ماذا لو طَرقنا قبور الموتى، ومنحناهم فرصةً أخرى للعودة إلى الحياة، شرط أن يعيشوا من أجل الحبّ فقط، هل يمكنهم ذلك؟! هذا ما يناقشه سارتر في هذا السيناريو الممتع البسيط والمحمّل بأسئلة فلسفية عميقة.

تموت "إيف شارليه" و"بيير دومين" في اللحظة ذاتها، كلٌّ في مكان وبسببين مختلفين، فالأولى تموت على فراشها ضحية المرض، والآخر برصاصة خائن وذلك قبل يومٍ فقط من إعلانه الثورة على النظام الحاكم. في العالم الآخر حيث "الموتى أحرار" يذهبون أنّى يشاؤون، ويراقبون الأحياء.  يكتشف "بيير" أنّ الحاكم كان على علمٍ بخطته بل ويُحضّر لكمين له ولرفاقه للقضاء عليهم، وتكتشف "إيف" أنّ زوجها سممها للتخلص منها، والزواج من أختها الصغرى "لوسيت" طمعًا ببائنتها، وعلى الرغم من خيبتهما من أن حياتهما وموتهما كان فشلًا، إلّا أنّهما يتجاوزان ذلك، ويقعان في حب بعضهما البعض في اليوم الأول لوصولهما، متمنيان لو كانا قد التقيا في الحياة قبل الموت. 

"أنا مستعدة أن أتنازل عن عمري كله لكي أرتدّ إلى الحياة لحظة وأن أرقص معك" 

يُستدعيان ويُبلّغان أنّه وحسب قوانين هذا العالم ولكونهما لم يلتقيا في الأرض ووقعا في الحب هنا، فإنهما يُمنحان فرصة العودة إلى الحياة وعيش حياتهما معًا إلى الأبد وذلك شرط أن يُحبّا بعضهما مدة أربع وعشرين ساعة دون أن يتسلّل الشكّ إلى قلبيهما. يجري تعديل أسباب موتهما، فيقع "بيير" من على الدراجة دون أن تصيبه الرصاصة، وتستيقظ "إيف" ببساطة بعد ظنها أنها ميتة، ليعودان للحياة ويبدأ الاختبار الحقيقي للشرط، الشرط الذي يبدو بسيطًا مقارنةً بحجم الفرصة التي مُنحت لهما، فهل هو كذلك حقًا؟!

تنتمي "إيف" إلى طبقة نبيلة وغنية وتسكن شقةً فخمةً، وزوجها سكرتير الجيش، في حين أنه ينتمي "بيير" إلى طبقة الفلاحين ويسكن بيتًا متواضعًا، مؤسِّس حزب معارض ويحضّر للانقلاب. هل يمكن للحُب أن يتجاوز الفروق الطبقية والمجتمعية والثقافية؟

تُسارِع "إيف" لإنقاذ شقيقتها، ويُسارِع "بيير" لإنقاذ رفاقه وإيقاف الثورة. تكذّب "لوسيت" أختها ولا تجد الثانية وسيلةً لإقناعها، ويواجه "بيير" اتهامًا بالخيانة من رفاقه بعد إعلانه وقف التمرّد دون تقديم مبرّر كافٍ لقراره المُفاجئ. 

فهل يستطيعان النجاح، والمحافظة على حبّهما؟ وإذا ما فشِلت مساعي الإنقاذ، هل يمكنهما التخلي عن كل شيء والمحافظة على الحبّ والتنعّم بالحياة معًا؟

يضعنا سارتر أمام سؤال وجوديّ مهم: هل يمكن العيش من أجل الحُبّ فقط؟ هل يصمد أمام الفروقات الطبقيّة والرغبات الأنانية والمبادئ المثقلين بها؟ 

وهل يمكن ل "إيف" و"بيير" أن يُحبّا بعضهما لأربعٍ وعشرين ساعةً فقط دون أن يتسلَّل الشكُّ لقلبيهما؟ 

معلومات الكتاب:
تمّت اللعبة (سيناريو فيلم)
الكاتب: جان بول سارتر
ترجمة: مُجاهد عبد المنعم
عدد الصفحات: 202
دار النشر: هلا للنشر والتوزيع -الطبعة الأولى 2011