هل للإباحية آثارٌ إيجابية؟
التوعية الجنسية >>>> الصحة الجنسية والإنجابية
بمجرد أن تُذكر الإباحية في سياقٍ ما، فإن النظرة العامة تسودها الجوانب السلبية والأضرار المترتبة. لكن مع ذلك؛ تواصل الأفلام والصور والقصص الإباحية انتشارها، وتزداد يومًا بعد يوم، فهل يعقل أن يكون للإباحية آثار أخرى؟ وهل ثمة أبحاث في هذا السياق؟
علينا في البداية أن نسأل، ما المواد الإباحية؟ ولماذا تلقى المواد الإباحية رواجًا؟
تُعرّف الإباحية أنها تصوير الموضوع الجنسي؛ لغرض الإثارة الجنسية باستخدام وسائل مختلفة، تشمل الكتب والمجلات والرسومات ومقاطع الفيديو وألعاب الفيديو (1).
وقد وجدت دراسات سابقة استقصت دوافع استخدام المواد الإباحية، أنّ الأسباب التي تدفع الناس لاستخدام المواد الإباحية متنوعة، فمنهم من يعدّها نشاطًا مسليًا بحد ذاته، أو تجربة شبقة، أو بسبب الملل. وهناك من يستخدم المواد الإباحية لاستكشاف الهوية الجنسية، إضافة إلى زيادة الرضى الجنسي والجوانب التعليمية (2).
لكن التعرض للمواد الإباحية مؤذٍ، أليس هذا صحيحًا؟
ركز قدر كبير من البحث العلمي في السابق على الجوانب السلبية للإباحية. بحيث يمكن القول: إن النظرة المسيطرة هي تلك السلبية. ولم يجرى تجارب أخرى -أكثر شمولية- تُظهر الجانب الآخر إلّا منذ وقتٍ قصير (2).
وللإباحية آثار مؤذية موثقة جيدًا؛ إذ يمكن أن تؤثر سلبًا في الوظيفة الجنسية وكذلك على الحياة النفسية (3). لكن موضوع المواد الإباحية معقد ولا يمكن النظر إليه إلا من خلال السياق (2).
للسياق دور محوري في نظرتنا للإباحية، فحين يشاهد طفل عمره تسع سنوات موادًا إباحية عن طريق الصدفة، ستتولد آثار مختلفة تمامًا عن شاب بالغ يشاهد المواد الإباحية بغرض الاستكشاف والمتعة. فهل توجد سياقات لآثارٍ أخرى للأفلام الإباحية؟ وهل ثمة أبحاث استقصت ذلك؟
ثمة أبحاث متزايدة تسعى لكشف الجوانب التي قد تكون إيجابية للإباحية. ففي دراسة تمعنت في مقابلات أجريت مع 35 شابًا من ذوي الميول الجنسية غير الحصرية في الولايات المتحدة وجدت نتائج مهمة. أولًا، تبين أن جميع المشاركين استخدموا المواد الإباحية في خلال مراهقتهم وجميعهم يؤطرون تجاربهم هذه بإطار طبيعي غير مسبب للمشكلات في حياتهم.
فبالنسبة للمشاركين، إن استخدام المواد الإباحية شكل من أشكال المتعة لاستكشاف الرغبات الجنسية والهويات الجنسية الناشئة ويساعد على تطوير المهارات الجنسية.
وبشكل لافت، توجد بعض الأدلة التي تشير إلى أن استخدام المواد الإباحية لدى المراهقين قد يؤخر من ممارسة الجنس. إذ أبدت أقلية من المشاركين في الدراسة أنهم كانوا يشاهدون المواد الإباحية باعتبارها بديلًا عن ممارسة الجنس، فيما اعتبر آخرون أن مشاهدة المواد الإباحية شكلت مساحة آمنة لاستكشاف جنسانيتهم (2).
نظرنا حتى الآن في بعض تأثيرات المواد الإباحية على أفراد، وقد يتبادر إلى الذهن أن تأثير الإباحية على الأزواج لابد أن يكون مدمرًا، ولكن لنتمهل قليلًا..
أجريت دراسة شملت 430 مشاركًا من النساء والرجال المنخرطين في علاقات مغايرة استخدم فيها أحد الطرفين على الأقل المواد الإباحية، بهدف اكتشاف آثار استخدام المواد الإباحية على العلاقة بين الشريكين. وأجاب المشاركون عن أسئلة ذات نهايات مفتوحة تتعلق بنتائج مشاهدة المواد الإباحية من وجهة نظرهم. كان الجواب الأكثر تكرارًا عند السؤال عن الآثار السلبية «لا أثر سلبي». أما الأجوبة الأخرى فقد شملت تحسين التواصل بين الشريكين والانخراط في مزيد من التجارب الجنسية وازدياد الراحة الجنسية. بالإضافة طبعًا إلى إجابات أقل تكرارًا حملت نواح سلبية، مثل: التوقعات غير الواقعية وانخفاض الرغبة بالشريك وازدياد الشعور بعدم الأمان (4).
من الممكن القول إننا بحاجة إلى توسيع نطاق رؤيتنا عند دراسة الإباحية، إذ تظل جانبًا معقدًا من التجربة الإنسانية بكل ما تحتويه وتمثله.
المصادر:
2. McCormack M, Wignall L. Enjoyment, Exploration and Education: Understanding the Consumption of Pornography among Young Men with Non-Exclusive Sexual Orientations. Sociology 2016;51(5):975–91. Available from: هنا
.3. Park B, Wilson G, Berger J, Christman M, Reina B, bishop F, et al. Is Internet Pornography Causing Sexual Dysfunctions? A Review with Clinical Reports. Behavioral Sciences. 2016;6(3):17. Available from: هنا
4. Kohut T, Fisher WA, Campbell L. Perceived Effects of Pornography on the Couple Relationship: Initial Findings of Open-Ended, Participant-Informed, “Bottom-Up” Research. Archives of Sexual Behavior 2016;46:585–602. Available from: هنا