هل تستطيع أدوية الوقاية قبل التعرّض حمايتنا من فيروس الإيدز؟

فيروس العوز المناعي البشري (HIV) من أكبر المشكلات الصحية التي تواجهها البشرية في العصر الحالي ومن أكبر المخاوف لدى الأشخاص الناشطين جنسياً. طورت العديد من الطرائق للوقاية من الإصابة به وأحدثها أدوية الوقاية قبل التعرض (Pre-exposure prophylaxis - PrEP).

ما هي أدوية الوقاية قبل التعرض (PrEP)؟ 
هي أدوية تُعطى للأشخاص المعرضين للإصابة بفيروس HIV من خلال ممارسة الجنس غير الآمن أو من خلال استخدام الحقن والأدوات الحادة الملوثة. هذه الأدوية تمنع الفيروس من إحداث الإصابة والانتشار في الجسم.

يوجد حاليًا دواءان فمويان يؤخذان يوميًا بهدف الوقاية من الفيروس وقد صرحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA باستخدامهما لهذه الغاية، وهما:
1- تروفادا (Truvada): يمكن استخدامه لدى كل الأشخاص للوقاية من انتقال فيروس HIV عن طريق الجنس أو الوخز بالمحاقن الملوثة.
2- ديسكوفي (Descovy): يُستخدم للوقاية لدى الذكور، فهو لا يقي من انتقال الفيروس عبر الجنس المهبلي لدى الإناث، ومكون كيميائيًا.
يوجد أيضًا دواء على هيئة حقن مديدة التأثير يدعى أبرتيود (Apretude) حصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية للوقاية من التعرض من خلال الجنس. يُعطى مرة كل شهرين (1).

لمن تُعطى أدوية الوقاية قبل التعرض؟ 
تعطى هذه الأدوية للشخص الذي لا يحمل فيروس HIV فقط، وينطبق عليه أحد البنود الآتية:
1- مارس الجنس الشرجي أو المهبلي خلال الأشهر الستة الماضية و:
 - شريكه الجنسي مصاب بفيروس HIV.
 - لم يستخدم الواقي الذكري باستمرار.
 - شُخصت إصابته بمرض آخر ينتقل بالجنس في الأشهر الستة الماضية.
2- يتعاطى مواد بالحقن أو مُعرض لخطر العدوى بالفيروس عبر الأدوات الحادة و:
 - تشارك المحاقن مع مصاب بفيروس HIV.
 - يتشارك محاقن أو أدوات حقن وأدوات حادة أخرى مع الآخرين (مثل الطباخين).
3- وُصفت له أدوية الوقاية بعد التعرض (post-exposure prophylaxis) و:
 - يستمر بالسلوك الذي يُعرضه لخطر العدوى.
 - استخدم كورسات علاجية متعددة من أدوية الوقاية بعد التعرض.
يمكن أن يختار الشخص أخذ أدوية PrEP حتى لو لم تنطبق عليه البنود أعلاه ويجب طلب المشورة من متخصص (2).

ماذا عن فعالية أدوية الوقاية قبل التعرض؟ 
هذه الأدوية فعالة كثيرًا في الوقاية من الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري. وبالأرقام، تبين أن هذه الأدوية تقلل خطر الإصابة بفيروس HIV من خلال الجنس بنسبة 99% عندما تؤخذ بالطريقة الصحيحة (3).
على الرغم من قلة المعلومات حول فعاليتها في الوقاية من انتقال فيروس HIV عن طريق الحقن، فإن المعلومات الحالية أظهرت فعالية في تقليل خطر الإصابة بهذه الطريقة بنسبة 74% على الأقل عندما يؤخذ الدواء بالطريقة الصحيحة. حالياً لا يوصى باستخدام الشكل المُعد للحقن من هذه الأدوية للوقاية من انتقال الفيروس عن طريق الحقن (3). 
وبالتأكيد، فإن عدم التزام الفرد بأخذ الدواء بالطريقة الصحيحة يُنقص فعالية الدواء وبالتالي ينخفض مستوى الحماية المتوقع.
لا تقي هذه الأدوية من الأمراض الأخرى المنتقلة بالجنس ولا تمنع حدوث الحمل (3).

