لماذا ننجذب إلى أشخاص محددين دون غيرهم؟
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
لماذا جاذبية الوجه تتفوق على جاذبية الجسد؟
الوجه هو أكثر جزء من الجسد نستخلص منه معلومات عن الشخص الآخر مثل الجنس والهوية والعمر والعرق والنيات والمشاعر والجاذبية. عند النظر إلى وجه شخص آخر نأخذ انطباعًا ثابتًا عن جاذبية هذا الوجه، مع ذلك نجد صعوبة في تفسير ما هو الذي يجعل هذا الوجه جذاب. المتغيرات التي تحدد جاذبية الوجه وعلاقتها ببعضها لا تزال غير مفهومة (1).
أصل مفهوم جاذبية الوجه:
تعتمد الجاذبية على مناطق محددة من الوجه، يفضلها الشخص الآخر وتُعد من عوامل الجذب، مما يسلط الضوء على أهمية الرأي الشخصي في تحديد الجاذبية، مختلف الأشخاص لديهم نزعات مختلفة ويفضلون أشكال مختلفة للوجه، والطريقة التي نرى بها الوجه تكون شمولية، إن العوامل المختلفة في الوجه الذي ننظر إليه تتشابك مع بعضها البعض بتعقيد والتي من خلالها نشكل فكرة ورأي عن جاذبية هذا الوجه، وجنس الفرد يؤدي دورًا في تحديد جاذبية شخص آخر، والاختلاف بين الذكور والإناث كان بتفضيلات طول وعرض الأنف وارتفاع العيون وعرض الوجه والذقن وارتفاع عظم الخد (1).
Image: https://www.braunps.net/en/03_nose/nose01.php
Image: https://www.braunps.net/en/03_nose/nose01.php
نظرية الانتقاء والانحياز الشخصي في الجمال والجاذبية:
تنص نظرية الانتقاء أن جمال الشخص هو شهادة أو دليل على الحالة الجينية الجيدة، واعتمادًا عليها فإن جاذبية الوجه تكون على مقياس من متوسط وذلك بناءً على القواعد الفطرية للبشر، ولا تُأخذ التفضيلات الشخصية بعين النظر؛ فالجمال الذي نراه في الوجه يُفصح عن السمات الوجهية التي تُعد إشارةً على جيناتٍ جيدة، مثل تناظر الوجه وسوية معالمه والسمات الجنسية الثانوية، لكن بعد عقودٍ من الدراسات عن الظاهرة، اكتشف الدور المحدود للسمات الوجهية السابقة وأن جمال الوجه يُعد أكثر تعقيدًا من التفسير السابق. لوحظ تأثير سمات الشخصية على جاذبية الوجه وأُكد الارتباط بين شخصية الشخص و جاذبيته، وأظهرت الدراسة الاختلاف الشخصي بين الأفراد في الحكم على الجاذبية بناءً على سمات الشخصية التي يفضلونها (1).
ما دور الرائحة والصوت في جاذبية الشخص ؟
في دراسات جاذبية الجسد السابقة، هناك تركيز طاغي على الإشارات البصرية التي تجذب العين لملامح الجسد وصفاته، الإشارات البصرية جيدة للحكم على جاذبية شخص ما، لكن جاذبية الشخص لها علاقة بصوته ورائحته أيضًا، إذ إن حواس البصر والسمع والشم تُحلل الموجودات الحسية الموجودة في البيئة الخارجية، وترفع من جودة حكمنا على المواقف الاجتماعية، على عكس التذوق واللمس فإن الحواس السابقة تساعدنا على تشكيل الانطباع الأول عن شخص آخر عن بعد وحتى دون وعيهم، عن طريق مظهرهم الخارجي و صوتهم ورائحتهم (2).
ما يمكن معرفته عن الآخرين بسماع صوتهم وشم رائحتهم؟
رُبطت جاذبية الوجه والصوت والرائحة مع سمات تدل على مستويات الهرمونات الجنسية والصحة، إن كمية المعلومات التي نستخلصها من خلال شم الرائحة وسماع الصوت مذهلة، إذ تُستخدم الإشارات الشمية الموجودة في رائحة الجسد لتحديد الجنس، وهيمنة الشخصية والخصوبة والحمية الغذائية والتوافق الجيني والحالة الصحية والعمر، والبشر لديهم مقدرة التعرف على الأقرباء من خلال الرائحة، وهي ميزة مهمة لتجنب زواج الأقارب، وتُعدالإشارات الصوتية مهمة أيضًا في تحديد الجنس وهيمنة الشخصية والحالة العاطفية وروح التعاون والقوة الجسدية وحجم الجسم والخصوبة (2).
