُفِرت في ذواكرهم، وأي مشاهد تلك؟ أليكسييفيتش سفيتلانا. آخر الشهود. ترجمة عن الروسية: حبه عبد الله. دمشق، سورية: دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع؛ 2013.
كتاب (آخر الشهود) من الكتب التي وثقت حكايات شهود الحرب العالمية الثانية من الأطفال، كتبته الصحفية البيلاروسية (سفيتلانا أليكسييفيتش) وهي كاتبة وصحفية من بلاروس.
صدرت لها أعمال توثيقية عديدة أغلبها عن الحروب السوفيتية.
أنشأت سفيتلانا أليكسييفيتش نوعاً جديداً مـن الأدب قائمـاً على الأصـوات المتعددة لشهود مرحلـة وقد حازت عشرات الجوائز الدولية نالتهـا عـن مجمـل أعمالهـا المتعددة الأصـوات التـي تمثـل معـلـماً للمعاناة والشجاعة في زماننـا. فقد كتـبت كثيراً عـن بـطـولات الحرب ومآثـرها، وعـن مـدى الحاجـة
إليها بوصفها وسيلة لتحقيق أهـدافٍ قد تُعد نبيلة.
في كتابها آخر الشهود يقص علينا الأطفال الناجون ما بقي من ومضات في ذواكرهم عن اللحظات الأولى لتلقيهم خبر اندلاع الحرب، وعن المشاهد الأولى التي ملأت قلوبهم خوفاً وذعراً وكل المشاعر الحزينة التي رافقتهم حين عرفوا ماذا يعني الفقدان والوحدة والرحيل.
"آنذاك اختفت الألوان كافة.. كل الألوان، وظهرت للمرَّة الأولى كلمة الحرب، وصار جميعهم يردّدون هذه الكلمة غير المفهومة."(1)
كل طفل يحمل في مخيلته الصور الأليمة التي شهدها في الوقت الذي كان يجب أن يعيش في كنف أسرته بسلام، اغتالت الحرب سنيناً من طفولتهم لتصبح ندبةً في قلوبهم، فكثيرٌ منهم لا يعرف ماذا تعني العائلة فقد وجدوا أنفسهم مع مجموعة من الأشخاص الغرباء في مكانٍ واحد لوقت طويل، وكثيرٌ منهم كان ينتظر أمه وأبيه ليعودا، ومنهم من ظل يعاني من الخوف طوال حياته.
"أنا الآن في الحادية والخمسين من العمر، ولديّ أبناء، ومع هذا أريد أمي" (1).
في هذا الكتاب يمكنك رؤية الحرب من نظرة الأطفال الذين لم يكونوا قد عرفوا معنى الحرب بوضوح وقتها، ولكن الصورة اتضحت أكثر عندهم بعد أن اجتاحت الحرب جوانب حياتهم وكانوا شهوداً على الفظائع التي تخلّفها. لقد رؤوا ما لا يمكن نسيانه وأصيبوا باكراً بعديدٍ من الأمراض وعبَّر أحدهم عن ذلك بقوله:
"وأقول لك إن من كانوا أطفالاً في زمن الحرب غالباً ما يموتون قبل آبائهم الذين قاتلوا في الجبهة. قبل الجنود القدامى.
قبلهم... وما أكثر الأصدقاء الذين ودعتهم إلى القبر.." (1).
ومع ذلك لم يكن بمقدورهم الصمت؛ لذلك شاركوا العالم المعاناة التي طبعت صوراً لظلام الحرب وبشاعتها في قلوبهم وأرواحهم وذاكرتهم.
" أحسسنا أننا آخر من يقف عند ذلك الحد عند ذلك الطرف. نحن آخر الشهود. إن زماننا يُختتم. ويجب علينا أن نتكلم. وكلماتنا ستكون آخر الكلمات" (1).
المصادر:
إعداد: Ranim Tabbaa