هل يمكننا الوصول إلى الخير الكامل؟
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> الفلسفة
وحين يقال عن كائن كلي الكمال إنه خيِّر، فلا يقصد دائمًا أنه مُسبِّب للخير أو أنه ليس سيئًا؛ بل إن خصائصَ نطلق عليها صفة الخير قد وُجدت مسبقًا لديه ولكن بصيغة أسمى (3).
الخير الشامل بمفهومَيه العام والخاص:
قد يتساءل الفرد عمَّا إذا كان هناك معيار عام لتحديد ما هو خير كامل؛ فقد يكون هناك التباس في مصطلح "الخير الكامل"؛ إذ يظن البعض أن البحث في خصائص "الخير الكامل" يختلف عن البحث في خصائص "الكمال المطلق"، وأن استخدام مصطلح "خير كامل"؛ أي وصف شخص ما بأنه خيِّر على نحو كامل، يماثل القول بأنه "كُلِّي الكمال"، إلى جانب أن القول عن كائن ما إنه خيِّر على نحو كامل يعني أن له الميزات كلها التي تجعل الكائن خيِّرًا بحدِّ ذاته، ويعبِّر مصطلح "الخير الكامل" عن الكمال عمومًا، وبناءً على ذلك، فإن القصد من وصف كائنٍ بأنه خيِّر على نحو كامل هو امتلاكُه لصفات تؤهله ليكون كائنًا كُلِّي الكمال (4).
ويمكن أحيانًا استخدام مصطلح "الخير الكامل" لوصف نوع معين من الكمال؛ أي طريقة معينة يمكن لشيء فيها أن يكون عظيمًا، وللدلالة على الحد الأقصى لهذه العظمة، وهكذا نرى أن الخير الكامل مُدرَج في لائحة مؤشرات الكمال التي يبديها كائنٌ كُلِّي الكمال، وبهذا لن يكون ذلك الكائن كُلِّي العلم والقدرة فحسب بل سيكون كُلِّي الخير كذلك (4).
وعلى الكائن كُلِّي الكمال أن يكون كُلِّي الخير بالضرورة؛إذ ينبغي عليه أن يتصرف بأفضل طريقة ممكنة، وأن يمتلك قيمة أخلاقية عظمى، ولكن أي كائن يتصرف بطريقة مثلى منطلقًا من إرادة حرة، لا بد أنه يمتلك قيمة أخلاقية أكبر من التي يتمثَّلها كائن يفعل ذلك لمجرد وجوبه، وتكمن المسألة هنا في تمتُّع هذا الكائن كُلِّي الكمال بنوع أو بدرجة من الحرية المطلوبة للمسؤولية الأخلاقية والامتنان والمديح (6,5).
ما الخير الكامل؟ أو بالأحرى، ما الميزة الكاملة التي يبديها كائن كُلِّي الكمال؟
يُفترض أن الكائنات الخيِّرة أخلاقيًّا تعامل رفاهية الإنسان والكائنات الواعية على أنها اعتبارات ذات أهمية عمليًّا؛ فالكائنات الخيِّرة أخلاقيًّا تُفضِّل إعلاء شأن رفاهية هذه الكائنات ونَبْذ معوقاتها، ومن المسلم به أن الخير الأخلاقي الكامل لا ينطوي على ما قد يناقض أو يهمل رفاهية الكائنات الواعية، وهذا يعني أن الادعاء بأن الخير الأخلاقي الكامل أمر مختلف بالنسبة إلى الكائن كُلِّي الكمال عما هو بالنسبة إلى الإنسان، وأنه ينطوي على عدم اكتراث الكائن كُلِّي الكمال بمعاناة المخلوقات، يُعدُّ إنكارًا لا تعزيزًا للافتراض الذي يقضي بأن الكائن كُلِّي الكمال يتصف بالخير الأخلاقي الكامل (4).
ويمكن أن نَعُدَّ الكائن البشري الذي يفشل في مجاراة معايير الخير الكامل كائنًا غير كامل بشكل أو بآخر، أو بالأحرى، يمكن أن نقول عن كائن كُلِّي العلم والقدرة أنه غير كامل إذا فشل في أن يكون كائنًا يتحلَّى بالخير الأخلاقي، ومن البديهي أن يكون الكائن كُلِّي الكمال ذا خير كامل، ولكن هذه الحجة لا تصلح لهذه الفرضية؛ وذلك لأن حقيقة أن الكائن الكامل X يجب أن يمتلك الميزة F، لا تدل على أن F تنتمي للميزات المثالية للكائن كُلِّي الكمال (4)، وعلى سبيل المثال: يملك الطير الكامل جناحين يمكنانه من الطيران، ولكن الكائن كُلِّي الكمال لا يحتاج إلى جناحين أو طرفين أساسًا.
إن "طبيعة" الكائن كُلِّي الكمال، التي تقضي بأنه كُلِّي العلم والمقدرة والخير، تتطلب منه أن يفعل أفضل ما لديه، وإذا لم يفعل ذلك، فلن يتوافق فعلُه مع كماله، ولكن ماذا لو كان الكائن كُلِّي الكمال مسؤولًا عن طبيعته وشخصيته؟ (5).
المصادر:
2. Pigden C. Russell’s Moral Philosophy [Internet]. Stanford Encyclopedia of Philosophy. Stanford University; 2021 [cited 2023 September 24]. Available from: هنا
3. Pasnau R. Thomas Aquinas [Internet]. Stanford Encyclopedia of Philosophy. Stanford University; 2022 [cited 2023 Sep 24]. Available from: هنا
4. Murphy M. Perfect Goodness [Internet]. Stanford Encyclopedia of Philosophy. Stanford University; 2013 [cited 2023 September 26]. Available from:
هنا
5. Rowe W. Divine Freedom [Internet]. Stanford Encyclopedia of Philosophy. Stanford University; 2007 [cited 2023 Sep 26]. Available from: هنا
6. Keller JG. On Perfect Goodness. Sophia. 2009;49(1):29–36 [cited 2023 September 26]. Available from: هنا