نظرية اللياقة البدنية:
يُعبرعن جودة الجينات من خلال اجتماع عدة سمات ظاهرية، كل واحدة منها تدل على الصحة والخصوبة، تنص النظرية على أن السمات تُلاحظ عن بعد عن طريق حواس البصر والسمع والشم، وهي مهمة لجذب الشركاء واصطفاء المفترسين والمنافسين المخيفين، اعتبارات مؤشرات اللياقة أوسع من السمات الجسدية فقط، إذ إن الذكاء وحس الدعابة من مؤشرات اللياقة العقلية ايضًا (2).
اعتبارات التشابه والاختلاف الجيني في اختيار الشريك:
الحالة المثالية هي الدرجة المتوسطة من الاختلاف الجيني بين الأزواج، إذ نحكم على الوجه المشابه لنا أنه أكثر جاذبية، في ذات الوقت نفضل أشخاص روائحهم مختلفة عن روائحنا، نستخدم الوجه والرائحة لتصفية شركاء يقعون جينيًّا خارج الاختلاف المتوسط وهم على أطراف المقياس، ونرفض الأشخاص إما بسبب التشابه الكبير أو لاختلافهم المفرط عن أنفسنا (2).
الفرق بين الرجال والنساء:
أظهرت الدراسة أن الرجال والنساء يفضلون الوجه الجذاب على الجسم الجذاب وأن الرجال يفضلون جاذبية الجسد على الوجه في حالة العلاقات العاطفية قصيرة العمر، لكن جاذبية الوجه تكون العامل الحاسم عند اختيارهم شريك لعلاقة عاطفية طويلة العمر، ولم يُعثر على فرقٍ شاسع في الاختيار عند النساء، الرجال يأخذون المؤشرات البصرية بعين الاعتبار أكثر من النساء بينما النساء يعتمدن على المؤشرات الشمية على نحو أكبر (2).
هل يوجد علاقة بين النوم والجاذبية؟
يؤثر النوم الذي نحظى به كل ليلة على جانبنا النفسي وقدراتنا العقلية وسلوكنا خلال النهار. عند الحرمان من النوم تبدو على الوجه علامات الإرهاق والتعب مما يؤثر في رؤية الآخرين لجاذبية الوجه ويعدونه أقل جاذبية، وهو دليل علمي على أسطورة "الجميلة النائمة“، يصبح الوجه أقل جاذبية وصحة عند الحرمان من النوم، ومن مؤشرات النعاس تطاول زمن وفترات الرمش وعلامات الفتور، وتؤدي الجاذبية دورًا كبيرًا في السلوك الجنسي والتعاون وذوي الجاذبية يتلقون معاملة خاصة من الآخرين، فالنوم القليل والمظهر المتعب له عواقب اجتماعية معقدة وسلبية، وهذا الانحياز نراه حتى في الممارسة الطبية، فالمرضى المحرومون من النوم يُعدون أقل صحةً من المرضى الذين حصلوا على قسطٍ جيد من النوم (3).
في النهاية:
نتوسع في دراسة الجاذبية في علم النفس والبيولوجيا لأنها تؤدي دورًا كبيرًا في اختيارنا لشركاء حياتنا، إذ إن المعايير التي تُحدد صلاحية الشخص حتى يصبح شريك مثل الصحة والقدرة الإنجابية والبلوغ الجنسي الذي لا يُلاحظ مباشرةً، لكن الدراسات اقترحت أن الجاذبية تؤدي دورًا في معرفة توفر المعايير السابقة عند شخص ما، وبعضهم يعتقد أن نظرية الانتقاء الجنسي قولبت الآليات النفسية التي تستخلص وتعالج المعلومات المتعلقة بتقييم الصحة الجيدة والقدرة الانجابية، والجاذبية التي تؤدي دورًا كبيرً في حياتنا الاجتماعية خارج عالم التزاوج مثل تكوين الصداقات، الحياة الاجتماعية في سنواتنا الدراسية، ومقابلات العمل وهناك نظريات عن اعتبار الجاذبية عاملًا خطرًا لتطور الاضطرابات النفسية (2).
المصادر: