مراجعة كتاب (رومانسية العلم): كيف يمكن أن يكونَ العلمُ رومانسي؟
كتاب >>>> الكتب العلمية
وبينما تسأل نفسها هذه الأسئلة، وقف أمامها رجل يدعى «كارل ساغان» مبتسماً، وبدلَ أن يجيبَ على أسئلتها، طرح أسئلة كثيرة هو نفسه لم يملك أجوبةً لها، ولكن بعد ذلك قال لها الحل ومفتاح الأجوبة هو «العلم».
"العلم هو طريقة للتفكير أكثر مِمَّا هو مجموعة من المعارف. وهدفه هو الوصول إلى معرفة كيف يعمل العالم واستكشاف ما قد يكون به من تناسق وانتظام، وأن يتعمق حتى يصل إلى ما يصل الأشياء بعضها ببعض"- بدأً من الجسيمات تحت الذرية التي قد تكون هي المقومات الأساسية لكل المواد، إلى الكائنات الحية ثم المجتمعات البشرية وانتهاءً بالكون بصفة عامة. وحدسنا ليس معصوماً عن الخطأ، وإدراكاتنا الحسية قد تكون تشوهت بفعل نشأتنا وتعصباتنا أو بسببٍ أبسط، أي محدودية أعضائنا الحسية التي، بداهةً، لا تدرك إلا جزءاً ضئيلاً من ظواهر العالم."
ومن هنا بدأ ساغان بحكايته التي استهلَّها بمديح العلم وفضله الكبير في السماح لنا باختراع آلات وأدواتٍ مكَّـنتنا نحن البشر من حل بعض رموز وألغاز هذا الكون، كما سهلت لنا عمليات البحث والاستكشاف، ولكن وكما قال: فالتكنولوجيا التي ندين لها بالكثير لن تكون ممكنةً لولا تفكير أشخاص كانوا يملكون عقولاً مذهلةً كألبرت أينشتاين الذي وبتفكيره الرائع وضع نظرية النسبية التي ساهمت في تفسير وتوضيح ظواهر عديدة والذي تعرض لمهاجمات ومضايقات من معاصريه.
ينتقل ساغان بعد ذلك للحديث عن الأشياء التي يعقل حدوثها أو لا، مستنداً في حديثه على حوادث تاريخية كان أبطالها شخصياتٍ خدعت الناس، واستغلت جهلهم فأخذت تقنعهم بأشياء غريبة معتمدة على بعض الحيل والأكاذيب. وكما ذكر أيضاً حقائق علمية مثبتة مبيناً ان العلم هو الذي يملك أدلة واضحة ومقنعة.
كان ساغان من محبي الفضاء ومن أشد المهتمين بمعرفة أسراره، لذا دعا تلك الفتاة إلى رحلة فضائيةٍ لزيارة المجرات وكواكبها. صعدا بين النجوم وتوقفت المركبة قليلاً عند حافة الفضاء، فظهرت المجرات المختلفة كلٌ منها يسير وفق قوانين تمكنها من التحرك بأشكالٍ وأحوالٍ معينة ومحددة بعيدة عن الفوضى. وبدأت المركبة بالاقتراب من مجرة درب التبانة، المجرة التي تنتمي إليها عائلتنا الشمسية. كان الزمن وقتها قبل 4.6 بليون سنة، ورأت الفتاة بدء تشكُّل التضاريس على الأرض بسبب الاصطدامات التي حدثت بفعل الكويكبات والمذنبات، ورأت أيضاً تطور الحياة عليها. أما باقي كواكب مجموعتنا الشمسية فلم ينسها ساغان، فأخذ يتكلم عن كل كوكب منها مذكراً بالرحلات الفضائية التي تمت للتعرف على خصائص وصفات كل كوكب فبدأ بالحديث عن عطارد أقرب الكواكب إلى الشمس ومجاله المغناطيسي، ثم انتقل للحديث عن مُناخ الزهرة، ثم المريخ «الكوكب الأحمر» الذي تمكنت المركبات الفضائية من الهبوط على سطحه والتقاط العديد من الصور، وتكلم أيضاً عن زحل والمشتري وأقمار الكواكب وتسمياتها وتسميات التضاريس الموجودة على الكوكب. وتحدَّث أيضاً عن النيازك التي تسير في الفضاء مصطدمةً أحياناً بالكواكب مسببة فجوات وحفر.
وفي حديثه عن إمكانية معرفة أسرار الكون بأسره قال لها: "الكون سيكون معلوماً بصورة أو بأخرى، في نهاية المطاف فإن ذلك يعتمد ليس فقط على عدد قوانين الطبيعة التي تغطي ظواهر متباينة، ولكن على مدى انفتاحنا وقدراتنا الذهنية لتفهم تلك القوانين".
وهنا سألت الفتاة هل من الممكن أن توجد حياة أخرى في الجزء الآخر من الكون؟ وهل هي تفوقنا تقدماً؟ فقال ساغان "لا أحد يعلم ذلك حتى الآن" لكن الكثير من المباحثات والنقاشات التي تمت واعتمدت في نقاشاتها على تحليل مُناخ الكواكب الأخرى من أجل معرفة الجواب ولأن التقنيات التي نمتلكها مازالت غير قادرة على إيجاد الجواب الصحيح فمازال السؤال محيراً ويحتاج إلى الكثير من العمل والبحث.
وعند السؤال عن مصير مجرتنا وهل ستستمر في السير للأبد أم أنها ستنتهي مثل بعض المجرات؟ كان الحلم قد انتهى واستيقظت الفتاة ممسكة بيدها كتاب «رومانسية العلم».
الكتاب، والذي هو مجموعة من محاضرات للرائع «كارل ساغان»، يدعو في فصوله التسعة عشر إلى السؤال والتفكير وعدم تصديق أي شيء من دون براهين وأدلة. كما أنه يشرح وبأسلوب ساغان المبسط والممتع أهمية العلم والتكنولوجيا في كل ما توصلت إليه الأبحاث الفضائية فيقول: "غير أن العلم أكثر تعقيداً وبراعة، ويكشف عن كون أكثر ثراءً ويستثير بقوة شعورنا بالعجب والاندهاش، كما أن له فضيلة إضافية وهامة... وهي عمق المعاني التي تحملها الكلمات الصادقة."
معلومات الكتاب:
الكاتب: كارل ساغان.
عدد الصفحات: 260
المترجم: د. أيمن توفيق.