كم تحتاج هذه الأدوية من الوقت كي تصبح فعالة؟
الوقت اللازم لتبدأ فعالية أدوية الوقاية قبل التعرض يختلف من حالة إلى أخرى:
1- بالنسبة للمتلقي في الجنس الشرجي، تبلغ الوقاية ذروتها بعد سبعة أيام من أخذ الدواء الفموي يوميًا.
2- بالنسبة للمتلقي في الجنس المهبلي أو المعرضين للفيروس عبر المحاقن والأدوات الحادة، تبلغ الوقاية ذروتها بعد 21 يوم من أخذ الدواء الفموي يوميًا.
3- لا معلومات بهذا الخصوص بالنسبة للطرف الآخر عند ممارسة الجنس الشرجي أو المهبلي.
4- لا معلومات أيضاً بهذا الخصوص بالنسبة للشكل المُعد للحقن من هذه الأدوية (3).

هل توجد فوائد أخرى لأدوية الوقاية قبل التعرض؟ 
الفائدة الأساسية من استخدام أدوية الوقاية قبل التعرض هي فائدة بيولوجية للوقاية من فيروس HIV، إلا أن مستخدمي هذه الأدوية يختبرون مجموعة من الآثار الاجتماعية والعاطفية التي تبدأ مباشرةً خلال فترة أخذ هذه الأدوية وتعتبر من المحركات المهمة لسلوكهم.  ترافق استخدام أدوية PrEP بالإحساس بالأمان خلال الجنس لأنه يلغي التفكير الزائد والخوف من الإصابة بالفيروس ومن تصرفات الشريك الجنسي غير المتوقعة (4).
يخلق العلاج الوقائي قبل التعرض نوع من القوة النفسية المتمثلة بإحساس الفرد بأنه قادر على التحكم بما يحدث من حوله وحماية نفسه بالطريقة التي يراها مناسبة. فهو يقلل من إحساس الفرد أنه ضعيف ومعرض لفيروس HIV، ويحقق راحة للرجال والنساء الذين لولاه كانوا سيشعرون بالقلق في حال لم يستخدم الشريك واقيًا ذكريًا أو لم يلتزم بعلاج الفيروس، أو أنه ربما يخفي إصابته بفيروس  HIV (4).
تعطي أدوية الوقاية قبل التعرض حرية للفرد وتسمح له بالاستمتاع بالجنس إضافةً إلى الحفاظ على العلاقات طويلة الأمد التي أصيب أحد طرفيها بفيروس HIV، دون قلق أو شعور بالذنب أو العار (4).

ما هي الآثار الجانبية لأدوية الوقاية قبل التعرض؟ 
هذه الأدوية آمنة، ولكن سيعاني بعض الأفراد آثاراً جانبية مثل الإسهال والغثيان والصداع والوهن وآلام المعدة. تزول هذه الأعراض عادةً مع الوقت، ولكن يجب إخبار الطبيب في حال كانت شديدة أو استمرت (5).
ارتبط التناول الفموي لمادة تينوفوفير ديزوبروكسيل، وهي مادة موجودة في دواء تروفادا، باضطراب خفيف بمعدل الرشح الكبي (أي بوظيفة الكليتين) وكثافة العظم، ولكن هاتين المشكلتين طفيفتان وتزولان عند إيقاف الدواء (5).
لم تظهر مشكلات صحية لدى النساء في سن الإنجاب الذين استخدمنه خلال الحمل والإرضاع ولا لدى أطفالهن، بل على العكس، قد تحمي هذه المعالجة الأم والطفل من الإصابة بالفيروس (2).

معوقات المعالجة بأدوية الوقاية قبل التعرض والحلول المستقبلية:
السبب الأساسي لفشل المعالجة بالأدوية الفموية هو عدم الالتزام بأخذ الدواء يوميًا  ولذلك - إضافةً إلى التصريح باستخدام الشكل مديد التأثير  المعد للحقن العضلي من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية - يجري العمل حالياً على تركيبات أخرى مديدة التأثير مضادة للفيروسات القهقرية على شكل حقن تحت الجلد وحقن وريدية وزرعات ولصاقات  وأدوية فموية مديدة التأثير، على رأس هذه الأدوية إزلاترافير (Islatravir) الذي دُرس كونه دواء فموي يعطى مرة في الشهر، إضافةً إلى زرعات غير ممتصة تحت الجلد تُستبدل كل 12 شهر. ولكن الدراسات السريرية حولهما توقفت في نهاية عام 2021 بسبب حدوث نقص لمفاويات غير متوقع لدى الخاضعين للدراسة (6).
ما زالت الدراسات والجهود مستمرة لتخطي المعوقات الأخرى التي تواجهها أشكال المعالجة بأدوية الوقاية قبل التعرض (PrEP) المختلفة المتمثلة بقلة رعاية الأنظمة الصحية لها والتكلفة العالية وطرائق الاستخدام المعقدة، والسمية التي لا يمكن التنبؤ بها على المدى البعيد (6).  

المصادر: